إيلاف: فيما قدم الزرفي المكلف بتشكيل الحكومة العراقية تعهدات مهمة وخطيرة إلى العراقيين وأكد أنه سيعمل على تنفيذها خلال فترة ولايته، فقد أكدت الأمم المتحدة حاجة العراق إلى حكومة فاعلة تواجه الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية والصحية، بينما اشترطت واشنطن لدعمه تشكيل حكومة تحفظ سيادة البلاد وتوفر الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وخالية من الفساد، لكنّ محتجي التظاهرات أكدوا رفضهم لتكليفه.

وقدم المكلف بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة عدنان الزرفي في أول خطاب له الى العراقيين مساء امس بعد ساعات من تكليفه بمهمته الجديدة جملة تعهدات اكد انه سينفذها بعد نيل حكومته ثقة البرلمان، لكنه لوحظ انها تعهدات واسعة وصعبة التنفيذ، خلال ولايته، التي لن يتجاوز عمرها العام الواحد، وتستقيل بعد اجراء انتخابات مبكرة في نهاية العام الحالي.

لذلك، فإن شكوكا قد برزت في امكانية تنفيذ الزرفي لتعهداته هذه، والتي عجز عن تنفيذها اسلافه طيلة السنوات السابقة، وفي مقدمتها التصدي للفساد وحصر السلاح في يد الدولة، وآخرها حماية المحتجين وملاحقة قتلتهم وتقديمهم إلى القضاء.

فبعدما شكر الزرفي خطابه الذي حصلت "إيلاف" على نصه الذين وقفوا وراء تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة مقدمًا "الثناء والتقدير العظيمين لبطولاتِ وتضحياتِ المرابطين منذ أشهر في سوح الاعتصام والتظاهر بحراكِهم السلمي من أجلِ التغيير والمطالبةِ بالحقوقِ المشروعةِ لبناء دولة المؤسسات.. وأنحني إجلالًا لأرواحِ الشهداءِ وإكرامًا لدماء الجرحى من المتظاهرين السلميين وقواتِنا المسلحة ممن استرخصوا أرواحَهم ودماءَهم لبلوغِ الحياةِ الحرة والكريمة التي يستحقُّها منا العراقُ العزيز وتليقُ بالعراقيين الغيارى".

انتخابات مبكرة حرة ونزيهة ومواجهة خطر كورونا
واكد الزرفي الحرص على تحقيق تطلعات العراقيين في المرحلة الحالية، وفي مقدمتها التحضيرُ لإجراءِ انتخاباتٍ حرةٍ ونزيهة وشفافة، بالتعاون مع ممثلية هيئة الأممِ المتحدة العاملة في العراق، وخلال مدةٍ أقصاها سنةٌ واحدة من تشكيل الحكومة، وتقديم جميع متطلباتِ الدعمِ اللوجستي للمفوضيةِ العليا للانتخابات، وبما يضمن توفيرَ المُناخاتِ الملائمة لإجراءِ الانتخاباتِ المرتقبة.

الزرفي مجتمعًا مع عبد المهدي

واشار الى انه سيولي الجهد الأكبر لمواجهةِ خطرِ تفشي وباء كورونا وتقوية ودعم خلية الأزمة بكل مفاصلها، واتباع السياقات العلمية المعمول بها حالياً في دول العالم المتقدمة، وعلى نحو طارئ لحماية الشعب من هذا الخطر الذي يهدد اليوم العالم بأسره.

قال انه سيعمل على التعجيل في إرسال موازنةِ سنة 2020 الى مجلس النواب للمصادقةِ عليها، وذلك بعد إعادة النظرِ في إمكانيةِ زيادةِ الإيرادات وخاصة غير النفطية منها والحدِّ من الإنفاقِ غير الضروري لمعالجةِ العجزِ المالي، وإتخاذ الخطوات اللازمة لمعالجة تداعياتِ الهبوطِ الحاد في أسعارِ النفط.

حصر السلاح في يد الدولة وحماية المتظاهرين وملاحقة قتلتهم
وشدد الرزرفي على انه سيعمل على حصرِ السلاح في يدِ الدولةِ والقضاءِ على كلِّ المظاهر المسلحة، وبسطِ سلطةِ الدولة، وتعزيزِ استعادةِ السلمِ الأهلي التام والتعايشِ المشترك بين الجميع على اختلافِهم وتنوعِهم، الجميعِ على حدٍّ سواء ومن دون تمييز.

كما تعهد بحماية امن المتظاهرين والناشطين والتأكيد على حرمة التعرّض لهم والاستجابة لمطالبِهم المشروعة في تحقيق العدالةِ الاجتماعية وتوفيرِ فرص العمل وتحسينِ مستوى الخدمات الأساسية، والعمل بجدٍّ على ملاحقةِ القتلة والكشفِ عن هويةِ مَن كان وراء سقوطِ آلاف الجرحى من المتظاهرين السلميين ومن قواتِنا المسلحة، وتقديمِهم الى القضاء. فضلاً عن رعايةِ وتكريم عوائل الشهداء الضحايا والاهتمام بمعالجة الجرحى.

سياسة خارجية قوامها العراق أولًا
اضاف انه سيعتمد سياسة خارجية قائمة على مبدأ العراق اولاً والابتعاد عن الصراعاتِ الإقليميةِ والدولية التي تجعلُ من العراقِ ساحةً لتصفيةِ الحسابات، ليكونَ العراقُ للعراقيين أولاً، ولتكونَ المصالحُ العراقية العليا هي البوصلة التي تحدد اتجاهات تلك المواقف والعلاقات.

