في المغرب، يضعف عزمنا، أحيانا، حين نكتشف أن ما نبذله من جهود كإعلاميين وكتابا لا يكفي لتصل أصواتنا إلى أشقائنا في المشرق، على الرغم مما يعرفه بعضهم عنا من فيض الأحاسيس وتدفقها أدبا، وعلما، وتاريخا، وحضارة.

مناسبة هذا الحديث شرطٌ أملته الذكرى الخامسة عشرة لإطلاق "إيلاف"، وهي من فتحت أعين جيل من الإعلاميين العرب على نمط جديد من الصحافة الثوابة، والسريعة، والمتفاعلة مع الأحداث ومع صناعها عبر العالم، قربت المغرب من أشقائه وعرفت بعضهم على الأضلاع الثلاثة لما نسميه اليوم بـ"الاستثناء المغربي" في الثبات على العقيدة والمذهب، وتكريس فضائل التعددية والانفتاح، والحفاظ على مصادر استقلال القرار وسياديته.

وإذا كان من تقدير نذكره اليوم لـ"إيلاف" ولصاحبها الأستاذ عثمان لعمير، فذلك يعود لقيمة الرجل، التي جعلته يكون أقرب ما يكون إلى مصادر القرار ورجالاته، مما أسعفه لنقل الأخبار من مصادرها الأصيلة، والصور بأبعادها الدقيقة عن بلد، مثل المغرب، حقيق بقيادته الرشيدة وبحكمتها وبتقديرها الصحيح للأمور.

لابد أن تشكل تجربة "إيلاف"، في نظري، موضوع بحث ودراسة لتقدير الضرورة الحتمية لوجود نوع من الإعلام (الراشد)، القادر على نقل روح المجتمع وقيمه، من مبدأ لا يجب أن تخر معه العزائم، حين لا تنجح في أن تكون مُصلحا (إعلاميا) لمجرد أنك تنوي أن تتحرى الموضوعية في بحر تتلاطمه أمواج، تجر نساء ورجال الصحافة أحيانا، إلى مربع يضيق حتى بأصحابه.

*كاتب وإعلامي مغربي