بعد تأخيرات وتعثرات ومفاوضات متقطعة قدمت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اخيراً مشروع اتفاق لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. &ولاقى المشروع ردود أفعال معارضة قوية حتى أن البعض يقول ان حكومتها تقف على حافة الانهيار. &

صحيفة نيويورك تايمز استعرضت مسيرة بريطانيا التي انضمت الى الاتحاد الاوروبي حين كان اسمه المنظومة الاقتصادية الاوروبية في عام 1973 قائلة إن السياسيين البريطانيين عموماً كانوا دائماً يتخذون موقفاً متذبذاً من الاتحاد. &وتسببت القضية في انقسام الحزبين الرئيسيين المحافظين والعمال على السواء. &

وفي عام 2016 قرر رئيس الوزراء حينذاك ديفيد كاميرون حسم الأمر باستفتاء. &فصوت البريطانيون بنسبة 52 في المئة مقابل 48 في المئة لصالح الخروج أو بريكست. &واتهم مؤيدو البقاء معارضيه بالكذب وكراهية الأجانب. &

وحين تسلمت ماي رئاسة الحكومة من كاميرون كان التحدي الرئيسي امامها حشد التأييد في الداخل. &ودعا احد الأجنحة المؤيدة لبريكست الى خروج كامل من الاتحاد الأوروبي لكي تستعيد بريطانيا سيادتها على التجارة والهجرة وفي الوقت نفسه فك الارتباط بمؤسسات الاتحاد الأوروبي بما فيها محكمة العدل الاوروبية. &&

آخرون فضلوا الإبقاء على علاقات اقتصادية قوية مع الاتحاد حتى إذا كان ذلك يعني تقاسم السيطرة معه.&
&
وبعد تحديد موعد الانسحاب بيوم 29 مارس 2019 حاولت ماي إيجاد حل وسط بين هذين المعسكرين قبل الموعد لتفادي حدوث خروج فوضوي يمكن ان يسبب اختناقات في الموانئ وتوقف حركة الطائرات وحدوث ازمة في المواد الغذائية والأدوية. &فقدمت مشروع اتفاقها مساء الخميس. &

عقب أخيل الاتفاق، بحسب تعبير نيويورك تايمز، هو الحدود بين إيرلندا عضو الاتحاد الاوروبي وايرلندا الشمالية، احد اقاليم المملكة المتحدة. &

وأصبحت هذه الحدود مفتوحة للتجارة منذ اتفاقية الجمعة العظيمة عام 1998. &ولكن عندما صوتت بريطانيا لصالح بريكست عادت قضية الحدود الى الصدارة. &وسيؤدي فرض ضوابط جمركية الى مشاكل كثيرة. &

مشروع اتفاق ماي يقترح إبقاء ايرلندا الشمالية وبريطانيا في الاتحاد الجمركي الأوروبي حتى إعداد خطة تجارية لا تتطلب نقاط تفتيش على الحدود الايرلندية ـ ربما الى أجل غير مسمى. &ولكن هذا يعني ان بريطانيا ستبقى ملزَمة ببعض القواعد والأنظمة التجارية للاتحاد الأوروبي.&

الى جانب قضية الحدود الايرلندية هناك اسكتلندا التي تريد البقاء في الاتحاد الأوروبي وتتساءل لماذا لا يمكن ان تُعامل معاملة ايرلندا الشمالية في العلاقة مع الاتحاد الاوروبي؟. &&

ماذا الآن؟ تقول صحيفة نيويورك تايمز ان لا أحد يعرف في الحقيقة. &ولكن إذا خرجت ماي من الأزمة الحالية سالمة فان الاتفاق سيكتمل في اجتماع قمة يعقده قادة الاتحاد الاوروبي. &وحينذاك سيتطلب موافقة البرلمانيين البريطاني والاوروبي. &والطريق الى هذا الهدف محفوف بالمطبات الخطيرة. &

في هذه الأثناء ارتفعت اصوات داخل حزب ماي تطالب بحجب الثقة عنها. &وبحسب نيويورك تايمز فإن قلة من الخبراء يعتقدون أن البرلمان سيوافق على مشروع اتفاقها. &وأوضح حزب العمال المعارض ان نوابه سيصوتون ضده آملين بفرض انتخابات جديدة. &ومن المرجح ان يحذو حذوهم نواب حزب الديمقراطيين الأحرار والحزب القومي الاسكتلندي. &

والآن اصبح واضحاً انه حتى المحافظين الذين ايدوا البقاء في الاتحاد الأوروبي يعتزمون التصويت ضد مشروع الاتفاق مراهنين على ان الأزمة التي يسببها ذلك قد تعني بريكست ناعماً أو إفشال بريكست اصلا. &

وإذا رفض البرلمان مشروع ماي فانه يمكن ان يطلب منها، أو من خلفها إذا تنحت، أن يتفاوض بشأن اتفاق آخر رغم ان من المستبعد ان يوافق الاتحاد الاوروبي على ذلك، في تقدير صحيفة نيويورك تايمز.&

من الجائز أن تجرى انتخابات عامة أو أن بريطانيا ستواجه الخروج بلا اتفاق الذي يخشاه قطاع الأعمال. &وهناك حديث حتى عن استفتاء جديد. & &

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "نيويورك تايمز". &الأصل منشور على الرابط التالي
https://www.nytimes.com/2018/11/15/world/europe/brexit-uk.html?smid=tw-nytimes&smtyp=cur