ارتفع عدد قتلى المتظاهرين في مدينة البصرة العراقية الجنوبية إلى 6 قتلى و68 جريحًا، حيث تحدّى المحتجّون الليلة الماضية حظرًا شاملًا للتجوال، وسط تدخل لقوات مكافحة الشغب وطائرات الهيلكوبتر، بينما دعا الرئيس معصوم إلى التحقيق العاجل في المسؤولية عن مصرع ضحايا التظاهرات من المواطنين العزل، وعقد العبادي اجتماعًا طارئًا مع نواب المحافظة، فيما أكد الصدر غضبه&محذرًا من اختبار صبره.

إيلاف: قتل ستة متظاهرين، وأصيب 68 آخرون، بينهم 41 مدنيًا و27 عسكريًا من عناصر قوات مكافحة الشغب، بحسب وزارة الصحة، إثر مواجهات بين القوات والمتظاهرين، الذين اقتحموا مبنى محافظة البصرة، وأضرموا النيران فيه، ما أدى إلى احتراقه بالكامل.

نداءات للتبرع بالدم
ينتشر متظاهرون بين مقري الحكومة المحلية والمحافظة والشوارع المحيطة بهما، بالرغم من إطلاق القوات الأمنية للرصاص الحي والغاز المسيل للدموع. ووجّهت مستشفيات البصرة نداءات للتبرع بالدم من أجل إسعاف العدد الكبير من المصابين.

وقد تدخلت قوات مكافحة الإرهاب لمواجهة المتظاهرين الغاضبين الذين خرقوا الحظر الشامل للتجوال المفروض منذ الليلة الماضية، فيما شوهدت طائرات الهيلكوبتر العسكرية تحوم في سماء المدينة.

وأكد مصدر أمني تعرّض تجمع للقوات الأمنية في محيط مبنى الحكومة المحلية لهجوم مسلح بقنبلة يدوية نفذه مسلحون مجهولون، ما أدى إلى إصابة أفرادها بجروح متفاوتة.

وقال المتحدث باسم الوزارة اللواء سعد معن إن الوزارة بدأت التحقيق بشأن أحداث البصرة بناء على توجيهات القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي. وشدد على رفض الوزارة استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين.. داعيًا المتظاهرين إلى عدم التعرّض للممتلكات العامة، لكن قائد عمليات البصرة اتهم "متظاهرين مسلحين" بالمسؤولية عن هذه الأحداث الدامية.&

معصوم يدعو إلى تحقيق عاجل في مقتل متظاهرين
من جهته، دعا الرئيس العراقي فؤاد معصوم السلطات الأمنية إلى التحقيق العاجل في المسؤولية عن مصرع ضحايا التظاهرات الأخيرة من المواطنين العزل.

قال معصوم في رسالة إلى الشعب العراقي اليوم تابعتها "إيلاف"، إنه يتابع باهتمام بالغ، وأولًا بأول، تطور الأوضاع الراهنة في محافظة البصرة، نتيجة تواصل تظاهرات المواطنين احتجاجًا على استمرار تدهور خدمات الماء والكهرباء وانتشار البطالة والفقر، والتي تفاقمت خلال الأيام الأخيرة، بسبب زيادة ملوحة مياه الشرب وتلوث مياه شط العرب، لتؤدي إلى بعض المواجهات المؤسفة مع القوات الأمنية، ما أسفر عن وقوع قتلى وإصابات بين المتظاهرين، الذين اندفع بعض الغاضبين منهم إلى إضرام النار في بعض المواقع والممتلكات الحكومية.

وأشار إلى أنه يبذل جهودًا دؤوبة على المستويات كافة من أجل تحقيق إجراءات سريعة وواقعية وفورية لمعالجة هذه الأزمة ولتلبية المطالب المشروعة لأبناء البصرة بتحسين شروط حياتهم الخدمية والاقتصادية ومعالجة مظاهر الفساد والإحباط في مختلف المجالات الخاصة بهم.

كما ناشد أبناء البصرة، لا سيما المتظاهرين المحتجين، بتغليب الهدوء والتحلي بضبط النفس، وتجنب التصادم مع القوات الأمنية وعدم الإضرار بالمواقع الحكومية.

كذلك دعا السلطات الأمنية إلى التحقيق العاجل في المسؤولية عن مصرع المتظاهر ياسر مكي الكعبي وكل ضحايا التظاهرات الأخيرة من المواطنين العزل، فيما طالب الحكومة المحلية في المحافظة والحكومة الاتحادية بالعمل الجاد والفوري للاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة، واتخاذ خطوات سريعة وعملية لتحسين الخدمات، لا سيما الكهرباء والمياه والصحة والخدمات العامة ومعالجة الصعوبات التي يقاسي منها المواطنون في مختلف مناطق المحافظة.

