في حادث جديد يتسم بالصبغة الطائفية في محافظة المنيا في مصر، اندلعت نيران الفتنة في قرية جديدة في المحافظة نفسها، وقتل نجل قس وأصيب ثلاثة آخرون بسبب خلافات مع عائلة مسلمة، حول "لعب الأطفال". وأثار الحادث غضب المسيحيين في مصر، وأطلقوا حملة تحت عنوان "الأقباط مصريون"، ودعوا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى التدخل &لحمايتهم.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة:&في تكرار لمسلسل الاعتداء على المسيحيين في محافظة المنيا في&صعيد مصر، وبعد أقل من أسبوعين على احراق منازل أقباط في قريتي "كوم اللوفي" و"أبو يعقوب"، وبعد أقل من شهرين على واقعة "سحل إمراة مسنة" في قرية الكرم، قتل شخص وأصيب ثلاثة آخرون، في مشاجرة مع عائلة مسلمة في قرية طهنا الجبل في محافظة المنيا.

ووفقاً للرواية الرسمية للشرطة المصرية للحادث، فإن الأحداث بدأت أثناء مرور طفل مسلم يقود عربة كارو، وبرفقته 3 أطفال آخرين وقعت بينه وبين أطفال آخرين مسيحيين مشادة كلامية".

وأضاف محضر الشرطة، أن "طلب الطفل الذي يقود العربة من طفل صغير عمره نحو 5 سنوات إفساح الطريق للمرور بالعربة، فقام بعض المتواجدين بالشارع، بالاعتداء عليه بالضرب".

وتابعت الشرطة القول: "وعندما شعر الصبي بأن الأهالي تكاثروا عليه، استدعى عددًا من أقاربه، فحضر عدد من أهله، ووقعت مشاجرة أسفرت عن مقتل شخص يدعى "ماري"، 22 سنة وهو أحد أبناء عمومة القس متاوس نجيب، راعى كنيسة مار مينا في قرية طهنا الجبل، فيما أصيب اثنان آخران بينهما سيدة وتم نقلها إلى المستشفى العام".

وحسب رواية الكنيسة التي وردت على لسان، الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا وأبوقرقاص، فإن "عائلة اثنين من كهنة المنيا في قرية طهنا الجبل، تعرضت لاعتداءات بالهراوات والأسلحة البيضاء، ما أسفر عن وفاة فام ماري خلف الذي يبلغ من العمر 27 عاما، إثر طعنة نافذة في القلب، بينما أصيب نجيب حنا والد القس متاؤس بطعنات عديدة في الوجه، وملاك عزيز شقيق القس بطرس بطعنة نافذة في الجانب الأيمن، وعزة جمعة (إحدى الجارات) بإصابات خفيفة بالوجه".

حزن ممزوج بالغضب

وانتشرت قوات الأمن في القرية، وكثفت من تواجدها، وألقت القبض على المشتبه بهم، بينما شيع المسيحيون قتيلهم، وسط حالة من الحزن الممزوج بالغضب، لاسيما مع تكرار أعمال العنف بحقهم، على أتفه الأسباب. وهتف المشيعون: "بالروح بالدم.. نفديك يا صليب"، و"افرحي يا أم الشهيد.. النهاردة ليلة عيد".

وأطلق المسيحيون حملة باسم "الأقباط مصريون"، وطالبوا الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل، وكتب الأنبا مكاريوس مشاركاً فيها: "للتذكرة فقط.. سيادة الرئيس الأقباط مصريون والمنيا محافظة مصرية".

كما طالب الناشط القبطي، نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان الرئيس السيسى باسناد إدارة المنيا وأمنها إلى القوات المسلحة المصرية بعد فشل محافظها ومدير أمنها في إرساء قواعد الأمن والأمان، على حد قوله.

وأضاف في تصريح لـ"إيلاف" أن ما يحدث في المنيا من اعتداءات وحرق منازل الأقباط هي وقائع لا يمكن السكوت عنها خاصة أن تكرارها في أقل من أسبوعين وانتشارها في أكثر من قرية ومرجعها لأسباب واحدة وهي شائعات عن قيام مواطن بتحويل منزله إلى كنيسة وهو على غير الحقيقة.

