مجدي الورفلي من تونس: بعد مواجهات عنيفة اندلعت على مدى ثلاثة أيام بسبب غلاء الأسعار وفرض ضرائب جديدة، يبدو أنّ الاحتجاجات في تونس تنحسر رغم أنها لم تتوقف تمامًا، وسط دعوات نشطاء لمزيد من التحرك، بينما شنت الحكومة حملة اعتقالات جديدة ليزيد عدد المحتجزين إلى حوالي 800، بينهم معارضون سياسيون.
وتواصلت ليلة الخميس إشتباكات بين محتجين وقوات الامن في بعض المدن، ولكن بوتيرة أقل مما شهدته البلاد خلال الأيام الماضية من إحتجاجات وإشتباكات بسبب الترفيع في الاسعار والضرائب والأداءات على الاستهلاك التي أقرها قانون موازنة 2018، فقد إقتصرت المواجهات مع الأمن على محافظة سليانة شمال غرب البلاد ومنطقتي المنيهلة وحي التضامن بالعاصمة.
وانتظمت الجمعة تحركات إحتجاجية امام مركز المحافظة في العاصمة تونس وعدد من مراكز المحافظات بالبلاد، دعت لها حملة "فش نستناو؟" (ماذا ننتظر؟) رُفع خلالها، وفق ما أكده حمزة العبيدي أحد الناشطين في الحملة لـ"إيلاف"، شعار تعليق العمل بالفصول الواردة بقانون المالية التي أقرّت الترفيع في الأسعار والأداءات الموظفة على الإستهلاك.
ويتضمن قانون المالية لسنة 2018 في تونس زيادات في بعض المواد وأسعار البنزين والمواد الأخرى والأدوية بكل انواعها وكذلك رفع الضرائب والأداءات الإستهلاكية على عديد الخدمات، بالإضافة الى إقرار اقتطاع واحد بالمائة من رواتب كل الموظفين كضريبة تضامنية لإنقاذ الصناديق الاجتماعية التي تعاني عجزًا ماليًا كبيرًا.
إيقافات من "الجبهة"
الجبهة الشعبية، تحالف بين أحزاب يسارية وقومية أساسا وتمثل المعارضة الرئيسية في تونس وممثلة في البرلمان بـ15 نائبا، أعلنت مساء الخميس انه تم إيقاف ناشطين صلبها في عدد من المناطق بتهمة التحريض على أعمال التخريب والسرقة، في حين انه وقع إيقافهم أثناء توزيعهم لبيانات تدعو لإسقاط قانون المالية وفق ما أكده القيادي في "الجبهة" عمار عمروسية لـ"إيلاف".
وفق النائب عمروسية، فإن اتهامات رئيس الحكومة مثل ضوء أخضر لإطلاق حملة ضد الجبهة الشعبية جعل توزيع بياناتها تهمة تستوجب الإيقاف وطالب عمروسية بالإفراج الفوري عنهم.
تجدر الإشارة الى ان وزارة الداخلية أعلنت الجمعة انه ومنذ إنطلاق الإحتجاجات نهاية الأسبوع الماضي والى حدود ليلة الإربعاء تم إيقاف 773 شخصًا بسبب "قيامهم باعمال الشغب والتخريب"، كما أكدت ان وزارة الداخلية ان 96 شرطيّا اصيبوا في إشتباكات مع المتظاهرين.
الشاهد يتهم
منذ إندلاع الإحتجاجات وُجّهت للجبهة الشعبية تهمة الوقوف وراء أحداث العنف والنهب التي حصلت، وأول أمس الإربعاء إتهم رئيس الحكومة التونسي يوسف الشاهد "شبكات الفساد بالتحريض على أعمال العنف"، وأكّد "علاقة بعض الأطراف السياسية من بينها الجبهة الشعبية".
واعتبر رئيس الحكومة الشاب أن موقف الجبهة الشعبية غير مسؤول.
الهروب للأمام
القيادي صلب الجبهة الشعبية زياد لخضر إعتبر في تصريح لـ"إيلاف" ان اتهام رئيس الحكومة للجبهة الشعبية بمثابة سياسة الهروب الى الأمام والتغطية على مطالب التخلّي عن الترفيع في الأسعار وفشل الحكومة بصفة عامة وتحويل تركيز الرأي العام على أعمال النهب والتظاهر ليلا وتحميل الجبهة الشعبية مسؤوليتها.
كما ان صدور الإتهام عن رئيس الحكومة يمثّل ضوءًا أخضر لشنّ حملة على الجبهة الشعبية، وفق تقدير لخضر.
تحركات في 14 يناير
أعلنت الجبهة الشعبية والحزب الجمهوري والاتحاد العام لطلبة تونس وعدد من الجمعيات الخميس انها ستنظم في 14 جانفي (يناير)، تاريخ مرور 7 سنوات على الثورة في تونس، تحركات في العاصمة وبقية المحافظات تحت شعار "تونس تستعيد ثورتها".
وستكون التحركات المبرمجة في إطار رفض الإجراءات الحكومية الواردة في قانون المالية.
الحكومة لن تتراجع
وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري، وهو الامين العام لحركة النهضة، أكد أمس الخميس في تصريحات إعلامية ان الدولة لن تتراجع عن قانون المالية لسنة 2018 أو عن بعض فصوله، وقال "الحكومة تتحمل مسؤوليتها ولن تتراجع عن قانون لأن عددًا من المخربين خرجوا للشارع".
تجدر الإشارة الى ان المعهد الوطني للإحصاء في تونس، وهو مؤسسة رسمية أعلن بداية الأسبوع ان نسبة التضخّم بلغت 6.4 بالمائة، وهي نسبة تضخم غير مسبوقة.
التعاطي الإعلامي
التعاطي الإعلامي مع الإحتجاجات التي عمت البلاد بسبب قانون المالية لسنة 2018 إعتبره عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين زياد دبار من خلال تصريح لـ"إيلاف"، كونه "يخدم وجهة نظر الحكومة ووزارة الداخلية عبر تجريم عدد من البرامج للإحتجاجات وشيطنتها والتركيز على عمليات النهب والسرقة"، التي ندّد بها عضو المكتب التنفيذي، ولكنه في المقابل إعتبر انها "لا يجب ان تكون مدخلاً لتجريم الإحتجاجات ككل".
التعليقات