وشدد الرئيس العراقي متوجّهًا إلى القوات الأمنية في البصرة&على ضرورة حماية أمن المواطنين وضمان حق المتظاهرين بالتعبير السلمي عن مطالبهم ومشاعرهم. وأكد على أهمية منع حرف التظاهرات عن مسارها الصحيح، وتجنب التصادم مع القوات الأمنية الموجودة من أجل حماية أمنهم ومصالحهم أساسًا. وعبّر عن الأمل في أن يسعى الجميع معًا من أجل عمل جاد ومثابر على ضبط النفس وإتاحة الجو المناسب لحلول سلمية بناءة ودستورية تحمي المصالح الوطنية العليا بموازاة تلبية حقوق المواطنين وتحسين ظروف حياتهم اليومية.&

العبادي بحث في اجتماع طارئ مع نواب البصرة أحداث محافظتهم
وقد سارع رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى عقد اجتماع طارئ مع عدد من ‏نواب البصرة بحضور محافظها أسعد العيداني، حيث تم بحث الانهيار الأمني الذي تشهده المحافظة. &&

وأكد العبادي خلال الاجتماع عزم حكومته معالجة مشكلة الماء ومتابعة الحلول التي ‏تمت مناقشتها خلال الأسابيع القليلة الماضية، وكذلك القرارات التي صدرت خلال ‏الاجتماعات واللقاءات التي عقدت، سواء في محافظة البصرة أو في بغداد، وقرارات مجلس الوزراء أمس، والتي تضمنت ‏إجراءات فورية وأخرى خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، كما نقل عنه بيان صحافي لمكتبه الإعلامي الليلة الماضية تابعته "إيلاف".‏

وكشف العبادي عن تفويض الصلاحيات الإدارية والمالية لمحافظ البصرة ومنح الاستثناءات ‏اللازمة له من التعليمات النافذة وفق جداول زمنية محددة لتسهيل وتسريع تنفيذ ‏المشاريع التي تمت المصادقة عليها، ومنها بشكل خاص مشاريع تحلية المياه ‏وتصفيتها وتأهيل شبكات توزيع المياه ومد خطوط ناقلة جديدة لتوفير كميات كافية من ‏المياه إلى المناطق المختلفة.‏

وصوّت مجلس الوزراء العراقي أمس على قرارات عدة تخص محافظة البصرة، فيما وافق على صرف دفعة طوارئ إلى العوائل الفقيرة في المحافظة، بواقع 100 ألف دينار (ما يعادل 80 دولارًا) للشهرين الماضيين.

الصدر غاضب ويحذر من اختبار صبره
من جهته، عبّر زعيم التيار الصدري وراعي تحالف "سائرون" الفائز في الانتخابات الأخيرة مقتدى الصدر،&عن غضبه من الأحداث الجارية في مدينة البصرة حاليًا.

وقال الصدر في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" تابعتها "إيلاف" اليوم إنه "ينتابنا الحزن، ونحن نرى المأساة في بصرتنا المظلومة.. وما أثار غضبي هو التعدي بغير حق من قبل بعض المدسوسين في القوات الأمنية على المتظاهرين العزل الذين لا يريدون إلا لقمة العيش بكرامة".

أضاف "لا بد من تضافر الجهود لانتشال البصرة من أفكاك الفساد والطائفية والميليشيات، فبصرتنا عزنا وفخرنا، وهي قلب العراق النابض، فكفاكم تعديًا على البصرة، وأنصح بأن لا تختبروا صبرنا".

وتشهد مدينة البصرة منذ أمس ارتفاعًا في وتيرة الاحتجاجات ضد نقص الخدمات والفساد الإداري وغياب فرص العمل، ما أدى إلى مواجهات بين المحتجين والقوات الأمنية، حيث تعتبر المدينة مهد احتجاجات شعبية متواصلة منذ الثامن من يوليو الماضي في محافظات وسط وجنوب البلاد ذات الغالبية الشيعية.

ويطالب المحتجون بتحسين الخدمات العامة، مثل الكهرباء ومياه الشرب وتوفير فرص للعاطلين عن العمل ومحاربة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة.

ويعاني أهالي محافظة البصرة، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليوني نسمة، من أزمات عدة، آخرها تلوث مياه شط العرب، ما أثر سلبًا على مياه الشرب، حيث أعلنت مفوضية حقوق الإنسان عن تسمم حوالى 20 ألف مواطن هناك من جراء ذلك، مستندة إلى إحصاءات مستشفيات المحافظة.