دبي: بدأ الحلف المسيطر على العاصمة اليمنية بين المتمردين الحوثيين ومعسكر الرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح بالتصدع، وسط اتهامات ب"الغدر" تنذر بتعميق نزاع قتل واصيب فيه الاف المدنيين.
وتتفاقم المخاوف من مخاطر اندلاع العنف في صنعاء مع عزم أنصار صالح الخروج في مسيرة الخميس لإحياء الذكرى الـ35 لتأسيس حزبه "المؤتمر الشعبي العام"، في ظل تصاعد حدة التوتر مع تكثيف أنصار الطرفين تواجدهم في محيط المدينة، بحسب شهود.
ويخوض الحلف بين الطرفين حربا ضارية ضد المملكة العربية السعودية التي تقود تحالف عسكريا عربيا في البلد الفقير دعما لحكومة الرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي، قتل واصيب فيها الاف المدنيين ووضعت البلاد على حافة المجاعة.
والتوتر الحالي بين الحوثيين الشيعة وصالح غير مسبوق ويندرج في اطار تصعيد متواصل بين الطرفين اصبح يدفع الحلف الذي لطالما اعتبره الخبراء مجرد تقارب تكتيكي، نحو نهاية قد تكون دامية.
وتبادل الطرفان الاتهامات ب"الغدر" و"الخيانة" على مدى الاسبوع الماضي، ووصل الاربعاء الى حد توجيه الحوثيين تهديدا علنيا للرئيس السابق الذي حكم البلاد لعقود بيد من حديد قبل ان تطيح بحكمه حركة احتجاج شعبية.
عدو عدوهم
حكم صالح اليمن من عام توحيد البلاد في 1990، وحتى 2012 حين تنازل عن الحكم لمصلحة الرئيس هادي على خلفية الاحتجاجات. وخلال فترة حكمه، شن صالح (75 عاما) ست حملات عسكرية ضد المتمردين الحوثيين الذين اتخذوا من منطقة صعدة شمال العاصمة معقلا لهم.
في 2014، عاد صالح الى الواجهة في محاولة لانتزاع الحكم. فتحالف مع الحوثيين ضد سلطة هادي، ونجح هذا الحلف غير المألوف في السيطرة على العاصمة وعلى مناطق شاسعة في البلاد، قبل ان تبدا السعودية حملتها العسكرية في اذار/مارس 2015 لوقف تقدم التمرد.
ولعب الطرفان ادوارا متكاملة في العاصمة: الحوثيون وفروا القوة العسكرية، وصالح السلطة السياسية التي حافظت على حضورها رغم خروجه من الحكم.
ويقول ادم بارون المحلل في معهد المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية "بالنسبة للطرفين، كان هناك عدو مشترك: الحكومة" المعترف بها دوليا بقيادة هادي.
وتزامن ظهور بوادر الانشقاق بين الحوثيين وصالح مع الخلافات التي عصفت بحكومة هادي في نيسان/ابريل الماضي على خلفية اقالة الرئيس المعترف به لمحافظ عدن عيدروس الزبيدي، ما دفع بالاخير الى الاعلان عن اقامة مجلس انتقالي جنوبي يعمل على الدفع نحو استقلال الجنوب اليمني، مجددا.
وتشكل مسيرة الخميس الاختبار الاكبر لهذا التحالف وقد تكون مؤشرا عما يمكن ان يتسبب به انهيار التقارب بينهما في شوارع صنعاء.
احتجاج لا تاييد
يرى خبراء في الشأن اليمني ان صالح لم يعد مرتاحا لنفوذ الحوثيين في صنعاء بعدما بات هؤلاء يسيطرون على وزارة الدفاع في حكومة المتمردين وعلى جهاز الاستخبارات العسكرية.
ويقول ماجد المذججي المدير التنفيذي في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ان "الناس لن تخرج بالضرورة تأييدا لصالح، بل للاحتجاج ضد الحوثيين".
ويضيف ان المتمردين الشيعة "ادركوا ان صالح بحاجة اليهم، ولذا قاموا على مدى الاشهر ال18 الماضية بالعمل على تطوير الخدمات العسكرية والسياسية والاجتماعية من اجل كسب بعض الشعبية التي يتمتع بها صالح".
وفي بيان اصدروه الاربعاء، اعتبر الحوثيون أن ما قاله صالح عن كونهم ميليشيا في خطاب وجهه الاحد "تجاوز لخط أحمر"، مؤكدين أن "عليه تحمل ما قال، والبادئ أظلم".
ويؤكد مسؤول في حزب صالح فضل عدم الكشف عن اسمه ان محاولات التوسط بين صالح والحوثيين الاسبوع الماضي باءت بالفشل، مضيفا ان الرياض سترحب بالانفصال بين الحليفين الا انها ليست مستعدة بعد لاعادة الرئيس السابق الى كنفها.
ويصف بارون التقارب بين صالح والحوثيين ب"حلف المصلحة"، مضيفا ان "كل شيء ممكن في اليمن".
التعليقات