أسامة مهدي: فيما حذر المرجع الشيعي الاعلى في العراق السيستاني من التدخل الاجنبي في سير تظاهرات الاحتجاج فقد دعا المتظاهرين والقوات الأمنية إلى تجنب التصادم والعمل على الحفاظ على سلمية الاحتجاجات وعدم تعديها على الممتلكات وانتقد التقرير الحكومي الخاص بالتظاهرات السابقة مؤكدا انه لم يكشف عن جميع الحقائق التي رافقتها.

وفي بيان للمرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني تلاه معتمده الشيخ عبد المهدي الكربلائي عقب خطبة صلاة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) وتابعته "إيلاف" فقد أشار إلى أنّه "في هذه الأوقات الحساسة من تاريخ العراق العزيز حيث تتجدد التظاهرات الشعبية في بغداد وعدد من المحافظات، ندعو أحبّتنا المتظاهرين واعزّتنا في القوات الأمنية إلى الالتزام التام بسلمية التظاهرات وعدم السماح بانجرارها إلى إستخدام العنف وأعمال الشغب والتخريب".&

دعوة المتظاهرين لعدم الاعتداء على القوات الأمنية

وطالب المشاركين في هذه التظاهرات "بأن يمتنعوا من المساس بالعناصر الأمنية والاعتداء عليهم بأيّ شكل من الأشكال. كما نناشدهم رعاية حرمة الأموال العامة والخاصة وعدم التعرض للمنشآت الحكومية أو لممتلكات المواطنين أو أيّ جهة أخرى".

وقال إنّ الاعتداء على عناصر الأمن برميهم بالأحجار أو القناني الحارقة أو غيرها والإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بالحرق والنهب والتخريب مما لا مسوّغ له شرعاً ولا قانوناً ويتنافى مع سلمية التظاهرات ويبعّد المتظاهرين عن تحقيق مطالبهم المشروعة ويعرّض الفاعلين للمحاسبة.

مطالبة القوات الأمنية بضبط النفس وحماية المتظاهرين

وذكّر القوات الأمنية بأن التظاهر السلمي بما لا يخلّ بالنظام العام حق كفله الدستور للمواطنين، فعليهم أن يوفّروا الحماية الكاملة للمتظاهرين في الساحات والشوارع المخصصة لحضورهم، ويتفادوا الانجرار إلى الاصطدام بهم، بل يتحلّوا بأقصى درجات ضبط النفس في التعامل معهم، في الوقت الذي يؤدون فيه واجبهم في اطار تطبيق القانون وحفظ النظام العام بعدم السماح بالفوضى والتعدي على المنشآت الحكومية والممتلكات الخاصة.

تحذير من الانزلاق للفوضى والتدخل الخارجي

وشدد السيستاني على "ضرورة أن تكون التظاهرات الاحتجاجية سلمية خالية من العنف لا ينطلق فقط من اهتمامها بإبعاد الأذى عن ابنائها المتظاهرين والعناصر الأمنية، بل ينطلق أيضاً من حرصها البالغ على مستقبل هذا البلد الذي يعاني من تعقيدات كثيرة يخشى معها من أن ينزلق بالعنف والعنف المقابل إلى الفوضى والخراب، ويفسح ذلك المجال لمزيد من التدخل الخارجي، ويصبح ساحة لتصفية الحسابات بين بعض القوى الدولية والاقليمية، ويحدث له ما لا يحمد عقباه مما حدث في بعض البلاد الأخرى من اوضاع مريرة لم يمكنهم التخلص من تبعاتها حتى بعد مضي سنوات طوال".

وأكد على أن الاصلاح الحقيقي والتغيير المنشود في ادارة البلد ينبغي أن يتم بالطرق السلمية، وهو ممكن اذا تكاتف العراقيون ورصّوا صفوفهم في المطالبة بمطالب محددة في هذا الصدد.

مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين

وأوضح أن هناك العديد من الاصلاحات التي تتفق عليها كلمة العراقيين وطالما طالبوا بها، ومن أهمها مكافحة الفساد وإتّباع آليات واضحة وصارمة لملاحقة الفاسدين واسترجاع أموال الشعب منهم، ورعاية العدالة الاجتماعية في توزيع ثروات البلد بإلغاء أو تعديل بعض القوانين التي تمنح امتيازات كبيرة لكبار المسؤولين واعضاء مجلس النواب ولفئات معينة على حساب سائر أبناء الشعب، واعتماد ضوابط عادلة في التوظيف الحكومي بعيداً عن المحاصصة والمحسوبيات، واتخاذ اجراءات مشددة لحصر السلاح بيد الدولة، والوقوف بحزم امام التدخلات الخارجية في شؤون البلد، وسنّ قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية ويرغّبهم في المشاركة فيها.

وقال "نناشد المتظاهرين الكرام أن لا يبلغ بهم الغضب من سوء الأوضاع واستشراء الفساد وغياب العدالة الاجتماعية حدّ انتهاك الحرمات بالتعدي على قوات الأمن أو الممتلكات العامة أو الخاصة".

وأضاف مخاطبا المحتجين "إنّ رجال الأمن إنّما هم آباؤكم واخوانكم وابناؤكم الذين شارك الكثير منهم في الدفاع عنكم في قتال الارهابيين الدواعش وغيرهم ممن أراد السوء بكم، واليوم يقومون بواجبهم في حفظ النظام العام فلا ينبغي أن يجدوا منكم الا الاحترام والتقدير، فلا تسمحوا للبعض من ذوي الاغراض السيئة بالتغلغل في صفوفكم واستغلال تظاهراتكم بالاعتداء على هؤلاء الأعزة أو على المنشئات الحكومية أو الممتلكات الخاصة".

وأكد على القوى الأمنية "بأن لا تنسوا بأنّ المتظاهرين إنّما هم آباؤكم واخوانكم وابناؤكم خرجوا يطالبون بحقهم في حياة حرة كريمة ومستقبل لائق لبلدهم وشعبهم فلا تتعاملوا معهم الا باللطف واللين".

التقرير الحكومي حول التظاهرات السابقة اخفى حقائق مهمة

وأشار السيستاني في ختام البيان إلى "ان التقرير المنشور عن نتائج التحقيق فيما شهدته التظاهرات السابقة من اراقة للدماء وتخريب الممتلكات لما لم يحقق الهدف المترقّب منه ولم يكشف عن جميع الحقائق والوقائع بصورة واضحة للرأي العام فمن المهم الآن أن تتشكل هيئة قضائية مستقلة لمتابعة هذا الموضوع وإعلام الجمهور بنتائج تحقيقها بكل مهنية وشفافية.

قتيلان وأكثر من 200 إصابة بتظاهرات اليوم

وصباح اليوم قتل متظاهران وأصيب 227 بجروح وبالاختناق والجروح لدى تصدي القوات الأمنية لهم ومنعهم من اقتحام المنطقة الخضراء وسط العاصمة.

ولدى محاولة المتظاهرين الذين ازالوا الحواجز على الجسور المؤدية إلى إلى المنطقة الخضراء فقد تصدت لهم القوات باطلاق الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع وخراطيم الياه ما استدعى نقلهم إلى المستشفيات بسيارات الاسعاف ما اسفر عن مقتل متظاهرين اثنين وإصابة مائة آخرين.

وكان العراق شهد تظاهرات احتجاج دامية تفجرت في الاول من الشهر الحالي واستمرت أسبوعا للمطالبة بمحاربة الفساد والبطالة وتحسين الخدمات العامة تطورت فيما بعد إلى الدعوة لإسقاط نظام الحكم واسفرت عن مقتل 157 شخصا و 5494 جريحا في محافظات بغداد والنجف وبابل والديوانية وميسان وذي قار وواسط والمثنى.