اعلنت قوات حكومة الوفاق الليبية الثلاثاء انها احكمت سيطرتها بالكامل على حي اضافي في وسط مدينة سرت لتضيق بذلك الخناق على تنظيم الدولة الاسلامية الذي تعرضت مواقعه في المدينة المتوسطية الاثنين لضربات جوية اميركية.
طرابلس: جاء الاعلان عن التقدم الميداني بعد ساعات على تنفيذ الولايات المتحدة غارات جوية على مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية في سرت، كانت الاولى منذ اطلاق القوات الحكومية الليبية العملية العسكرية الهادفة الى استعادة المدينة من ايدي الجهاديين في مايو.
حي الدولار
ونشرت القوات الحكومية على صفحتها على موقع "فايسبوك" الثلاثاء رسما بيانيا اوضحت فيه انها باتت تسيطر بشكل كامل على حي الدولار في وسط سرت (450 كلم شرق طرابلس) الذي اقتحمته الاحد.
وبحسب الرسم البياني، انتقلت الاشتباكات الى منطقة قصور الضيافة الواقعة بين حي الدولار ومركز قاعات واغادوغو، المقر الرئيس لتنظيم الدولة الاسلامية في سرت.
وقتل في معارك الاثنين التي خاضتها القوات الحكومية مع تنظيم الدولة الاسلامية في حي الدولار خمسة عناصر من القوات الحكومية، واصيب 17 عنصرا بجروح، بحسب بيان رسمي.
وكانت القوات الحكومية الليبية التي تضم خليطا من الجماعات المسلحة ووحدات صغيرة من الجيش المفكك اطلقت قبل اكثر من شهرين عملية "البنيان المرصوص" لاستعادة سرت الخاضعة لسيطرة التنظيم المتطرف منذ يونيو 2015.&
وحققت القوات الحكومية في بداية عمليتها العسكرية تقدما سريعا، لكن العملية عادت وتباطأت بفعل المقاومة التي يبديها عناصر التنظيم "الجهادي" الذين يعتمدون على القناصة والسيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون.
وقتل في العملية العسكرية منذ بدئها في 12 مايو اكثر من 300 عنصر من القوات الحكومية واصيب اكثر من 1500 بجروح، بحسب مصادر طبية في مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) حيث مركز قيادة عملية "البنيان المرصوص".
خمس غارات&
ومع استمرار بطء التقدم الميداني والخسائر البشرية في صفوف القوات الحكومية، اعلنت حكومة الوفاق الوطني المدعومة من المجتمع الدولي الاثنين عن ضربات جوية اميركية بناء على طلب منها.
وقال رئيس الحكومة الليبية فايز السراج في كلمة متلفزة ان حكومته طلبت "دعما مباشرا من الولايات المتحدة الاميركية بتوجيه ضربات جوية محددة". وهو ما اكدته وزارة الدفاع الاميركية معلنة استهداف دبابة واليات تابعة لتنظيم الدولة الاسلامية.
واوضحت القوات الحكومية في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه الثلاثاء ان الطائرات الاميركية شنت الاثنين خمس غارات استهدفت مواقع واليات لتنظيم الدولة الاسلامية. وكان المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك اكد في بيان امس ان هذه الغارات "ستتواصل".
وقام السراج بزيارة الى مركز قيادة عملية "البنيان المرصوص" في مصراتة حيث شدد على "وضع كل الامكانيات المتاحة لدعم قوات" حكومته، بحسب بيان نشر على موقع الحكومة اليوم.
واعتبر الباحث في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ماتيا توالدو ان "القوات الحكومية تحتاج دعما جويا رغم انها تملك قوة جوية الا ان هذه القوة لا تقارن بالدعم الذي يمكن ان تحصل عليه من الولايات المتحدة".
جبهة جديدة&
ومع اولى الضربات الاميركية في سرت، يكون التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة فتح جبهة جديدة في الحرب مع تنظيم الدولة الاسلامية الذي يتعرض لحملة عسكرية دولية في كل من العراق وسوريا.
وسبق للولايات المتحدة ان شنت ضربات ضد مجموعات متطرفة في مناطق متفرقة من ليبيا في الاعوام الخمسة الاخيرة، بينها ضربة جوية في فبراير الماضي استهدفت منزلا في مدينة صبراتة (70 كلم غرب طرابلس) كان يستخدمه تنظيم الدولة الاسلامية كمعسكر، في غارة قتل فيها 49 شخصا.