متظاهرو التحرير يرفضون الزرفي

كما سيسعى إلى الانفتاحِ على جميعِ دول الجوار والمنطقة وعمومِ المجتمع الدولي، بما يحفظ استقلالَ العراقِ كدولةٍ ذاتِ سيادة وشريكٍ أساسي وفاعل في محاربة الإرهاب العالمي، وعاملِ استقرار في المنطقة.

اعادة النازحين والتصدي للفساد
وبيّن الزرفي انه سيعمل من اجل إعادة النازحين والمهجرين الى مدنِهم وقراهم، وتوفير سبلِ العيش الآمن ومتطلباتِ الحياةِ الكريمة. وكذلك التصدي بحزمٍ للفساد المستشري في وزاراتِ الدولة والمؤسساتِ المختلفة وقطعِ دابرِ المفسدين، والحرص على ملاحقتِهم قضائيا وإستعادة الأموالِ المنهوبة، والعمل على خلقِ بيئةٍ استثمارية جاذبة لرؤوسِ الأموالِ المحلية والأجنبية. ودعم وتنشيط القطاعِ الخاص للإسهامِ وبقوةٍ في إعادةِ البناء والإعمار وتوفير المزيدِ من فرصِ العملِ وتحريك عجلة الاقتصاد.

حل المشاكل مع اقليم كردستان ودعم الحشد الشعبي
وشدد على سعيه إلى حل المشاكل العالقة مع حكومةِ إقليم كردستان وتقديم الدعم اللازم إلى المحافظات والحكومات المحلية والوصولِ الى حلولٍ ومعالجاتٍ جدية لتخطي كلِّ العقباتِ، والعمل على تطوير المؤسسات الأمنية والعسكرية ودعم هيئة الحشد الشعبي وقوات البيشمركة باعتبارهما جزءًا من المنظومةِ العسكرية للبلاد، والاستمرار في التصدي لفلولِ داعش الارهابي وضبط الحدود بما يحفظ أمنَ العراقِ وسيادتَه.

ودعا العراقيين، وفي مقدمتهم الشبابُ المعتصم في سوحِ التظاهر واعضاء مجلسِ النواب والقوى السياسية، إلى ان يكونوا عوناً له في تنفيذِ هذه المهام "لنجتازَ معا الظرفَ الراهن والحرج الذي يمر به بلدنا العزيز وشعبنا الكريم لنشرع في إعادةِ بناءِ الدولة على أسسٍ سليمة، دولةِ المؤسساتِ والمواطنة التي يعيش فيها الجميع بحريةٍ وعدلٍ وكرامة وسلام".

شدد في الختام قائلا على أنه "لقد حان الوقت لأن نؤكدَ هويتَنا العراقية ونعيدَ إلى العراقِ مجدَه وعِزّه، ليرتقيَ إلى مكانتِه الرفيعة بين دولِ المنطقة والعالم".

وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد كلف امس الثلاثاء عدنان الزرفي محافظ النجف السابق رئيس كتلة تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بتشكيل الحكومة الجديدة خلال 15 يوما.

الامم المتحدة ترحب وواشنطن تشترط وعلاوي يحذر والمحتجون يرفضون
من جهتها، اكدت ممثلة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت عقب اعلان تكليف الزرفي أن "العراق بحاجة ماسة إلى تشكيلة وزارية فاعلة أمامها عمل شاق، والدعم من جميع القوى السياسية حاسم للوحدة الوطنية والنجاح".

الرئيس صالح قبيل تسليمه الزرفي خطاب تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة

قالت بلاسخارت في بيان تابعته "إيلاف" إنه "نرحب بتكليف مرشحٍ لرئاسة الوزراء لتشكيل الحكومة، في مواجهته أزمات أمنية وسياسية واقتصادية وصحية غير مسبوقة". اما وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو فقد اشار الى ان "العراقيين يريدون حكومة تدعم سيادة العراق وتوفر الاحتياجات الأساسية وخالية من الفساد وتحمي حقوقهم الإنسانية".

وأضاف "إذا وضع عدنان زورفي، رئيس الوزراء المكلف حديثًا هذه المصالح أولاً، سيحظى بدعم أميركي ودولي". أما محمد علاوي المكلف السابق بتشكيل الحكومة العراقية، فقد اشار الى ان الزرفي امام امتحان صعب في مهمته، متوقعا ان ترفض الكتل السياسية منح الثقة لتشكيلته الوزارية.

وقال علاوي في سلسلة تغريدات على "تويتر تابعتها "إيلاف" الآن "تم تكليف السيد عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة والحقيقة فإنه امام امتحان صعب، إما ان يرضى بالمحاصصة وتقسيم الوزارات بين احزاب الطبقة السياسية انطلاقاً من مبدأ المحاصصة السياسية، وبالتالي تستمر عملية حلب الوزارات والفساد من دون تحقيق انجاز ملموس على الارض، والذي قد يؤدي الى انهيار اقتصاد البلد خلال فترة لا تتجاوز سنة".

زاد قائلًا إن "بقيت اسعار النفط على ما هي عليه الآن وفي هذه الحالة سيتمكن من تمرير تشكيلته الوزارية إما أن يعيّن وزراء اكفاء ونزيهين من دون تدخل الاطراف السياسية والحزبية وفي هذه الحالة سيدخل في صراع مع الطبقة السياسية والتي قد ترفض تمرير تشكيلته".

وتساءل علاوي بالقول "هل هناك طريق ثالث؟، الايام المقبلة ستكشف الطريق الذي سيتجه اليه البلد". وكان محتجو الحراك الشعبي قد اكدوا امس رفضهم لتكليف الزرفي بتشكيل الحكومة متهمين إياه بالفساد، واكدوا ان المعتصمين سيعملون على اسقاطه.