إيلاف من برلين:اعتمدت المانيا طريقة جديدة تسهل وصول جهاز التصوير الشعاعي بالرنين المغناطيسي بتقنيته الحديثة، إلى مستشفيات المناطق النائية في البلاد، وذلك عبر جعله جهازاً جوالاً، الامر الذي وفر عناء توجه المرضى الى مدن قريبة تملك الجهاز، للاستفادة منه.
ودشنت ألمانيا أول جهاز للتصوير بالرنين المغناطيسي مدمجًا في شاحنة ضخمة لتغطية الخدمات الطبية التشخصية في الأرياف، ويمكن تعميم هذا الابتكار على أرياف البلدان النامية كلها.
وأدى دخول الجهاز بتقنيته الحالية، منذ أول استخدام له قبل نحو عقدين، إلى تسريع عملية الكشف المبكر عن العديد من الأمراض الخطرة التي تصيب الدماغ والشرايين والأعضاء الحيوية الداخلية.
ومن الطبيعي أن يلعب هذا الجهاز دورًا مهمًا في إنقاذ حياة الملايين بفضل دقته في تشخيص الأمراض قبل ظهور أعراضها الأولى.
سد الحاجات
إلا أن انتشار الجهاز في بلد متقدم مثل ألمانيا لم يرتفع إلى مستوى سد حاجات المستشفيات كلها، حيث بقي عدد كبير منها في القرى البعيدة، محروم من خدمات هذا الجهاز المهم، ما اضطر الأطباء إلى إرسال مرضاهم إلى المدن الكبيرة القريبة، بهدف الاستفادة من الجهاز.
اول مرة في الارياف
أصبح مستشفى إيرنست فون بيرغمان في مدينة بوتسدام أول مستشفى يستخدم جهاز الرنين المغناطيسي في الأرياف، وهو جهاز مدمج في شاحنة ضخمة يمكن أن توصل خدماته إلى المناطق القصية.
وستشمل خدمات هذا الجهاز الجوال على عجلات، في الاشهر المقبلة، العديد من المستشفيات في ولاية براندنبورغ، إضافة إلى مستشفى آخر في ضواحي العاصمة برلين.
30 مريضًا في اليوم
ويمكن لشاحنة الرنين المغناطيسي أن تفحص 30 مريضًا يوميًا في المناطق البعيدة عن العاصمة.
من جهته قال شتيفان غريبنر، مدير عيادة بوتسدام، إن الهدف من الجهاز الجوال هو تحسين الخدمات الصحية في الأرياف، "فالمستشفيات الصغيرة في البلدات الألمانية تعجز عن توفير الجهاز بسبب سعره المرتفع".
كما تفتقد هذه المستشفيات إلى الأطباء والتقنيين المتخصصين في العمل على الجهاز، بحسب غيربنر الذي أكد أن هذه المبادرة تتبعها مبادرات أخرى، بمعنى المزيد من الشاحنات المزودة بالجهاز في ولايات ألمانية أخرى.
والفكرة بحسب ألكسندر هوبرتز، الطبيب في عيادة بوتسدام، هي: "إذا كان المريض عاجزًا عن الوصول إلى المدينة كي يخضع للتصوير بالرنين المغناطيسي، فالجهاز سيذهب إليه حيث هو".
وتنطلق هذه الشاحنة من 4 محطات في برلين وبوتسدام. وتم تنسيق زياراتها مع أطباء المناطق المحتاجة، خصوصًا مع أطباء التشخيص الشعاعي.
وأشار غريبنر إلى أن إنتاج هذه الشاحنة كلف نحو 1,5 مليون يورو، وتم التخطيط لتشغيله في مناطق مختلفة من ألمانيا طوال 8 أعوام. وأكد مدير المشروع وجود أجهزة مماثلة محمولة منذ أكثر من عام، لكنها شبه ثابتة وغير قابلة للانتقال من بلدة إلى أخرى يوميًا.
جهاز هولندي وشاحنة اميركية
وتولت شركة فيليبس الهولندية المعروفة تطوير ونصب جهاز التصوير الشعاعي بالرنين المغناطيسي على شاحنة كهربائية من شركة تيسلا الأميركية.
وهذا يعني أن النظام بأكمله نظام بيئي، ويمكن الشاحنة أن تنتج الطاقة اللازمة لتشغيل الجهاز أيضًا عند الحاجة.
وتضم الشاحنة غرفة عمل للأطباء، يؤدون فيها أعمال تشخيص الأمراض من الصور التي يرسلها الجهاز إلى الكومبيوتر. كما تضم أيضًا غرفة لتبديل الملابس وأخرى للتحكم بالشاحنة والجهاز، وثالثة فيها تقنيات إضافية صغيرة.
وتم تزويد الجهاز الجوال بنظام تيسلا 1.5 الذي يتيح توسيع قدراته التشخيصية لتشمل الكشف عن سرطان البروستاتا وعلل القلب، إضافة إلى قدراته على تشخيص وظائف أعضاء الجسم الحيوية المختلفة.
ويعتبر الرنين المغناطيسي أحد وسائل التصوير الطبية المستخدمة في كشف التغييرات الباثولوجية الحاصلة في أنسجة الجسم الحية، وتعتمد هذه التقنية على الحقول المغناطيسية والموجات الراديوية.
أنموذج عملي
ويوجد العديد من الاستخدامات غير الطبيّة للرنين المغناطيسي، ويعتبر من أنواع الفحوصات المكلفة ماليًا، وغير المتوافرة بصورة دائمة في المستشفيات.
وبدأت فكرة الرنين المغناطيسي في عام 1945 عند حصول العالمان فليكس بلوخ وإدوارد بورسيل على جائزة نوبل بسبب اكتشافهما الرنين المغناطيسي.
وطور الفكرة بعد ذلك العالم إرون هان في عام 1950، ثم طورها العالمان البريطاني بيتر مانسفيلد والأميركي بول لاوتربر للاستخدام الطبي في عام 1973.
واستخدم الرنين المغناطيسي في البداية في تحليل المواد الكيماوية، قبل تحديثه ليدخل إلى الحقل الطبي.
ويمكن للشاحنة الجوالة حاملة الجهاز أن تكون أنموذجًا عمليًا للتطبيق في البلدان النامية، خصوصًا في المناطق والبلدات والقرى النائية. وربما تبرر إمكانية استخدام الجهاز الجوال في المدن والأرياف السعي إلى الحصول على مثل هذه الشاحنة، على الرغم من ارتفاع تكلفة تصنيعها وتجهيزها.
التعليقات