باريس: حذر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الجمعة من ان مشروع الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس يمكن ان يدفع الفلسطينيين الى "التراجع عن الاعتراف بدولة اسرائيل".

وخلال حملته الانتخابية وعد ترامب الذي سيتولى مهامه في الاسبوع المقبل، بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس، في خطوة ستشكل اذا حدثت قطيعة مع السياسة التي اتبعتها الولايات المتحدة وكذلك الجزء الاكبر من الاسرة الدولية، حيال قضية القدس.

وفي الواقع، يشكل وضع القدس واحدة من اكبر القضايا الشائكة لتسوية النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. وتعتبر اسرائيل القدس عاصمتها "الابدية والموحدة" بينما يريد الفلسطينيون جعل الشطر الشرقي العربي من المدينة الذي تحتله الدولة العبرية منذ 1967، عاصمة للدولة التي يتطلعون اليها.

وقال عباس في مقابلة مع صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية "كتبت الى الرئيس ترامب لكي أطلب منه عدم القيام بذلك". واضاف ان "هذه الخطوة لن تؤدي الى حرمان الولايات المتحدة من اي شرعية للعب دور في النزاع فحسب، بل سيقضي على حل الدولتين ايضا". 

وتابع الرئيس الفلسطيني أنه إذا طبقت هذه الخطة، "فستكون هناك خيارات عدة" لدى الفلسطينيين، موضحا ان "التراجع عن اعترافنا بدولة اسرائيل سيكون احدها، لكننا نأمل ألا نصل إلى ذلك وان نستطيع بالمقابل العمل مع الإدارة الأميركية المقبلة". 

وفي حدث استثنائي، طلب الفلسطينيون من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تدخل موسكو لمنع نقل السفارة الاميركية الى القدس.
وقال صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الجمعة انه نقل الرسالة من عباس الى بوتين خلال زيارة الى موسكو التقى خلالها بوزير الخارجية سيرغي لافروف. 

وقال عريقات "نقلت رسالة خطية من عباس الى بوتين وبصراحة كانت تطلب من بوتين المساعدة" بعد ان "وصلتنا معلومات تفيد ان الرئيس الاميركي المنتخب (دونالد) ترامب سيقوم بنقل السفارة الى القدس وهذا يعتبر بالنسبة الينا خطا احمر وامرا خطيرا".

اسرائيل تخشى قرارا دوليا جديدا
دان مفتي فلسطين الشيخ محمد حسين في خطبة الجمعة خطة ترامب نقل السفارة الاميركية الى القدس، معتبرا انها "اعتداء على المسلمين" في جميع انحاء العالم. 

وقال الشيخ حسين في خطبته في المسجد الاقصى في القدس الشرقية المحتلة، ان "الوعد بنقل السفارة من قبل الرئيس المنتخب ليس اعتداء على الفلسطينيين فقط بل على العرب والمسلمين، ولن يسكت المسلمون والعرب وهم يرون العدوان يتحقق خلال نقل السفارة الى القدس المحتلة". 

يأتي ذلك، بينما تجتمع اكثر من سبعين دولة في باريس الاحد لتأكيد ان حل الدولتين يشكل الحل الوحيد لتسوية النزاع الفلسطيني الاسرائيلي. وينوي مؤتمر باريس احياء عملية السلام المتوقفة منذ ابريل 2014 وسط مخاوف من تصاعد العنف اذا اعترف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل.

وقال عباس ان مؤتمر باريس "ربما يكون الفرصة الاخيرة لتنفيذ" حل الدولتين. واضاف "نحن كفلسطينيين نقول كفى. بعد سبعين عاما من المنفى وخمسين عاما من الاحتلال، يجب أن يكون 2017 عام العدالة والسلام والحرية لشعبنا".

من جهته، صرح سفير اسرائيل لدى الامم المتحدة الجمعة انه يخشى قرارا جديدا لمجلس الامن يدعم الفلسطينيين بعد مؤتمر باريس الدولي حول الشرق الاوسط. غير ان السفير السويدي اولوغ سكوغ الذي يترأس مجلس الامن في يناير قال انه لا علم له بنص من هذا النوع.

وقال السفير الاسرائيلي في بيان "نشهد محاولة للترويج لمبادرة اللحظة الاخيرة قبل تولي الادارة الاميركية الجديدة" مهامها، مضيفا ان "انصار الفلسطينيين يسعون الى اجراءات اخرى ضد اسرائيل في مجلس الامن".

ومن المقرر ان يجتمع مجلس الامن الدولي الثلاثاء لبحث النزاع الفلسطيني الاسرائيلي للمرة الاولى منذ صدور قرار المجلس بادانة الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية وتاكيد عدم قانونيته.

كان مسؤولون اميركيون عدة حذروا من نقل السفارة الاميركية الى القدس، من بينهم وزير الخارجية المنتهية ولايته جون كيري الذي تحدث عن "خطر انفجار شامل في المنطقة". وكان الرئيسان السابقان جورج بوش وبيل كلينتون لم ينفذا وعودا قطعاها خلال حملتيهما الانتخابيتين بنقل السفارة الى القدس.

لكن مستشارة قريبة من ترامب كيليان كونواي قالت في ديسمبر ان هذه الخطوة هي "اولوية كبرى" للرئيس الاميركي المقبل.
وعين ترامب ديفيد فريدمان سفيرا للولايات المتحدة لدى اسرائيل. وقد صرح فور اعلان تعيينه انه ينتظر بفارغ الصبر القيام بمهمته "في العاصمة الابدية لاسرائيل، القدس".