إيلاف من برلين: تمكن فريق من العلماء الألمان والنمساويين، لأول مرة، من توليد الخلايا العصبية الجذعية من خلايا الدم. ولا يرون في هذا لانجاز إمكانية لفهم آلية نشوء هذه الأمراض فحسب، وإنما إمكانية لمعالجتها بنجاح في المستقبل.

ويقدر العلماء ان يفتح هذا الانجاز آفاق معالجة أمراض الجملة العصبية المستعصية حتى الآن، والتي تمتد بين التصلب المتعدد والرعاش(الباركنسون) والزهايمر. ويعاني اليوم في ألمانيا نحو1,3 مليون ألماني من مرض الزهايمر، ومن المتوقع أن يتضاعف العدد إلى 2,6 مليون&مع حلول العام 2050. ويتعلق المرض بتقدم العمر، وهكذا تبلغ نسبة المصابين به فوق 65 سنة 2%، لكنها تقفز إلى3% بعد السبعين، وإلى6% فوق الـ75 سنة.

ويعاني من باركنسون أكثر من400 ألف ألمانية وألماني، وهو ثاني الأمراض العصبية التنكسية انتشاراً بعد الزهايمر، ويليه التصلب المتعدد.

نشر فريق العمل نتائج أبحاثه في مجلة"سيل ستيم سيل"، وشارك فيه علماء من جامعة انسبروك النمساوية وعلماء من مركز الأبحاث السرطانية الألماني في هايدلبيرغ. وكتبوا انهم نجحوا في اعادة برمجة خلايا دم بشرية إلى خلايا عصبية جذعية"نيورونات" باستخدام "أربعة عناصر ناسخة".

خلايا عصبية تتكاثر وتنمو

وكتب الباحث البروفيسور فرانك ايدنهوفر، من جامعة انسبروك، ان الخلايا العصبية الجذعية التي انتجت من خلال الدم واصلت تكاثرها ونموها بشكل طبيعي إلى خلايا عصبية متكاملة.

والمهم أيضاً، أن فريق العمل تمكن من اعادة برمجتها إلى خلايا عصبية خاصة بالجهازين العصبي المركزي والمحيطي. وأضاف ايدنهوفر أنهم، خلال هذا الانجاز، طوروا أيضاً مقصاً جينياً باسم CRISPR/Cas9 يعتبر نموذجاً لمسببات الألم عند البشر، وان من الممكن مستقبلاً استخدام هذا المقص مختبرياً في البحث عن عقاقير جديدة مضادة للألم.

يحمل الأمل لمعالجة عدد كبير من الأمراض

ومع هذا الانجاز، على صعيد تحيول خلايا الدم إلى خلايا عصبية، والانجاز السابق على صعيد تحويل خلايا البشرة إلى خلايا عصبية، يأمل ايدنهوفر في التوصل إلى علاج عدد كبير من الأمراض العصبية والآلام المزمنة.

ويعتقد الباحث النمساوي بإمكانية إحلال الخلايا العصبية الجديدة، المستمدة من خلايا الدم، محل الخلايا العصبية المتضررة في الأمراض التنكسية مثل الزهايمر وباركنسون. كما سيتيح هذا الانجاز للعلماء القاء نظرة عميقة داخل النظام العصبي وآليات نشوء الأمراض المستعصية.

وأضاف الباحث ان الأمراض العصبية التنكسية مثل الزهايمر وباركنسون، وكذلك الأمراض الالتهابية العصبية مثل التصلب المتعدد، متعذرة على العلاج حتى الآن. ويمكن للمقص الجيني والخلايا العصبية المنتجة من الدم والبشرة أن تكون العلاج.

خلايا البشرة إلى خلايا عصبية

وفي تجاربهم المختبرية السابقة عمدت الباحثة ميشيلا بيلايدي وفريق عملها من مرك الابحاث الألماني إلى أخذ &خلايا من بشرة مرضى يعانون من مرض باركنسون، ثم اعادوا برمجتها كي تتحول إلى خلايا جذعية في البداية، ومن ثم حولوا هذه الخلايا الجذعية إلى خلايا عصبية.

وكانت مادة الميتوكوندرين، المسؤولة عن الطاقة وعملية الاستقلاب في الخلية، متضررة في الخلايا العصبية التي انتجت مختبرياً. وأضاف الباحثون بعد ذلك نوع فيتامين ب3 المسمى نيكوتينامايد-رايبوسيد Nicotinamid-Ribosid إلى هذه الخلايا المريضة بهدف تحفيزها على انتاج المزيد من الميتوكوندرين والتحول إلى خلايا عصبية سليمة.

الجدير بالذكر ان منظمة الصحة العالمية تقدر معاناة 35 مليون انسان من مرض الزهايمر على المستوى العالمي، منهم أكثر من مليون ونصف ألماني، وأكثر من5 ملايين اميركي. ويطلق العلماء على هذا المرض اسم"السكري3" بالنظر لسرعة انتشاره وتحوله إلى"مرض" شعبي يقلق بال البشرية منذ سنوات. وهو سادس سبب للوفيات في الولايات المتحدة في العام 2014.