أسامة مهدي: فيما تنطلق تظاهرات شعبية اليوم في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب رفضا لترشيح محمد علاوي لرئاسة الحكومة الجديدة فقد علقت واشنطن بتحفظ على ترشيحه ودعته الامم المتحدة الى تنفيذ وعوده بالاصلاح بينما نأت قوى وشخصيات سياسية بنفسها عن تكليفه.

وقال متظاهرو ساحة التحرير إن "سلطة القمع السياسية تصر على جر البلاد إلى المجهول وها هي اليوم تثبت ضلك من خلال اختيار المرشح الجدلي محمد توفيق علاوي لتضيف وصمة عار أخرى".. معتبرين "تكليف علاوي استهتارا جديدا بمطالبنا".

ودعا المتظاهرون في بيان تابعته "إيلاف" اليوم إلى "الاستعداد إلى خطواتنا التصعيدية السلمية القادمة ليعرف الجميع أن الاستئثار بالسلطة والتغاضي عن مطالب الشعب صارا منذ الأول من اكتوبر 2019 من الماضي لن نسمح بتكرارهما أبداً".

شعارات للمتظاهرين برفض علاوي

وبينوا قائلين إن السلطة الحاكمة تثبت من خلال اختيار ‏علاوي استهتارها "بمطالبنا ‏في صورة من صور الخراب التي جاءت بقائد حكومة القناصة المجرم عادل عبد المهدي.

وطالبوا "القوى الوطنية والثوار الاحرار في كل ساحات الاحتجاج بالاستعداد ‏إلى خطواتنا التصعيدية السلمية المقبلة ليعرف الجميع أن الاستئثار بالسلطة والتغاضي عن ‏مطالب الشعب صارا منذ الأول من اكتوبر 2019 من الماضي لن نسمح بتكرارهما أبدأ".

حشود في الناصرية ترفض الليلة الماضية تكليف علاوي بتشكيل الحكومة:

علاوي يتعهد للعراقيين بحل جميع أزماتهم

ومن جهته، تعهد رئيس الوزراء المكلف علاوي بالعمل الحثيث لاجراء انتخابات مبكرة وتسليم الفاسدين للقضاء.

وقال علاوي في كلمة وجهها للشعب الليلة الماضية بمناسبة تكليفه بالمنصب "أعاهد الله والشعب بأن أسعى بكل ما املك لخدمة هذا البلد".. كما "تعهد بالالتزام بتوفير فرص عمل للمواطنين ومحاربة الفساد وحل اللجان الاقتصادية".

علاوي في أول كلمة له الى العراقيين بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة

وأضاف "أعاهدكم بتشكيل حكومة بعيداً عن المحاصصة الطائفية وتمثل كافة الاطياف واشراك الكفوئين في تشكيل الحكومة ورفض مرشحي القوى السياسية.. كما اتعهد بالعمل الحثيث لاجراء انتخابات مبكرة وحماية العملية الانتخابية والتصدي لكل ما قد يؤثر على شفافيتها".

ودعا علاوي "لحوار فوري مع المتظاهرين لتحقيق مطالبهم والاشراف من قبلي على هذا الحوار".. كما تعهد "بحصر السلاح بيد الدولة".. وشدد بالقول"لن اقبل أي ضغوط وسأفاتح الشعب ان تعرضت لها".

وأكد أن "دماء الشهداء من المتظاهرين والقوى الامنية لن تذهب سدى وسيحاسب المعتدون والمجرمون ويقدمون للقضاء لنيل جزائهم العادل".

وشدد على ان سلاح الدولة لن يحمل ضد الشعب، سلاح الدولة لحماية الشعب وصيانة الحدود وتعزيز الكرامة الوطنية. واكد الحرص الشديد على متابعة ملفات التحقيق في أحداث التظاهرات ومحاسبة المسؤولين عن العنف ضد المتظاهرين السلميين وضد القوات الأمنية والمتسببين بأحداث تخريب وتدمير الممتلكات العامة والخاصة.

وأشار الى ضرورة أن يستمر التظاهر السلمي الداعم للإصلاح حتى تتحقق المطالب المشروعة وتباشر الدولة بالعمل الإصلاحي الجاد .. وتعهد بحماية العملية الانتخابية والوقوف ضد أي تدخل قد يؤثر على سلامة ونزاهة وشفافية نتائجها وبما يعيد ثقة الجمهور فيها".

كما تعهد "بحماية العراق من أي تدخل خارجي وأعمل على أن لا أسمح بأن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات والصراعات". ودعا إلى إطلاق حوار فوري مع المتظاهرين السلميين للعمل على تحقيق مطالبهم المشروعة وفقاً للدستور والقانون وسأشرف شخصياً على هذا الحوار.