وفي ظل تراجعه في سوريا والعراق، حيث يتعرض لحملة جوية من قبل التحالف الدولي، وجد تنظيم الدولة الاسلامية في الفوضى الامنية التي تشهدها ليبيا منذ انتفاضة العام 2011 موطئ قدم، اتاح له تاسيس قاعدة تدريب وتجنيد في هذا البلد الغني بالنفط.
والى جانب سيطرته على مدينة سرت التي تبعد نحو 300 كلم فقط عن السواحل الاوروبية، يتواجد تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة بنغازي (الف كلم شرق طرابلس) حيث يخوض معارك مع قوات موالية للبرلمان المعترف به دوليا يقودها الفريق اول خليفة حفتر.
اقل إشكالية
وتقوم مجموعة عسكرية فرنسية بمساندة القوات التي يقودها حفتر في حربها مع تنظيم الدولة الاسلامية وجماعات اسلامية اخرى عبر مراقبة تحركات هذه التنظيمات، بحسب ما اعلنت باريس.
اثار اعلان السلطات الفرنسية عن تواجد عسكري في شرق ليبيا موجة احتجاجات في العاصمة طرابلس ومدن الغرب الليبي الاخرى الخاضعة لسلطة حكومة الوفاق هذا الشهر.
ويرى توالدو ان الدور العسكري الاميركي في ليبيا "اقل اشكالية" من الدور الفرنسي على اعتبار ان القوات الاميركية تقصف اهدافا محددة لتنظيم الدولة الاسلامية، وليست منخرطة في "الحرب الداخلية" في بنغازي كما هي الحال بالنسبة الى القوات الفرنسية. ورغم ذلك، يقول توالدو ان السراج سيتعرض للمساءلة حيال "الجهة التي منحته الحق في طلب تنفيذ الغارات".&
دعم فرنسي كامل لحكومة الوفاق
من جهتها اكدت فرنسا من جديد "دعمها الكامل" لحكومة الوفاق الوطني الليبية التي يرئسها فايز السراج وذلك بعد اسبوع من مطالبته باريس "بتوضيحات رسمية" عن الوجود العسكري الفرنسي في ليبيا. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان ان وزير الخارجية جان مارك آيرولت وفي اتصال هاتفي مع السراج "جدد دعم فرنسا الكامل لحكومة الوفاق الوطني في عملها من اجل توحيد ليبيا واعادة بناء مؤسساتها".
واوضح البيان ان الوزير الفرنسي "اكد مجددا رغبة فرنسا في تعزيز تعاونها مع هذه الحكومة في كل المجالات بدءا من الامن ومكافحة الارهاب". واضاف البيان ايضا ان وزير الخارجية الفرنسي "رحب بقرار السلطات الليبية طلب مساعدة دولية تتمثل في ضربات اميركية على اهداف ارهابية في سرت".
وكان السراج طلب في 26 يوليو من فرنسا تقديم توضيحات عن الوجود العسكري الفرنسي في شرق ليبيا، حيث مقر حكومة غير معترف بها دوليا، معتبرا انه "تجاوز للاعراف الدولية وتدخل مرفوض تماما". وقام السراج باستدعاء السفير الفرنسي لدى ليبيا انطوان سيفان المقيم في تونس، والتقى به على هامش القمة العربية التي عقدت في الاسبوع الماضي في نواكشوط "ليبلغه احتجاج ليبيا الرسمي على التواجد الفرنسي في المنطقة الشرقية".
وكانت فرنسا اضطرت في منتصف يوليو للاعتراف بوجود عسكري لها في ليبيا مع مقتل ثلاثة جنود فرنسيين في تحطم مروحية في الشرق الليبي، مما تسبب بتظاهرات في مدن عدة في غرب هذا البلد الغني بالنفط بينها العاصمة طرابلس ومصراتة (200 كلم شرق طرابلس).
وتعترف فرنسا والدول الكبرى بشرعية حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، لكنها تساند رغم ذلك القوات الموالية لحكومة موازية تتخذ من شرق ليبيا مقرا لها وترفض تسليم السلطة الى حكومة الوفاق. وتخوض هذه القوات بقيادة الفريق اول خليفة حفتر منذ اكثر من عامين معارك يومية في مدينة بنغازي (الف كلم شرق طرابلس) ضد جماعات مسلحة معارضة بينها تنظيمات متطرفة على راسها تنظيم الدولة الاسلامية.
&
التعليقات