&واتهم من وصفهم بـ"السلفيين المتشددين" بتنصيب أنفسهم سلطات أولى الأمر فيقومون بتجمهر وهدم وحرق منازل الأقباط، بل وصل الأمر إلى مقتل شاب وهو نجل كاهن القرية وإصابة أربعة،&كما اتهم الأجهزة الأمنية& بـ"العجز عن رد هذه الاعتداءات عن الأقباط"، مشيراً إلى أن "استمرار تمسك محافظ المنيا بأن الجلسات العرفية هي الحل، أعطى الشرعية لهؤلاء المعتدين". على حد تعبيره،&وتابع: "إنه نظرا لغياب القانون، فقد حدث في أقل من أسبوعين بالإضافة إلى تعرية سيدة المنيا، حرق منازل الأقباط ونهبها في قرية كوم اللوفي، وأبو يعقوب، وقتل نجل كاهن وإصابة أربعة آخرين وإخلاء سبيل من قام بتعرية السيدة سعاد سيدة قرية الكرم، لذا لابد من أن يصدر الرئيس السيسى قرارًا جمهوريًا بتكليف القوات المسلحة بإدارة محافظة المنيا، واعتبار أن ما ارتكب من جرائم ضد الأقباط والاعتداء على الكنائس في محافظة المنيا هي جرائم إرهابية"،&ودعا إلى "تعويض جميع المتضررين من هذه الأعمال الإجرامية تعويضًا كاملًا من الدولة، وإصدار قرار جمهوري بإلغاء ما يسمى بالجلسات العرفية، وسرعة إصدار قانون بناء دور العبادة الموحد".

٤ حوادث طائفية

وشهدت محافظة المنيا وحدها أربعة حوادث طائفية في أقل من شهرين، وقعت ثلاثة حوادث منها في أقل من أسبوعين، بينما رصدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حوالى 77 حالة توتر وعنف طائفي في مختلف مراكز محافظة المنيا منذ 25 يناير 2011، مشيرة إلى أن هذا الرقم لا يتضمن حالات العنف والاعتداءات على الكنائس والمباني الدينية والمدارس والجمعيات الأهلية والممتلكات الخاصة التي تعرض لها الأقباط خلال الفترة من 14 إلى 17 أغسطس 2013 عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة.

وأضافت المبادرة وهي منظمة حقوقية في تقرير لها، أن استمرار نهج أجهزة الدولة في التعامل مع هذه الانتهاكات من خلال جلسات الصلح العرفي، يساهم في إعادة إنتاج أجواء التوتر، وخلق بيئة حاضنة لتحول أي نزاع مدني بين مواطنين إلى اعتداءات طائفية وأعمال عنف وما يترتب عليها من عقاب جماعي، بالإضافة إلى ترسيخ قناعة لدى قطاع من المواطنين بأنهم يملكون حق تقرير ممارسة الشعائر الدينية لمواطنين آخرين.

ولفتت إلى أن الحوادث "تعددت بين اعتداءات بالعصي والأسلحة البيضاء، ومهاجمة المنازل وسرقتها ونهبها وحرقها، وشهدت المحافظة عدة حوادث عنف طائفي في الفترة الأخيرة أبرزها تعرض عائلة اثنين من رجال الدين المسيحي في قرية طهنا الجبل لاعتداءات بالعصي والأسلحة البيضاء، ما أسفر عن وفاة فام ماري خلف وإصابة ثلاثة آخرين بطعنات في الجسم".

تحويل منزل الى كنيسة

وتابعت: "حادث آخر تورط فيه عدة مئات من مسلمين غاضبين في قرية نزلة أبو يعقوب في مركز المنيا، فهاجموا منازل عدد من الأقباط ونهبوا وحرقوا خمسة منها بحجة تحويل منزل إلى كنيسة، كما قام مسلمون في قرية كوم اللوفي في&مركز سمالوط بمهاجمة منزل أيوب خلف فهمي ـ تحت الإنشاء- بحجة أنه كنيسة، وأشعلوا النيران فيه، كما أشعلوا النيران بأربعة منازل مجاورة يمتلكها أشقاؤه".

وقال إسحق إبراهيم، الباحث في المبادرة المصرية: "فشلت الحكومة في تعاملها مع ملف علاقات المسيحيين بالمسلمين والاعتداءات ذات البعد الطائفي من خلال سيطرة وجهة النظر الأمنية فقط، إذ يتم النظر إلى المشكلات كحوادث منفصلة في غياب أي رؤية شاملة للأسباب أو المظاهر أو الحلول، وعادة ما تكون الحلول قاصرة، وقصيرة النظر، وفي أغلب الأحوال غير قانونية".

وأضاف: "في بعض الحالات، وعلى الرغم من علمها بوجود توترات وتواجدها في المكان وقعت الاعتداءات، وجاءت التعزيزات متأخرة".

وأوضح أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ستطلق خلال أيام حملة للتعريف بمشاكل بناء وترميم الكنائس، من أجل إصدار قانون منصف لبناء الكنائس يتفق مع حق ممارسة الشعائر الدينية المنصوص عليه في الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.