الامم المتحدة تدعو المرشح الى تنفيذ وعوده وواشنطن تعلق بتحفظ

وبعد الاعلان رسميا عن ترشيح علاوي، فقد علقت الولايات المتحدة بتحفظ على تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة.

وقالت السفارة الاميركية في بغداد في بيان لها تابعته "إيلاف" اليوم "تتطلب الظروف الراهنة في العراق والمنطقة وجود حكومة مستقلة ونزيهة ملتزمة بتلبية احتياجات الشعب العراقي". ونوهت الى ان "ترشيح محمد توفيق علاوي كرئيس وزراء جديد للعراق يجب أن تتم متابعته بجهود حقيقة لضمان تحقيق هذا الهدف".

الرئيس صالح يوقع مرسوم تكليف علاوي لرئاسة الحكومة

وقالت "تعتبر الولايات المتحدة أن أمن العراق أمر حيوي، وستعمل مع الحكومة الجديدة فور تشكيلها لتهيئة الظروف لعراق مستقر ومزدهر وذي سيادة".

ومن جهتها، رحبت الممثلةُ الخاصةُ للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت بتكليف علاوي حاثة في بيان تسلمت "إيلاف" نصه على العمل سريعاً أولاً وقبل كل شيء لتحقيق إصلاحاتٍ جوهريةٍ وتلبية المطالب المشروعة للشعب بالعدالة والمساءلة.

وقالت "إن العراق بحاجةٍ ماسةٍ للمضي قُدماً. إذ يواجه رئيس الوزراء المكلف مهمة ضخمة: هي تشكيلُ مجلس الوزراء بسرعةٍ ومصادقة البرلمان للمُضي قُدماً في إصلاحاتٍ هادفة تُلبي المطالب الشعبية وتُحققُ العدالة والمساءلة".

واضافت "لا يزال الطريق إلى الأمام محفوفاً بالصعوبات وسيتطلب إحراز التقدمِ دعمَ جميع الجهاتِ الفاعلةِ لعمل رئيس الوزراء المكلف خدمةً للشعب العراقي. إن الالتزامات التي وردت في بيان رئيس الوزراء المكلف تُلبي الكثيرَ من مطالب المحتجين السلميين. وفي حين أن هذا يُعدّ بالتأكيد مؤشراً مشجعاً وجديراً بالترحيب، فإن الشعب العراقي سيحكُم في نهاية المطاف على قيادة البلاد من خلال النتائج والإنجازات.

واشارت الى ان الأمم المتحدة قد دعت مراراً وتكراراً جميع أصحاب الشأن إلى تجاوز حالة التحزب ووضع المصلحة الوطنية أولاً. لقد حان الوقت للعمل وعلى ان لا يُدّخَر جهدٌ لإخراج العراق من أزمته. وستواصل الأمم المتحدة دعم الشعب العراقي وحكومته لبناء عراقٍ أكثر سِلماً وعدلاً وازدهاراً".

قوى تنأى بنفسها عن ترشيح علاوي

ومن جانبها، نأت العديد من القوى السياسية نفسها عن ترشيح علاوي واعتبرت في بيانات وتصريحات تابعتها "إيلاف انها ليست جزءا من ترشيح علاوي.
واكد ائتلاف الوطنية بزعامة اياد علاوي في بيان انه لم يرشح اي شخص لرئاسة الحكومة.. منوها الى إنه "لم نرشح احدا لرئاسة الوزراء ‏وإنما هي مسؤولية الشعب العراقي وخاصة المتظاهرين السلميين".

وشدد على انه "لا يقبل بمرشح يملى به من خارج العراق".. وقال إن "حكومة تشكل خارج إرادة الشعب العراقي لن نكون معها". أما حزب الدعوة الاسلامية بزعامة نوري المالكي فقد اكد انه ليس جزءاً من سيناريو تكليف أي مرشح لرئاسة الوزراء.

الرئيس صالح يسلم علاوي مرسوم تكليفه برئاسة الحكومة

وقال إنه يعلن "للعراقيين جميعاً انه ليست له اية علاقة بانتخاب اية شخصية لا تنسجم مع المواصفات التي توافق عليها العراقيون ورغب منذ اليوم الاول لبدء عملية الترشيح ان يكون المرشح لرئاسة الوزراء مستقلاً كفوءاً نزيهاً قادراً على حفظ سيادة العراق ووحدته وملبيا لطموحات الشعب وحراكه متمكنا من توفير الاجواء الانتخابية الآمنة، لكي يدلي العراقيون باصواتهم دون اية ممارسات غير قانونية حتى تكون صناديق الاقتراع هي آلية التغيير الدستورية".

