لندن: قال هاشم الشيخ (أبو جابر) القائد العام لهيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقًا" إن الهيئة مستعدة لحل نفسها بشرط أن تحل جميع الفصائل العاملة في الشمال نفسها وتنضم تحت قيادة واحدة سياسية وعسكرية، وسط مبادرات لتجنيب ادلب مصيراً أسود بعد جمع المعارضة المسلحة هناك.
وخطب هاشم الشيخ بالمصلين يوم الجمعة في مدينة بنش بريف إدلب شمال غرب سوريا، وتحدث بإسهاب عن المستجدات التي تواجه الهيئة شارحًا: "قالوا لنا عليكم أولاً أن تحلوا هيئة تحرير الشام، وقلنا نحن مستعدون لحل التنظيم الذي بني لوسيلة وليس لغاية، لكن شرط أن تحل الفصائل نفسها، ونكون تحت قيادة واحدة".
وقال "يتم البحث حالياً عن جسم واحد، بعد سنوات من التمزق والتشرذم الذي شهدته الساحة". وأضاف "المجتمع الدولي وعلى رأسه روسيا وأميركا يحضّرون لإنهاء الثورة، والخروج إلى جهة يتم الاتفاق معها على حل سياسي يبقي الأسد ويضيع الدماء والشهداء".
واعتبر أن "الاجتماعات والمفاوضات السياسية لا تمثل إرادة الشعب وثورته". وأكال الشيخ التهم للمعارضة السياسية ومنصاتها الثلاث معتبرًا أنها صنيعة دول.
ورأى أن "الغرب يحاول شخصنة الصراع في سوريا، على أنه مرتبط بأشخاص يريدون السلطة"، ولكنه قال "لا مانع من الحل السياسي لكن مع تضمين مبادئ وأهداف الثورة السورية".
ودعا الشيخ في خطبته إلى "مشروع جامع يوضع له برنامج يرتكز على جهة سياسية تمثل الشعب، وجهة عسكرية تحمي الشعب"، وقال "هذا ما نسعى عليه بعيداً عن أي وساطة خارجية أو داخلية".
رأي جيش الاسلام
من جانبه، عبّر رئيس المكتب السياسي في جيش الإسلام محمد علوش، عن أسفه بعد ما قاله القيادي في هيئة تحرير الشام. وفي تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي قال "للأسف أن يكون هذا متأخراً جداً بعد تاريخ حافل بالغدر والتشبيح والنهب وابتلاع الفصائل وآخرها كان أحرار الشام".
وأضاف أن "من كان بهذه المثابة فيحتاج إلى أن يثبت صدق نواياه وتراجعه عن فكره ومنهجه قبل كل شيء، ويبعد كل الأشخاص الذين يحملون هذا الفكر وأن يحاسبوا بمحكمة عادلة مستقلة على الدماء التي سالت وعلى تسليم البلدان والمدن والقرى وقبض أثمانها باتفاقيات مشبوهة لا تزال سرية إلى الآن، ويفرج عن جميع من اختطفهم".
وطالب الشيخ كرد على شروطه "أن يبادر فوراً إلى الخروج من الغوطة فقد ناء بهم الحمل وضاقوا بهم ذرعا، لا سيما الخمسين أجنبياً (مهاجراً) فلا مكان لهم هناك".
وأوضح أن "هذه بعض إجراءات صدق النوايا حتى نصدق أن صاحب الدعوة لا ينوي التستر بالفصائل والمجتمع المدني ليخرج نفسه من كهف السواد الذي اختطف به الثورة وأدخل نفسه فيما لا قبل له به".
وشدد أن هذه صرخة نذير "لأهلنا في الشمال، ولفصائلنا، فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، كيف بكم وقد لدغتم عشرين مرة!"، على حد تعبيره.
مبادرات
وتتزامن التطورات الأخيرة المتلاحقة مع مبادرة أطلقها مجلس مدينة إدلب دعت إلى تشكيل حكومة إنقاذ خلال اجتماع حضرته معظم مؤسسات المجتمع المدني في إدلب، إضافةً إلى مبادرة الإدارة المدنية في المناطق المحررة، والتي عقدت الخميس الماضي في مدينة إدلب.
ويأتي حديث الشيخ بالتزامن مقترحٍ سربته وسائل اعلام تركية أوضحت فيه أنه لتجنيب محافظة إدلب عملية عسكرية تحضر لها أربع دول.
ويتمثل المقترح في ثلاث نقاط، وهي تشكيل هيئة إدارة محلية مدنية للمدينة تتكفل في إدارة شؤونها الإنسانية والحياتية، مع تحييد التنظيمات المسلحة عن إدارتها، إضافة إلى "تحويل العناصر المسلحة في المعارضة السورية إلى جهاز شرطة رسمي يتكفل بحفظ الأمن، وحل هيئة تحرير الشام بشكل كامل".
الموقف الأميركي
وكانت الولايات المتحدة الأميركية أيضا حددت موقفها من التطورات الأخيرة التي شهدتها محافظة إدلب، بسيطرة هيئة تحرير الشام على جميع مفاصلها، بعد مواجهات عسكرية مع حركة أحرار الشام.
وكان المبعوث الأميركي إلى سوريا، مايكل راتني، قال مطلع الشهر الجاري إن "الفتاوى الأخيرة تظهر أن فكر القاعدة مازال مترسخًا في عقلية التنظيم، وأن تغيير اسم الجماعة لا يغير الحقيقة".
واعتبر أن "جبهة النصرة وقياداتها سيبقون هدفًا لأميركا، أيًا كان اسم الفصيل الذي يعملون تحت اسمه، وهذا التصنيف يشمل الجماعة والأفراد"، لافتًا إلى أن "هيئة تحرير الشام كيان اندماجي وكل من ينضم ضمنها هو جزء من القاعدة في سوريا".
واعتبر راتني أن "خطة جبهة النصرة في الاختباء وراء إدارة مدنية مزعومة هي أساليب مراوغة مكشوفة، وعقيمة هدفها الالتفاف على التصنيف، والأهم من ذلك هو خديعة الشعب السوري، ونعتبرها مجرد واجهة زائفة".
ونصح "الجميع بالابتعاد عن الجولاني، وذلك لوجود أطراف انضمت للهيئة لأسباب تكتيكية محددة وليس لتوافق فكري أو إيديولوجي".
وحذر أنه "في حال تحققت هيمنة جبهة النصرة على إدلب، من الصعب على الولايات المتحدة الأميركية إقناع الأطراف الدولية بعد إتخاذ الإجراءات العسكرية المطلوبة".
وكانت قد سيطرت تحرير الشام على معظم بلدات ومدن محافظة إدلب، وتحدثت عن "إدارة مدنية" مهمتها إدارة كافة الشؤون الإدارية والعسكرية في المنطقة.
إلا أنها، بحسب مراسلي صحيفة عنب بلدي، لم تقدم أية تفاصيل عن إدارتها المتوقعة، سواء التقسيمات الإدارية، أو خططها لمستقبل المنطقة.
التعليقات