من المطالب البارزة للحراك الشعبي في لبنان، برزت المطالبة باسترداد الأموال المنهوبة من لبنان، فهل يمكن تحقيق ذلك وما هي الآليات المتبعة في الموضوع؟

بيروت: من المطالب البارزة للحراك الشعبي في لبنان، برزت المطالبة باسترداد الأموال المنهوبة من لبنان، فهل يمكن تحقيق ذلك وما هي الآليات المتبعة في الموضوع؟

يقول الدكتور أنطونيوس أبو كسم (محامٍ دولي وأستاذ جامعي) لـ"إيلاف" أنه" بعد الاستفاقة المفاجئة والمتأخرة لمكافحة الفساد والفاسدين والمفسدين والمطالبة برحيل أركان السلطة، برز مطلب استعادة الأموال المنهوبة كعنوان شعبويّ.

حتى تاريخه، لم نصل إلى أية مكافحة جديّة للفساد بل حملات موسميّة تأخذ أبعادًا سياسية، حيث لم يتم أخيرًا تجريم أي مسؤول سياسي أو إداري أو عسكريّ بتهمة الفساد على الرغم من بعض المحاكمات التي انتهى أغلبها بتبرئة المتهمين.

وعلى الرغم من نشر وثائق بنما في العام 2016 وتسريب وثائق ويكيليكس، التي فضحت حسابات مسؤولين لبنانيين لدى مصارف دول أجنبيّة، يضاف إليهم رجال أعمال ومصرفيون شركاء في مشاريع الحكومات المتعاقبة، لم تجرؤ أيّة حكومة أن تحاول مساءلة هؤلاء أو إجراء تعقّب أو تحقيق ليبنى على الشيء مقتضاه.

ويضيف أبو كسم، "قدّمت إحدى الكتل النيابية أخيرًا اقتراح قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، وطرح المجتمع المدني بعض الأفكار، إلا أنّه لا يعالج استعادة الأموال المنهوبة والمودعة لدى مصارف في الخارج حيث الثروات الحقيقية للمسؤولين اللبنانيين وشركائهم، حيث قدّرتها وزارة الخزانة الأميركية بـ800 مليار دولار، بحسب واشنطن بوست، فحسب البنك الدولي، إنّ الأموال التي تمّ استيلاؤها بواسطة الفساد من قبل رسميّين والتي ترحّل إلى الخارج تصل إلى 40 مليار دولار سنويًا، وعليه، يجب الركون إلى القانون الدولي لاستعادة هذه الأموال في الخارج.

النظام القانوني اللبناني

فعلياً، يضيف أبو كسم، "إنّ النظام القانوني اللبناني يتضمّن تشريعات بخصوص الإثراء غير المشروع ومكافحة تبييض الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وحول تبادل المعلومات لغايات ضريبية بالمبدأ من شأنها الحدّ من الفساد، إلا أنّ المشكلة تكمن في تطبيقها والقيّمين على تنفيذها، ممّا يحتّم تعديلها.

أمّا الأهمّ من ذلك، أنّ لبنان هو دولة طرف منذ 22 إبريل 2009 في اتفاقية في الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي دخلت حيّز التنفيذ في 14/12/2005، والتي تضمّ حاليًا 186 دولة.
&إنّ هذه الاتفاقيّة تنصّ على "إرجاع الموجودات والتصرف فيها" وفقًا لآلية تعاون ملزمة للدول الأطراف.

الآلية التقنية

عن الخطوة الأولى لاسترجاع أموال&منهوبة أودعت لدى مصارف في دول أجنبيّة، يشير أبو كسم الى أنه "يمكن لمؤسسة إنتربول المساعدة بهذا الصدّد عبر مبادرتها الجديدة بخصوص المساعدة في استرجاع الأموال المنهوبة.

ويضيف:"تجدر الإشارة إلى أنّ القانون 44/2015، أعطى هيئة التحقيق الخاصّة صلاحية التجميد الاحترازي للحسابات، إضافة إلى صلاحية مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لمصلحة الدولة، والتي ثبت بموجب حكم قضائي أنها متعلقة بجريمة تبييض أموال أو تمويل إرهاب، أو محصّلة بنتيجتها ما لم يثبت أصحابها، قضائيًا، حقوقهم الشرعية بشأنها.

أمّا الخطوة الثانية، يجب صدور حكم قضائي مبرم عن محكمة لبنانيّة بخصوص هذه الأموال وعدم مشروعيّة مصدرها، ولا يمكن الطلب من دولة أجنبية استرجاع الأموال المودعة لديها من دون صدور حكم قضائي. وللدولة اللبنانية أيضًا، إضافة إلى كلّ متضررّ مراجعة القضاء الأجنبي حيث مكان وجود الأموال لاستصدار قرار قضائي باستردادها.

أمّا الخطوة الثالثة، فيقتضي عقد اتفاقيات ثنائية ما بين الدولة اللبنانية والدول المودعة لديها الأموال، أسوةً بالاتفاقية الثنائية ما بين نيجيريا وسويسرا من أجل استرجاع أموال&من المصارف السويسرية، بخصوص الاتفاقيات الثنائية، يجب أن تشمل أيضًا استرداد الأموال العينية والممتلكات.