أسامة مهدي: ينذر استعداد القوى الشيعية العراقية لاعلانها عن ترشيح وزير الاتصالات السابق لرئاسة الحكومة الجديدة بتصعيد خطير في الاحتجاجات الرافضة له وسط ارتباك وخلافات سياسية حول المرشح، فيما ترتفع حظوظ رئيس جهاز المخابرات في تولي المهمة.

وبعد أن أشارت تسريبات الى اتفاق القوى الشيعية الكبرى على ترشيح وزير الاتصالات السابق محمد علاوي لرئاسة الحكومة الجديدة، فقد اشتعلت ساحات التظاهر في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب الخميس بتظاهرات رافضة لهذا الترشيح ورفع لافتات وملصقات كتب عليها "مرفوض بإسم الشعب" واطلاق هاشتاغ على شبكات التواصل الاجتماعي بعنوان "يسقط علاوي".

مصطفى الكاظمي

وتشير هذه الحملة ضد علاوي الى ارتفاع اسهم المرشح الثاني رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي لنيل التكليف بتشكيل الحكومة الجديدة نظرا لعلاقاته الطيبة بالقوى السياسية وقبول غالبية المتظاهرين به لقيادة البلاد خلال الفترة الانتقالية على الرغم من تحفظ بعض القوى الموالية لايران على ترشيحه.

ومن جهتهم، يشير نواب إلى أن اسم وزير الخطيط السابق علي الشكري مازال مطروحا للترشيح على الرغم من الرفض الشديد للمحتجين له ما يقلل جدا من حظوظه للتكليف.

تصاعد مبكر للاحتجاجات على المرشح

ويستعد المحتجون للخروج بتظاهرات واسعة غدا لرفض مرشحي الاحزاب السياسية لرئاسة الحكومة والدعوة لشخصية قادرة على قيادة البلاد خلال الفترة الانتقالية واجراء انتخابات مبكرة نزيهة ومطالبة الامم المتحدة لتدخل لحماية العراقيين.

إسعاف متظاهر عراقي أصيب برصاص قوات الامن والمليشيات المرافقة لها وسط بغداد اليوم

وقد بدأت الاحتجاجات بالتصاعد اليوم وسط بغداد في مواجهات بين المتظاهرين والقوات الامنية التي ترافقها المليشيات حيث وثقت مصادر طبية حدوث أكثر من 15 حالة إصابة فتاكة ومباشرة في الرأس والجسد بين المتظاهرين اثر استخدام القوات الحكومية بنادق الصيد ضدهم، في ساحتي الخلاني والوثبة والمناطق المحيطة بهما.

المتظاهرون يحذرون من ترشيح أي شخصية قبل حل البرلمان

وقد شددت "اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة تشرين" في بيان صحافي الخميس حصلت "إيلاف" على نصه، ردا على الرسالة التي بعث بها الرئيس برهم صالح الى الكتل النيابية امس، والتي يطلب فيها ترشيح شخصية (غير جدلية) لمنصب رئيس الوزراء على ان "مطالب الثوار في ساحة التحرير في المحافظات المنتفضة منذ اليوم الاول لانطلاق المظاهرات السلمية كانت ومازالت ترفض أي شخصية ترشحها احزاب سلطة المنطقة الخضراء لان هذا سيرسخ الحالة المأساوية التي عاشها العراقيون منذ عام 2003 بكل سلبياتها الكارثية، وهي مرفوضة من الشعب العراقي الذي شهد اسوأ ظاهرة للفساد والمحاصصة الطائفية والانهيار الامني وفقدان السيادة في تأريخ البشرية، بالإضافة الى تبديد الثروات الوطنية واهمال متعمد للمتطلبات الاساسية للحياة الكريمة كما مارست السلطة فيها الاضطهاد والقمع ضد ابناء العراق والعمل على التبعية الكاملة لايران".

عراقي مفجوع بقتل ابنائه الثلاثة المتظاهرين في الناصرية:

واكدت اللجنة "ان انهاء نظام المحاصصة الطائفية البغيض بكافة مؤسساته التشريعية والتنفيذية بما فيها الاحزاب المرتبطة بايران ومليشياتها التي ترتكب ابشع الجرائم ضد المعتصمين السلميين هو الحل الوحيد والبداية الصحيحة لأي تغيير جذري ينشده العراقيون".

وحذرت اللجنة المنظمة من "ترشيح أي شخصية لمنصب رئيس الوزراء قبل حل البرلمان ومؤسسات المنطقة الخضراء وتشكيل حكومة انتقالية من بين الشخصيات الوطنية المستقلة التي يوافق عليها المعتصمون وهي الضمان الوحيد لانقاذ العراق واستقراره".

