شهدت جنازة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، عدة مفارقات أمس، أثارت الكثير من الجدل في مصر، منها أداء صلاة الجنازة عليه مرتين، وغياب وزير دفاعه المشير حسين طنطاوي، ووزير الدفاع الحالي الفريق أول محمد زكي.

إيلاف من القاهرة: في واقعة هي الأولى من نوعها، أدى المصريون صلاة الجنازة مرتين على جثمان الرئيس الأسبق حسني مبارك، بمسجد المشير حسين طنطاوي بالقاهرة، وهو ما أثار الكثير من الجدل في مصر، لاسيما أن صلاة الجنازة معروفة للمسلمين بأنها تقام مرة واحدة فقط أثناء وجود الجثمان أمام المحراب في المسجد.

وكشف قارئ المسجد، الشيخ حجاج الهنداوي، أسباب أداء صلاة الجنازة مرتين على جثمان مبارك، وقال إن صلاة الجنازة شهدت زحامًا شديدًا بالمسجد، وقع الكثير من الهرج، بسبب تدافع الناس، ولم تؤد الصلاة على النحو الأمثل.

وأضاف أنه استأذن أسرة مبارك في أداء الصلاة مرة أخرى، حتى تتم على الوجه الأمثل الذي يرضي الله، موضحًا أن الصلاة في المرة الثانية تخللها الخشوع والهدوء، بعد انتهاء الهرج والمرج، وتمكن أناس آخرون من أدائها ممن لم يلحقوا بالصلاة في المرة الأولى. وأكد أن أداء صلاة الجنازة على جثمان مبارك، لا تشوبها أية مخالفة شرعية.

ورغم أن تكرار صلاة الجنازة على جثمان مبارك، لا تتضمن مخالفة شرعية، إلا أنها "مكروهة، إلا لحاجة؛ كصلاة من فاتته الجنازة خاصة إن كان وليًّا للميت، أو حضر من ترجو بركته من أهل الفضل والصلاح، ومن فاتته الصلاة من هؤلاء ونحوهم حتى دفن الميت فلهم الصلاة على القبر" حسب فتوى صادرة من دار الإفتاء المصرية.

وقالت دار الإفتاء المصرية في الفتوى: "النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى على ميت بعد دفنه والصلاة عليه، ولا يقال بالخصوصية؛ لأنه لو كان لخصوصية ما ترك الصحابة يصلون معه، وقد ورد ذلك في عدة أحاديث؛ منها ما جاء في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا أسود -أو امرأةً سوداء- كان يقم المسجد فمات، فسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه، فقالوا: مات، قال: "أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ، دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ -أَوْ قَالَ: قَبْرِهَا" فأتى قبرها فصلى عليها.

وقال الإمام الخطابي في "معالم السنن" معلقًا على الحديث: وفيه بيان جواز الصلاة على القبر لمن لم يلحق الصلاة على الميت قبل الدفن، أما الحافظ ابن حجر فذكر في "فتح الباري" في شرحه للحديث: وفيه المكافأة بالدعاء والترغيب في شهود جنائز أهل الخير وندب الصلاة على الميت الحاضر عند قبره لمن لم يصل عليه.

وأوضحت دار الإفتاء علة كراهة ذلك بأن "التكرار لغير حاجة لم ينقل عن السلف، ولأنه لم يعهد من الشرع التنفل بهيئتها".

ولاحظ متابعو جنازة مبارك، غياب وزير دفاعه ورئيس المجلس العسكري السابق، المشير حسين طنطاوي، وأرجع الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، ذلك إلى أنه يعاني من المرض، وليس هناك أي سبب آخر، حسب قول بكري.

وأضاف في تصريحات له، أن جنازة الرئيس الأسبق حسني مبارك حملت عدة رسائل، وقال: "إن الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تعاملت بشكل حضاري مع رئيس سابق لا أحد يستطيع أن يشكك في وطنيته، خاصة أن هذا الرئيس حمى البلاد من الفوضى عندما تخلى عن السلطة وسلم القيادة إلى القوات المسلحة".

وقارن بكري بين جنازتي مبارك ومرسي، مشيرا إلى أن الفارق يتمثل في أن "مبارك حافظ على مؤسسات البلد، ولكن غيره سعى لإثارة الفوضى وإسقاط مؤسسات الدولة، لتحل محلها جماعة الإخوان".

وحسب وجهة نظر بكري فإن جنازة الرئيس المصري الأسبق حملت رسالة ثالثة عنوانها أن مبارك "هو أحد أبطال حرب أكتوبر 1973".

وغاب أيضًا عن جنازة مبارك وزير الدفاع الحالي الفريق أول محمد زكى، وقال الفنان تامر عبد المنعم، المقرب من أسرة مبارك، إن "الجنازة العسكرية المهيبة شهدت حضور كافة الوزراء، وشيخ الأزهر، والبابا تواضروس، مشيرًا إلى أن "الفريق أول محمد زكى وزير الدفاع لم يشارك في الجنازة العسكرية لوجوده في الوقت الحالي في باكستان".

ولفت إلى أن "جنازة الرئيس الأسبق حسني مبارك، كانت مشهدا يليق بمصر والتي أقرب ما يقال عنها إنها دولة الوفاء".

وشيع جثمان مبارك أمس من مسجد المشير طنطاوي في القاهرة، في جنازة عسكرية، بحضور الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وقيادات الدولة وأسرة مبارك.

ونعت رئاسة الجمهورية المصرية، مبارك، وأصدرت بياناً جاء فيه: "تنعى رئاسة الجمهورية ببالغ الحزن رئيس الجمهورية الأسبق السيد محمد حسني مبارك، لما قدمه لوطنه كأحد قادة وأبطال حرب أكتوبر المجيدة".

ووصفته القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، بأنه "ابن من أبنائها، وقائد من قادة حرب أكتوبر المجيدة".

وكان آخر ظهور لمبارك في حياته في صورة تجمعه مع حفيده عمر، نشرها الأخير عبر حسابه على موقع إنستغرام. وذلك أثناء وجوده بالمستشفى، بعد إجراء العملية الجراحية له في شهر يناير الماضي.

وكان الفنان تامر عبد المنعم، المقرب من أسرة الرئيس الأسبق حسني مبارك، قد قال إن مبارك توفي اليوم.

وأضاف عبد المنعم، في تصريح مقتضب لـ"إيلاف" أن الرئيس مبارك توفي، وتابع: "البقاء لله".

وكان علاء مبارك نجل الرئيس المصري، الأسبق محمد حسني مبارك، كشف عن إجراء والده عملية جراحية يوم 24 يناير الماضي.

وفي أعقاب ثورة يناير 2011، التي أسقطت نظام حكمه وقضت على آمال نجله الأصغر جمال في خلافة والده، عاني مبارك من عدة مشاكل صحية أثناء وجوده بالسجن، منها تعرضه لأزمة قلبية في يونيو 2012.