إرفورت: تشهد مدينة ارفورت عاصمة مقاطعة تورينغن السبت تظاهرة ضد التحالفات الانتخابية مع اليمين القومي بعد انتخاب رئيس لحكومة هذه المنطقة الواقعة في ألمانيا الديموقراطية السابقة بفضل مبادرة من هذا النوع.

ويتوقع أن يشارك نحو عشرة آلاف شخص بعد ظهر السبت في هذه التعبئة التي تنظم تحت شعار "ليس معنا ولا تحالف مع الفاشيين: أبدا ولا في أي مكان"، في المنطقة التي تشهد شللا سياسيا بسبب الوضع السياسي حاليا.

وتنظم التظاهرة منظمات غير حكومية ونقابيون ومسؤولون سياسيون في تحالف "موحدون" (اونتايلبار)، وبدعم من حركات عديدة مثل "أيام الجمعة للمستقبل".

وأحدث انتخاب الليبرالي توماس كيميريش المفاجىء في الخامس من شباط/فبراير بفضل أصوات اليمين المحافظ واليمين القومي زلزالا في ألمانيا، وأدى إلى تجمعات عفوية في جميع أنحاء البلاد.

سقوط أمر محرم
وفي مواجهة هذا الغضب، انسحب هذا المرشح عن "الحزب الديموقراطي الحر" الليبرالي الصغير بعد 24 ساعة على فوزه بفارق طفيف. لكن منظمي التظاهرة يرون أن ذلك لا يعني أن المشكلة حلت.

وقال الناطق باسم تحالف "موحدون" ماكسيميليان بيكير لصحف ألمانية إن "هذا الانتخاب يشكل سقوط أمر محرم". وأضاف "نريد أن نظهر أن ما يحدث في تورينغن لن يبقى بلا رد".

وفي مؤشر إلى التوتر في البلاد، استهدفت هجمات عددا من مقر الحزب الديموقراطي الحر في جميع أنحاء ألمانيا، حسبما ذكرت مجلة "دير شبيغل".

وفي الوقت نفسه، ينوي حزب البديل من أجل ألمانيا الحزب اليميني القومي الذي تأسس في 2013، مواصلة نسف اللعبة السياسية الألمانية. وما زالت المؤسسات متوقفة عن العمل منذ أكثر من أسبوع في تورينغن.

وبات اليمين القومي الذي تتهمه المستشارة أنغيلا ميركل بأنه يريد "تدمير الديموقراطية"، يهدد بمنح أصواته في حال تنظيم انتخابات جديدة لاختيار رئيس في هذه المنطقة، لبودو راميلوف الذي ينتمي إلى اليسار المتشددة وبقي على رأس المنطقة حتى 2019. لكنه يرفض أي نقل للأصوات من اليمين القومي.

وستعقد الأحزاب السياسية بدون البديل من اجل ألمانيا اجتماعا الإثنين في ارفورت لإيجاد مخرج لهذه الأزمة، بينما تطرح خيارات عديدة لحكم المنطقة بينها تنظيم انتخابات جديدة وتشكيل تحالف أقلية.

وما زال تأثير هذه الأزمة السياسية يتسع خارج حدود المقاطعة في ألمانيا التي تواجه نهاية عهد أنجيلا ميركل في 2021 على ابعد حد، بعد حكم دام 14 عاما.

مسيرة جنائزية
أدت الأزمة الى سقوط مرشحة ميركل لخلافتها في المستشارية أنيغريت كرامب كارنباور التي تخلت عن ترشحها لأن كوادر حزبها لم يطيعوا أوامرها.

وفي الواقع، يبدو أن بعض أعضاء حزب ميركل الاتحاد الديموقراطي المسيحي المحافظ في بعض مناطق ألمانيا الديموقراطية السابقة خصوصا، يميلون إلى تقارب مع اليمين القومي الذي يتمتع بوجود قوي في هذه المناطق.

ويلقى خطاب حزب البديل من أجل ألمانيا صدى في هذه المنطقة التي كانت شيوعية والأفقر اقتصاديا. فقد ذكر مكتب الإحصاء أن دخل الفرد في تورينغن كان يبلغ في 2018 في المعدل 35 ألف و701 يورو، مقابل 42 ألف و962 يورو في المتوسط في ألمانيا.

ومع أن معدل البطالة في المنطقة (5,3 بالمئة) لا يتجاوز كثيرا المعدل على المستوى الفدرالي (5 بالمئة)، تعاني تورينغن من هدرة الأجيال الشابة ومن نقص خطير في الولادات. وواحد من كل أربعة من سكان المنطقة يتجاوز عمره ال65 عاما (مقابل 21,5 بالمئة في ألمانيا).

وتأتي هذه التعبئة ضد اليمين القومي في أوج مراسم إحياء ذكرى تحرير معسكرات الاعتقال النازية وقصف مدينة دريسدن قبل 75 عاما.

وسيتظاهر حوالى 1500 من الناشطين النازيين الجدد والعديد من المتظاهرين المناهضين لهم السبت في مدينة ساكسونيا وسط مراقبة مشددة من الشرطة. وسيقومون بـ"مسيرة جنائزية" من أجل "مدينة منكوبة" ضحى بها الحلفاء ظلما.