كشف مصدر دبلوماسي لـ"إيلاف" أن إيران تقف في وجه كل نص بيان ختامي يتم التوافق عليه في مؤتمر أستانة، الذي بدأ أمس ويستمر اليوم بين وفد الفصائل العسكرية من المعارضة السورية ووفد النظام السوري برعاية ثلاثية تركية إيرانية روسية.

إيلاف: أكد المصدر أنه "بدا واضحًا أَن إيران هي من تحاول عرقلة مسار أي حل سياسي أو وقف شامل لإطلاق النار". ولفت إلى أن الوفد الإيراني برئاسة حسين جابري أنصاري، معاون وزير الخارجية، هدد بالانسحاب من المؤتمر، ورفض إلقاء كلمة بلاده في بداية افتتاح المؤتمر، وذلك بعد تغيير كبير في أجندة الاجتماع، لتتعارض مع مطالب طهران.


الوفد الإيراني غاضب 
وأشار إلى "أن وفد الفصائل المعارضة السورية المشاركة في الاجتماع طلب عدم اللقاء بوفد نظام بشار الأسد بشكل مباشر، وأكد أن وفد المعارضة أصرّ على بحث ملف تثبيت وقف إطلاق النار، وإدراج بيان جنيف 1 في البيان الختامي، وهو ما أثار غضب الوفد الإيراني، الذي يحاول الالتفاف على القرارات الدولية، بتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، وجعلها حكومة وحدة وطنية".


وكان التلفزيون الرسمي الإيراني نقل أمس أن رئيس الوفد الإيراني إلى أستانة حسين جابري أنصاري سيتابع الأفكار"التي وردت في مبادرة بلاده حيال الأزمة السورية، والتي أعلنت عنها عام 2015، والمتضمنة "حكومة وطنية" برئاسة بشار الأسد، وإجراء تعديلات معينة في الدستور السوري، ثم إجراء انتخابات".


ولفت إلى أن طهران من خلال المؤتمر تسعى إلى وضع أساس للحل السياسي في سوريا، على مقاس سياستها هناك وفي المنطقة. وقال المصدر إن المعارضة السورية تصر على اعتبار الاجتماع ركيزة لتثبيت وقف إطلاق النار على الأراضي السورية كافة، وإرجاء البحث في الحل السياسي إلى مكانه المتفق عليه دوليًا وبمرجعيته الأممية، في "جنيف" والقرارات الدولية التي تشكل مرجعيته الوحيدة.


اجتماع في موسكو 
وكان العدد الحقيقي لوفد الفصائل 40 شخصية، 13 منهم هم من الفصائل العسكرية، والمستشارون في الوفد كانوا جزءًا من الائتلاف الوطني وهيئة المفاوضات والمجلس الوطني الكردي. ولا يوجد حضور سياسي لباقي منصات المعارضة، بل جرى الاكتفاء بالفصائل العسكرية.

في حين أكدت مصادر متطابقة لـ"إيلاف" أن هناك اجتماعًا مقبلًا في موسكو لبقية المنصات السياسية كـ(موسكو – القاهرة – أستانة – حميميم) في أواخر الشهر الجاري.


‎وعلمت "إيلاف" أن أحمد الجربا رئيس تيار الغد السوري والقيادي في منصة القاهرة مدعو إلى موسكو في الاجتماع الجديد من دون أن تؤكد المصادر هل سلمه الدعوة السفير الروسي في مصر خلال لقائه معه أخيرًا في القاهرة.

وقال الناطق باسم تيار الغد السوري، منذر آقبيق، إنّ "التيّار يعتزم إجراء زيارة رسمية إلى موسكو خلال الأسابيع القليلة المقبلة سواء ضمن إطار اجتماع واسع للمعارضين السوريين أو منفردًا".

‎وأشار إلى أن "الحكومة الروسية تسعى إلى عقد اجتماع لسياسيين معارضين في موسكو، وتيار الغد سوف يكون جزءًا من هذا الاجتماع في حال عقده، وفي الأحوال كافة هناك احتمال كبير لإجراء زيارة رسمية إلى موسكو خلال الأسابيع القليلة المقبلة سواء ضمن إطار اجتماع واسع، أو لتيار الغد منفردًا".

عرقلة مفاوضات 
المصادر الدبلوماسية نفسها ذكرت أنه قبيل انعقاد اجتماع أستانة كانت هناك محاولات من طهران لعرقلة المفاوضات، حيث رفضت إيران دعوة المملكة العربية السعودية وقطر إلى الحضور والمشاركة، إضافة إلى رفض توجيه الدعوة إلى الولايات المتحدة الأميركية، والذي تجاهلته موسكو لتوطيد علاقة جيدة مع قيادة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، فقررت واشنطن إرسال سفيرها في كازاخستان للحضور.

