طرابلس: شنت الولايات المتحدة الاثنين ضربات جوية ضد مواقع تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة سرت الليبية بطلب من حكومة الوفاق الوطني، وذلك للمرة الاولى منذ انطلاق العملية العسكرية الهادفة الى استعادة المدينة المتوسطية من ايدي الجهاديين.

ومع اولى الضربات الاميركية في ليبيا، يكون التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة قد فتح جبهة جديدة في الحرب مع تنظيم الدولة الاسلامية الذي يواجه حملة عسكرية دولية في كل من العراق وسوريا.

وقال رئيس حكومة الوفاق فايز السراج في كلمة متلفزة ان حكومته طلبت "دعما مباشرا من الولايات المتحدة الاميركية بتوجيه ضربات جوية محددة لمعاقل تنظيم الدولة داعش في مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) وضواحيها".

واضاف "بالفعل فقد بدأت أولى هذه الضربات اليوم على مواقع محددة في مدينة سرت محدثة خسائر فادحة في صفوف العدو وآلياته ولذا فقد استطاعت قواتنا الميدانية السيطرة على مواقع استراتيجية".&

وفي واشنطن، اكدت وزارة الدفاع الاميركية شن الغارات بطلب من حكومة الوفاق الوطني المدعومة من المجتمع الدولي والامم المتحدة.

وقال المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك في بيان "بطلب من حكومة الوفاق الوطني الليبية، شنّ جيش الولايات المتحدة غارات محددة على اهداف لتنظيم الدولة الاسلامية في سرت في ليبيا لدعم قوات هذه الحكومة في مسعاها لهزم داعش في معقلها الاساسي في ليبيا".

وشدد على ان هذه الغارات "ستتواصل".

من جهته، اوضح مسؤول في البيت الابيض ان الرئيس الاميركي باراك اوباما "سمح للقوات المسلحة الاميركية بشن ضربات لدعم قوات حكومة الوفاق الوطني بطلب من رئيس الوزراء فايز السراج".

اطار زمني محدد

وكانت القوات الحكومية الليبية التي تضم خليطا من الجماعات المسلحة ووحدات صغيرة من الجيش المفكك اطلقت قبل اكثر من شهرين عملية "البنيان المرصوص" بهدف استعادة مدينة من ايدي تنظيم الدولة الاسلامية بعدما خضعت لسيطرته لأكثر من عام.&

وبعد التقدم السريع الذي حققته القوات الحكومية في بداية عمليتها العسكرية، عادت العملية وتباطأت بفعل المقاومة التي يبديها عناصر التنظيم المتطرف الذين يعتمدون على القناصة والسيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون.

وقتل في العملية العسكرية منذ انطلاقها في 12 مايو نحو 300 عنصر من القوات الحكومية واصيب اكثر من 1500 بجروح، بحسب مصادر طبية في مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، مركز قيادة العملية العسكرية.

والضربات الاميركية الاثنين هي الاولى في سرت منذ بداية العملية العسكرية، كما انها اولى ضربات اجنبية ضد مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية في المدينة يتم تنفيذها بطلب من الحكومة الليبية.

وقال المسؤول في البيت الابيض ان المساندة العسكرية الاميركية لحكومة الوفاق في حربها مع تنظيم الدولة الاسلامية "ستكون محدودة بالضربات وتبادل المعلومات".

بدوره، شدد السراج في كلمته على ان العملية "في هذه المرحلة تأتي في اطار زمني محدد ولن تتجاوز مدينة سرت وضواحيها"، من دون ان يحدد الاطار الزمني.

ولم يستبعد رئيس حكومة الوفاق ان ترسل الولايات المتحدة الى ليبيا مجموعات عسكرية للقيام بمهمات لوجستية فنية غير قتالية.

وقال "اؤكد انه لن يكون هناك اي تواجد عسكري قتالي على الارض وسيختصر اي تواجد ان احتاج الامر بالدعم الفني واللوجستي فقط".

اعلان متزامن واحداثيات

وأوضح مسؤول في غرفة قيادة عملية البنيان المرصوص لوكالة فرانس برس ان الغارات الاميركية جاءت بعد دخول الجانبين الليبي والاميركي في "مفاوضات اسفرت عن اتفاق مكتوب، تضمن تفاصيل فنية وشروطا محددة، ومن بينها ضرورة اعلان الجانبين الليبي والاميركي عن العمليات بشكل متزامن".

كما طلب الجانب الليبي بحسب هذا المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه "ضرورة إخطاره مسبقا بتوقيت الغارات واحداثيات المواقع المستهدفة بما يضمن عدم التعرض لقوات البنيان المرصوص ولا اعاقة تقدمها".&

وسبق للولايات المتحدة ان شنت ضربات ضد مجموعات متطرفة في مناطق متفرقة من ليبيا في الاعوام الخمسة الاخيرة، بينها ضربة جوية في فبراير الماضي استهدفت منزلا في مدينة صبراتة (70 كلم غرب طرابلس) كان يستخدمه تنظيم الدولة الاسلامية كمعسكر، في غارة قتل فيها 49 شخصا.

وفي ظل تراجعه في سوريا والعراق حيث يتعرض لحملة جوية من قبل التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وجد تنظيم الدولة الاسلامية في الفوضى الامنية التي تشهدها ليبيا منذ انتفاضة العام 2011 موطئ قدم اتاح له تأسيس قاعدة تدريب وتجنيد في هذا البلد الغني بالنفط.

والى جانب سيطرته على مدينة سرت التي تبعد نحو 300 كلم فقط عن السواحل الاوروبية، يتواجد تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة بنغازي (الف كلم شرق طرابلس) حيث يخوض معارك مع قوات موالية للبرلمان المعترف به دوليا يقودها الفريق اول خليفة حفتر.

وتقوم مجموعة عسكرية فرنسية بمساندة القوات التي يقودها حفتر في حربها مع تنظيم الدولة الاسلامية وجماعات إسلامية اخرى عبر مراقبة تحركات هذه التنظيمات، بحسب ما اعلنت باريس.

وقد اثار اعلان السلطات الفرنسية عن تواجد عسكري في شرق ليبيا موجة احتجاجات في العاصمة طرابلس ومدن الغرب الليبي الاخرى الخاضعة لسلطة حكومة الوفاق هذا الشهر.

وفي كلمته، جدد السراج رفض حكومته لأي مساندة عسكرية لا تتم بالتنسيق مع حكومته، في اشارة الى العمليات الفرنسية.

وقال "نكرر من هنا رفضنا التام لتدخل اي دولة كانت ومحاولة انتهاك السيادة الوطنية وان اي دعم مقدم يجب ان يكون بطلب مباشر من حكومة الوفاق الوطني".