شهدت قضية الطفلة "جنة" التي لقيت مصرعها متأثرة بتعذيب جدتها لأمها تطورات مهمة، وأظهرت تحقيقات النيابة العامة أن الطفلة وشقيقتها أماني لم تتعرّضا للاغتصاب، وأن خالها بريء من تلك التهمة، بينما قرر النائب العام المستشار حمادة الصاوي إحالة الجدة على محاكمة عاجلة، بتهمة التعذيب حتى الموت.

إيلاف من القاهرة: أثارت قضية وفاة الطفلة "جنة"، متأثرة بتعذيب وحشي، تعرّضت له على أيدي جدتها لأمها، الكثير من الجدل والغضب في مصر، لاسيما بعدما ثبت أنها لم تتعرّض للاغتصاب، هي أو شقيقتها أماني.

أظهرت تحقيقات النيابة العامة أن أيًا من أخوالها الثلاثة غير متهمين بالاغتصاب، وأمر النائب العام المستشار حمادة الصاوي، بإحالة الجدة المتهمة صفاء عبدالفتاح على محاكمة عاجلة أمام محكمة الجنايات؛ لضربها وتعذيبها حفيدتيها الطفلتين؛ جنة (5 سنوات)، وأماني (6 سنوات)، ما أدى إلى وفاة الأولى.

إيداع أماني في دار رعاية
ووجّهت النيابة العامة إلى الجدة تهمة ضرب أفضى إلى موت في ما يخص الطفلة جنة، والتي توفيت متأثرة بآثار التعذيب، إضافة إلى تهمة التعذيب في ما يخص الطفلة أماني.

أثبت الطبيب الشرعي عدم تعرّض الطفلتين للاغتصاب، كما أثبت تعرّض الطفلتين للضرب والتعذيب في مناطق العفة ومناطق متفرقة في الجسم.

وأفادت تقارير الطب الشرعي بأن الطفلتين "جنة وأماني سمير" ضحيتي التعذيب في الدقهلية لم تتعرّضا لأي اعتداءات جنسية.
وأمرت النيابة العامة بإيداع الطفلة أماني شقيقة الطفلة جنة في دار رعاية اجتماعية بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي؛ لتوفير بيئة ملائمة لها من النواحي الصحية والنفسية.

جنة في الجنة
قال والد الطفلتين، محمد سمير حافظ، إنه سوف ينام مطمئنًا، لأن طفلته "جنة" سوف تكون في الجنة. وأضاف: "أول مرة أنام مطمئن منذ دخول جنة المستشفى، ووفاتها، ثم اكتشاف تعرّض أماني للتعذيب".

وتابع: "النهاردة بس حسيت إن حق بناتي هيتاخد، وإن في قانون هيرجّع لي حقي، ولا يتبقى غير أن آخد بنتي أماني في حضانتي، وأمي هترعاها وتربيها زيّ ما ربتهم خلال السنوات اللي عاشوها معنا قبل حصول جدتهما للأم على حكم بالحضانة منذ 10 شهور وتم منعي من رؤيتهما".

إذن قبل النشر
بسبب ما أُثير من أخبار وشائعات مغلوطة حول القضية، لاسيما ما يتعلق باتهام خال الطفلة جنة باغتصابها، أصدر مجلس القضاء الأعلى قرارًا بمنع نشر أو تداول أخبار أية قضايا منظورة أمام النيابة أو القضاء.

وخاطب مجلس القضاء الأعلى، برئاسة المستشار عبد الله عصر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أي برامج أو صحف من تناول القضايا محل التحقيقات أو المحاكمات.

قال المجلس في بيان له أمس الاثنين، إن القرار جاء نظرًا إلى ما أثير إعلاميًا من أحاديث لا صحة لها حول واقعة الطفلة «جنة» المتوفاة نتيجة تعذيب جدتها لها في الدقهلية.

واشترط المجلس على البرامج والصحف الحصول على إذن مسبق من النيابة العامة أو المحكمة المختصة، مشددًا على أن النيابة العامة ستتولى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين لهذا الشأن.

الطيب يتكفل النفقات
من جهته أعلن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب تكفله بحالة الطفلة أماني، البالغة من العمر 6 سنوات، شقيقة الطفلة جنة التي توفيت نتيجة تعرّضها للتعذيب، حيث تكفل بعلاجها طبيًا ونفسيًا وتعليمها وتحمل نفقاتها كافة.

وعلق الطيب على الجريمة بحق الطفلة جنة، قائلًا: "تألمت كثيرًا بعد سماع ما ارتكب من جريمة وحشية بحق الطفلة البريئة "جنة"، تلك الطفلة الملائكية التي تحملت ويلات العذاب على يد من أوكلوا برعايتها، فما تعرّضت له من حرق وتعذيب هو فاجعة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى".

أضاف: "الآن صعدت روحها البريئة إلى بارئها، تشكو ما حل بها من ألم وعذاب في غفلة منا جميعًا، ما حدث للطفلة جنة يضعنا جميعًا أمام مسؤولياتنا تجاه أطفالنا وأبنائنا، ولنعلم جميعا أننا محاسبون أمام الله عليهم، وأطالب بتوقيع أقصى العقوبة القانونية على من سوّّلت له نفسه المريضة ارتكاب هذه الجريمة الوحشية، وأدعو الله أن يحفظ أبناءنا من كل مكروه وسوء".

تعاطف عالمي
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن من يدعو الله سبحانه وتعالى بأن يغفر للطفلة جنة أو أن يتجاوز عن أخطائها فهو مخطئ، مشيرًا إلى أنها لم تخطئ، ولم تدرك قبل موتها أيًا من الأمور التي تفعلها. وقال: "الطفلة جنة تعرّضت لتعذيب لم يفعله أبولهب في المؤمنين".

أضاف خلال حلقة "لعلهم يفقهون"، المذاع على فضائية «dmc»، إن قضية الطفلتين "جنة وأماني" اهتزت لهما جميع أركان الدول العربية ودول العالم بشكل عام، مشيرًا إلى أنه من رحمة قلب الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، تكفله بهذه القضية وبتكاليف علاج هذه الفتاة.

وأوضح أن الطفلة "جنة" انتقلت إلى جنة الله سبحانه وتعالى، حيث إنها لن تجد هناك الجوع والمذلة والإهانة والتعذيب والحرق، وتابع: "جنة من الملائكة، هنيئًا لها تعلمها القرآن على يد خليل الله إبراهيم".

وكان أهالي قرية بساط كريم الدين، التابعة لمركز شربين في محافظة الدقهلية، شيّعوا السبت الماضي، جثمان الطفلة جنة ذات الخمس 5 سنوات، بعدما لقيت مصرعها متأثرة بالإصابات التي تعرّضت لها نتيجة التعذيب بالكيّ بالنار في مواضع حساسة من جسدها وإصابتها بغرغرينة في القدم اليسرى، والأعضاء التناسلية على يد جدتها، التي أرادت تعذيبها لتبولها لا إراديًا.

ووفقًا لما ورد في محضر الشرطة، فإن اللواء فاضل عمار، مدير أمن الدقهلية، تلقى إخطارًا من اللواء، السيد سلطان مدير المباحث الجنائية، يفيد بورود إشارة إلى مركز شرطة شربين من مستشفى شربين المركزي، يفيد بوصول الطفلة جنة محمد، وعمرها خمسة أعوام، مقيمة في بساط كريم الدين التابعة للمركز، مصابة بحروق فى مناطق حساسة في جسدها "أعضائها التناسلية" وكدمات وتورم شديد، وآثار حروق في الظهر وفي مناطق متفرقة من الجسم.