وقال مساعد رئيس مجلس الشورى الإسلامي للشؤون الدولية، حسين أمير عبد اللهيان، السبت، مهاجمًا الفصائل السورية المعارضة التي ستحضر اجتماع أستانة، إن "المبادرة بعقد اجتماع كازاخستان جديرة بالاهتمام، لكن أي حل سياسي يجب ألا يحوّل إرهابيي الأمس إلى ساسة اليوم"، على حد قوله.

بيان ختامي 
‎هذا وتسربت مسودة البيان الثلاثي لمفاوضات أستانة جاء فيها أنه بيان مشترك صادر من إيران وروسيا وتركيا حول اللقاء الدولي المتعلق بسوريا في أستانة 23 - 24 يناير 2017.

وقال البيان ‎إن وفود الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وروسيا الاتحادية والجمهورية التركية، وبالتوافق مع البيان المشترك الصادر من وزراء خارجيتهم في موسكو في 20 ديسمير 2016، وبالتوافق مع قرار مجلس الأمن 2336؛ ‎تدعم إطلاق المحادثات بين حكومة الجمهورية العربية السورية ومجموعات المعارضة المسلحة بوساطة من الأمم المتحدة في أستانة في 23 و24 يناير2017؛
كما ‎تثمّن مشاركة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا وتيسيره للمحادثات؛ و‎تكرر تأكيد التزامها بسيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية بوصفها دولة علمانية ديمقراطية غير طائفية ومتعددة الأعراق والأديان، كما نص على ذلك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

أضاف البيان أن "الوفود ‎تعبّر عن قناعتها بأنه لا وجود لحل عسكري للصراع في سوريا، وتعلن استعدادها لتحقيق تسوية سياسية سلمية بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن 2254 وقرارات المجموعة الدولية لدعم سوريا، التي تنص على أن السوريين أنفسهم هم من يقررون مستقبل بلدهم".

وتابعت: "‎إنه لا يمكن إنهاء الصراع في سوريا إلا من خلال حل سياسي، عبر عملية انتقال سياسية، يقوم بها ويقودها السوريون، وتشمل السوريين كافة، بالاستناد إلى قراري مجلس الأمن رقم 2118 (2013) و2254 (2016)".

تثبيت الهدنة
وأكد البيان "ستسعى من خلال خطوات ملموسة وباستخدام نفوذها على الأطراف إلى تعزيز نظام وقف إطلاق النار الذي أسس بناء على الترتيبات الموقعة في 29 ديسمبر 2016، والتي دعمها قرار مجلس الأمن 2336 (2016) والتي تسهم في تقليل الخروقات وتخفيض حجم العنف وبناء الثقة وضمان وصول المساعدات الإنسانية بسرعة وسلاسة ودون معوقات، بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2165 (2014) وضمان حماية وحرية حركة المدنيين في سوريا".

‎أضاف أنه "تقرر النظر في إنشاء آلية ثلاثية الأطراف لمراقبة وضمان الالتزام التام بوقف إطلاق النار، ومنع أي أعمال استفزازية وتحديد كل طرائق (modalities) وقف إطلاق النار، ‎إن إيران وروسيا وتركيا تؤكد عزمها محاربة داعش والنصرة بشكل مشترك وفصل هذين التنظيمين عن مجموعات المعارضة المسلحة".

دعم شامل
تابع قائلًا "كما ‎تعبّر عن قناعتها بأن هناك ضرورة ملحّة إلى تسريع الجهود لإطلاق عملية مفاوضات بالتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254؛ و‎تؤكد أن الاجتماع الدولي في أستانة هو منصة فعالة لحوار مباشر بين حكومة الجمهورية العربية السورية والمعارضة، كما يطالب قرار مجلس الأمن 2254".

‎تدعم الوفود، بحسب البيان، استعداد حكومة الجمهورية العربية السورية والمجموعات المسلحة التي وقعت على الترتيبات في 29 ديسمبر 2016، والتي تشارك في الاجتماع الدولي في أستانة، للمشاركة بشكل بناء في جولة المحادثات السورية-السورية المزمع إقامتها برعاية الأمم المتحدة في جنيف في 8 فبراير 2017؛ كما ‎تدعم استعداد مجموعات المعارضة المسلحة للمشاركة في الجولة المقبلة من المفاوضات التي ستعقد بين الحكومة والمعارضة برعاية الأمم المتحدة في جنيف في 8 فبراير 2017.