أعلنت الرئاسة العراقية اليوم موافقتها على تعديل قانون مثير للجدل يقضي بتنازل الرئيس معصوم عن صلاحياته الحصرية في الموافقة على أحكام الإعدام لصالح وزارة العدل، ما سيعجل بتنفيذ الحكم بثلاثة آلاف مدان، وذلك إرضاء لأحزاب وقوى شيعية انتقدت "تلكؤ" الرئاسة في المصادقة على إعدام إرهابيين، وخاصة بعد تفجيري الكرادة وبلد، اللتين راح ضحيتهما مؤخرًا حوالي 600 عراقي بين قتيل وجريح.

إيلاف من لندن: أعلن ديوان رئاسة الجمهورية الاربعاء المصادقة على قانون تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية المرقم (23) لسنة 1971. وأوضح ديوان الرئاسة في رسالة إلى مجلس النواب أن القانون أرسل للنشر في جريدة الوقائع العراقية الرسمية، كما قالت في بيان صحافي اطلعت على نصه "إيلاف".&

وصادق الرئيس معصوم اليوم أيضًا على تنفيذ حكم الاعدام بمجموعة جديدة من المدانين بالحكم من دون الكشف عن عددهم.

ضغوط واتهامات للرئاسة وتهديدات باقتحام السجون

ويأتي هذا القرار الرئاسي لينهي جدلاً واتهامات واسعة تكيلها احزاب ومليشيات شيعية عراقية للرئيس العراقي فؤاد معصوم بتعطيل تنفيذ احكام الاعدام بالمدانين في اعمال ارهابية وصلت إلى حد مطالبة نواب بإستجوابه في البرلمان ومساءلته عن اسباب هذا التعطيل ومبرراته.&

كما هددت مليشيات مسلحة بمهاجمة المعتقلات الحكومية وتنفيذ أحكام الإعدام بنفسها في حال امتناع الحكومة عن تنفيذها. وامس وصل اوس الخفاجي قائد ميليشيا أبو الفضل العباس إلى مدينة الناصرية عاصمة محافظة ذي قار(375 كم جنوب بغداد)، حيث السجن المركزي الذي يأوي حوالي 4 آلاف و600 سجين، بينهم 1000 محكوم بالاعدام من ضمنهم 200 يحملون جنسيات عربية واجنبية مهددًا باقتحامه وتنفيذ احكام الاعدام. وعلى الفور، أعلن محافظ ذي قار عادل الدخيلي فرض إجراءات أمنية مشددة حول السجن.. واكد تأمين السجن بالكامل وإحاطته بمنظومة أمنية متكاملة ومستعدة لمواجهة أي موقف أو تهديد يطاله.&

وكانت وزارة العدل قد اشتكت من عدم حصولها على المصادقة على مشروع قدمته لتعديل على المادة 270 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الخاصة بإعادة المحاكمة للإسراع بتنفيذ أحكام الإعدام، حيث ان تلك المادة تحصر المصادقة على تنفيذ احكام الاعدام بالرئاسة العراقية لكن التعديل الذي وافقت عليه اليوم يقضي بمنحها شهرًا للمصادقة، وبعكسه فإن وزارة العدل ستتولى تنفيذ الاحكام من دون انتظار مصادقة الرئاسة.

صلاحيات الرئيس الحصرية تنتقل إلى وزارة العدل

وجاءت مصادقة الرئاسة على مشروع قانون تعديل قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 بعد ارساله من الحكومة إلى البرلمان منذ ثلاث سنوات، وهو يتضمن وضع حكم جديد في القانون يقرر تحديد مدة شهر لرئاسة الجمهورية لتصديق الحكم وبعد الشهر يكون الحكم قابلاً للتنفيذ من وزارة العدل حتى ولو لم يصدر المرسوم الجمهوري المتضمن المصادقة على حكم الاعدام.

وقد شدد حيدر الزاملي وزير العدل المنتمي إلى حزب الفضيلة الاسلامي بقيادة المرجع الشيعي الشيخ محمد اليعقوبي، خلال مؤتمر صحافي في بغداد، على ضرورة الاسراع بتعديل قانون المحاكمات الجزائية وحصر إعادة المحاكمة بمرة واحدة، اضافة إلى تسريع المصادقة على الاحكام خلال فترة شهر واحد.. معتبرًا أن ذلك من شأنه المساهمة في تسريع عمليات تنفيذ الاعدام بحق المدانين".. مشيرًا إلى ان قانون المحاكمات الجزائية يحتوي على سبع فقرات تتيح امكانية إعادة المحاكمة، وهذا الامر يتيح امكانية الطعن بالقرارات الصادرة بحق المحكومين واعادة النظر فيها لعدد غير محدود يصل إلى سنوات، بحسب قوله.

توقعات بانتقادات دولية

واعتبرت مصادر عراقية، تحدثت مع "إيلاف"، هذا المقترح القانوني بمثابة التفاف على القانون الاساسي، وواحدًا من التبريرات القانونية لتمرير قوانين مشكوك في صدقيتها ودستوريتها بهدف تمريرها في البرلمان، وتجنب الاعتراض عليها، وخاصة من نواب القوى السنية التي لا تعترف بمعظم احكام الاعدام، التي استندت إلى المادة الرابعة من قانون الارهاب الذي يعتمد في احكامه على بلاغات من المخبر السري التي لا تقدم ادلة وشواهد ثابتة وموثقة على صدقية فعل ارتكاب جريمة الارهاب التي تقود المتهم بها عادة إلى حبل المشنقة.&

ويتوقع أن يثير تنازل الرئاسة العراقية عن صلاحياتها انتقادات حقوقية دولية واسعة، وخاصة من قبل منظمتي العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش اللتين تشككان بإستمرار بنزاهة القضاء العراقي وحياديته ومطالبتها بإعادة جميع المحاكمات التي افضت إلى صدور احكام الاعدام وضمان حق المتهمين بالدفاع عن انفسهم، وتوكيل محامين عنهم وعدم اعتماد اعترافاتهم التي انتزعت منهم بالتعذيب الشديد.

يذكر أن وزارة العدل قد نفذت منذ بداية العام الحالي وحتى الآن 45 حكمًا بالاعدام بعدد من المدانين في قضايا ارهابية وجنائية مختلفة وتوعد وزيرها بتنفيذ المزيد من الاعدامات خلال الفترة القليلة المقبلة.&

وأعادت السلطات العراقية العمل بتنفيذ عقوبة الإعدام عام 2004، بعدما كانت معلقة خلال المدة التي أعقبت سقوط النظام السابق ربيع عام 2003، وهو ما أثار انتقادات منظمات مناهضة لهذه العقوبة.