واعتبر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني تكليف علاوي أفضل من حالة الفوضى في الشارع العراقي.. وقال عضو الحزب ريبين سلام، في حديث لـ(بغداد اليوم) إن "خطوة تكليف علاوي ستكون بداية لمشكلة جديدة لأن رئيس الوزراء الجديد ستقع على عاتقه مهمات صعبة أهمها مسألة التحضير للانتخابات المبكرة وقضية إخراج القوات الأميركية وإرضاء القوى السياسية المعترضة على نتائج الانتخابات، إضافة إلى تشكيل حكومة قوية قادرة على تلبية مطالب المتظاهرين".

وأشار إلى أن تكليف علاوي "خطوة مهمة ونرحب بها وكنا منذ البداية ندعم أي مرشح يتم التوافق عليه بين الكتل الشيعية".

وكتب اسعد الناصري مساعد الصدر الذي انشق عنه مؤخرا قائلا "بات واضحاً بما لا يقبل الشك أن المليشيات التي تحرك خيوطها إيران، هي التي تهيمن على الدولة العراقية، مدعين الشرعية الدستورية. وعليه فلابد من العمل على عزلهم، ونقل العاصمة بإرادة الشعب إلى محافظة أخرى موقتاً، وحمل المجتمع الدولي على التعامل مع هذا الخيار. ‏ما هو رأيكم أيها الأحبة؟".

أما رئيس تحالف النصر رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي فقد كتب على تويتر "يؤكد ائتلاف النصر بانه ليس طرفا باختيار المرشح لرئاسة مجلس الوزراء في هذه المرحلة ، وان المرشح المؤهل يجب ان يحظى بثقة الشعب. ‏ونبين ان على المرشح ان يثبت اهليته بالابتعاد عن المحاصصة المقيتة وان يحاسب كل الذين تسببوا في اراقة الدم العراقي البريء في ساحات التظاهرات وخارجها ..و نشير الى ان على المرشح ان يعيد للدولة اعتبارها باستعادة الاموال والمناصب التي تم الاستيلاء عليها بغير وجه حق واعادة الثقة للقوات المسلحة والامنية لحماية الشعب والدفاع عنه ، واجراء انتخابات مبكرة عادلة ونزيهة".

وكتب المرشح السابق لرئاسة الحكومة النائب فئق الشيخ علي على تويتر يقول "محمد توفيق علاوي: أنتَ لستَ أهلاً لتشكيل الحكومة. جاءت بك إيران وذيولها. وتكليفك جريمة بحق العراق وشعبه. ثار العراقيون وقدموا آلاف الشهداء والجرحى، ليس من أجل استبدال عادل عبد المهدي بك. فأنت نسخة مطابقة له، جبناً وتفاهة! بل ثاروا من أجل كرامة وطن والخلاص من التبعية. أرحل وإلّا!

وقال المحلل السياسي والخبير الامني هشام الهاشمي في تغريدة مماثلة ان "اتفاق تحالف الفتح مع محمد علاوي هو اتفاق أجندات وليس اتفاقا لحل الأزمة، اتفاق غير مرضٍ لساحات التظاهر، في نقطة الشروع سوف يستفز هذا الاتفاق الساحات، وعلى المهندس محمد علاوي يعلن تجرده من هذه القيود، شروط الساحات أسسها شباب خالص الوطنية نقي الرؤية وغير اصطفافية ومستقلة إلى حد مطلق. لماذا قادة الأحزاب يخافون ساحات التظاهرات السلمية، ولماذا يغامرون بأموالهم واتباعهم من أجل إلحاق الضرر بالمتظاهرين، ولماذا يختارون بديلا خلافا لشروط المتظاهرين؟".

يشار إلى أن العراق يشهد منذ الأول من اكتوبر الماضي تظاهرات حاشدة انطلقت من أجل تنفيذ مطالب معيشية ومكافحة الفساد والبطالة إلا أنها سرعان ما تحولت إلى مطالب سياسية تتمسك برحيل الطبقة السياسية التي يتهمها المتظاهرون بالفساد والتبعية حيث واجهتها القوات الحكومية بالعنف المفرط والمليشيات المسلحة بالاغتيال والاختطاف والتهديد ما اسفر عن مقتل 669 متظاهرا واصابة 24.488 آخرين واعتقال 2.806 من المحتجين.