الرباط: قال الناشط الأمازيغي المغربي أحمد عصيد إن الحريات الفردية محتقرة في بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط وليس لديها قيمة في القوانين الجنائية، خاصة أن الوعي الجماعي لهذه الدول يحصر الفرد ضمن الجماعة التي تمثل الأصل، مما يجعله مضطرا للانضباط لها والخضوع لتقاليدها.

و أفاد في عرض ألقاه في إطار ملتقى ثقافي نظمه ائتلاف"كاملين" بالرباط مساء &الأحد، أن هذا التعامل سببه ركود اجتماعي وسياسي واقتصادي امتد لقرون طويلة، نتج عنه مجتمعات متخلفة، تغيب الإبداع والحرية والثقافة التي تساعد الإنسان في تجاوز الوضعية التي يعيشها، لتجد نفسها في "بلوكاج" حضاري بسبب هيمنة الجماعة.

و أضاف عصيد:"مجتمعات شمال أفريقيا والشرق الأوسط تعيش معضلة بسبب عدم اعترافها بالفرد باعتباره مفكرا قادرا على تغيير وضعيته والرقي بها لمستويات أفضل".

و أشار إلى ما تعرض له المفكرون و الفلاسفة والشعراء من مضايقات في حقب تاريخية ماضية، لأنهم كانوا أحرارا ومتميزين و لهم الجرأة على ترجمة ما بخواطرهم، مما يعكس أهمية العلاقة بين الثقافة والحرية.

و قال الناشط العلماني:" ورثنا إرثا ثقيلا في عمق الماضي، لم نستطع تدبيره اليوم لأننا نعاني من مشكل كبير، والسبب هو تبنينا لهذا الإرث بكل ضوابطه، مما جعلنا عاجزين عن الفرز بين ما يمكن أن نستمر به في الحياة وما يمكن الاستغناء عنه".

و اعتبر أن النظام التربوي بالمغرب يشكل معضلة كبيرة بسبب توظيف تقاليد وثقافة تميل لصنع النمط وجعل الناس على شكل واحد، في غياب القدرة على ترسيخ الوعي المواطن، انطلاقا من فكرة الفرد الحر الذي يتساوى مع بقية المواطنين في الحقوق والواجبات.

و أوضح أن السبيل الوحيد لتخليص البلاد من العنف و التنميط يتمثل في تحرير الفضاء العمومي من الاحتكار ليكون متاحا لجميع المواطنين على اختلافهم حتى يكونوا قادرين على تقبل بعضهم البعض.

و أفاد عصيد أن المغرب يعيش حاليا فترة عصيبة بسبب عدم القدرة للرجوع للأصل، أي نموذج الدولة الدينية، فضلا عن صعوبة المرور للدولة الحديثة، مما أفرز مجتمعا معلقا بين الماضي والمستقبل في ظل عالمين متطاحنين و متناقضين، لا ترغب الدولة في الحسم فيه لأنه ليس في مصلحتها.

و طالب &عصيد قوى &التنوير بالسعي في عمق المجتمع والتنظيمات المدنية والسياسية و العمل على فصل السلط والحريات الفردية والجماعية والمساواة والعدل.

و زاد قائلا:"كل دينامية شبابية تتمرد على السائد وجب تشجيعها بمختلف الوسائل، بالكلمة واللون والإيحاء والجسد، لأن الفن هو العدو رقم واحد للتنميط والعنف".