الصدر ينفي مشاركته في اختيار علاوي

واشارت مصادر عراقية الى ان الكتل الشيعية الكبرى قد توافقت على ترشيح محمد توفيق علاوي وزير الاتصالات السابق المقرب من ايران وفي مقدمتها سائرون بزعامة مقتدى الصدر والفتح بزعامة هادي العامري وتيارات شيعية اخرى على تقديم اسمه الى الرئيس صالح رغم رفضه من المتظاهرين.

رسائل تهديد مليشيات مسلحة للناشطين بالقتل

لكن تحالف سائرون رد بالقول انه لم يشارك في مفاوضات الترشيح، وقال النائب عن التحالف غايب العميري لوكالة الانباء العراقية الرسمية إن "التحالف لم يشترك مع أي جهة سياسية لتسمية رئيس الحكومة وأوكل هذه المهمة للجماهير" على حد قوله.

ودعا العميري "وسائل الإعلام كافة إلى توخي الحذر بنقل المعلومات وأن لا توهم الشعب العراقي بأخبار عارية عن الصحة". وعبر نواب سائرون عن أملهم بأن يكون الرئيس صالح صاحب المبادرة بترشيح شخصية على وفق مواصفات ساحات التظاهر (مستقل - كفوء - غير جدلي) يستطيع أن يسير بالبلاد الى بر الأمان، وأن يقوم بتشكيل حكومة قوية تأخذ على عاتقها تحقيق المطالب المشروعة للمتظاهرين السلميين".

دعوة المتظاهرين للامم المتحدة بالتدخل وحماية العراقيين:

وعلمت "إيلاف" ان زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي قد رفض ترشيح محمد توفيق علاوي لرئاسة الحكومة، وابلغ ذلك الى العامري الذي كان قد اخبره بأنه سيتم تقديم اسمه الى الرئيس صالح.

واشار مصدر عراقي يتابع مداولات الترشيح الى ان اجتماعا سيعقد اليوم في رئاسة الجمهورية بمشاركة قادة سياسيين لبحث هذه المسألة.

ومحمد علاوي (66 عاما) انتخب عضواً لمجلس النواب بعد عام 2003 لدورتين، وكان وزيراً للاتصالات لدورتين في حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لكنه احتلف معه، ما ادى الى استقالته نهاية عام 2012 ومما زاد حدة الخلاف بين الرجلين هو مشاركته في اواسط عام 2012 في اجتماع اربيل واجتماع النجف لسحب الثقة عن حكومة المالكي. وكان من نتائج هذه الخلافات تشكيل عدة لجان تحقيقية بحق محمد علاوي واتخذ القضاء علي اثرها حكماً بحق محمد علاوي بالحبس لمدة سبع سنوات بتهمة هدر المال العام، لكن القضاء اسقط عام 2014 جميع الاحكام الصادرة بحقه بسبب "عدم صحة التهم الموجهة اليه" بحسب القضاء.

البرلمان العراقي للانعقاد للتصويت على المرشح لرئاسة الحكومة

واكد نائب رئيس البرلمان العراقي الاستعداد لعقد جلسة استثنائية لمجلس النواب للتصويت على مرشح رئاسة الحكومة وعلى البرنامج الحكومي في حال تشكيل الحكومة.

وطالب بشير الحداد في بيان صحافي اليوم تابعته "إيلاف" أطراف العملية السياسية بالإسراع بحسم المرشح لرئاسةالحكومة الجديدة يحظى برضى شعبيّ. واشار الى ان خطورة الموقف وتفاقم المشاكل الأمنية والاقتصادية وشل حركة الحياة في مناطق عديدة من البلاد وعدم سيطرة الحكومة الحالية على الأوضاع العامة تسببت بقلق كبير لدى عامة الشعب.

واكد اهمية أن يحظى المرشح المكلف بالمقبولية الشعبية ويتم التوافق عليه من جميع الأطراف.

يشار الى ان الرئيس العراقي برهم صالح كان قد امهل الكتل السياسية في البلاد امس الى السبت المقبل لترشيح رئيس للحكومة الجديدة وبعكسه سيقوم بممارسة صلاحياته الدستورية في تكليف من يجده الأكثر مقبولية نيابياً وشعبياً في إطار مخرجات المشاورات التي أجراها خلال الفترة الماضية مع القوى السياسية والفعاليات الشعبية.

واكد الرئيس صالح انه إذا لم تتمكن الكتل المعنية من حسم أمر الترشيح في موعد اقصاه بعد غد السبت، فإنه سيمارس صلاحياته الدستورية من خلال تكليف من يجده الأكثر مقبولية نيابياً وشعبياً.