لندن: فرض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الإثنين إغلاقا عاماً في المملكة المتحدة لثلاثة أسابيع بهدف الحدّ من تفشّي فيروس كورونا المستجدّ الذي أودى بأكثر من 300 شخص في البلاد.

في إطار هذا الإجراء الذي يسري ابتداء من مساء الإثنين، لن يُسمح للبريطانيين بمغادرة منازلهم سوى في حالات محدودة جداً مثل شراء الحاجيات الضرورية والتوجّه إلى العمل أو إلى الطبيب أو ممارسة الرياضة مرة واحدة يومياً، وفق ما أوضح جونسون في كلمته إلى الأمة.

كما سيمنع كل تجمّع يضمّ أكثر من شخصين، وسيتمّ إغلاق كلّ متاجر بيع السلع غير الأساسية وأماكن العبادة. وقال جونسون في خطابه متوجّهاً إلى البريطانيين "إلزموا منازلكم"، مشيراً إلى أنّ الشرطة ستكلّف فرض التزام المواطنين هذه الإجراءات وسيحقّ لها فرض غرامات مالية على المخالفين.

هذه الإجراءات، الأشدّ قسوة في تاريخ بريطانيا في زمن السلم، لجأ إليها جونسون بعدما بلغت حصيلة الوباء في المملكة المتّحدة 6650 مصاباً توفي منهم 335 شخصاً.

وأضاف رئيس الوزراء "اعتباراً من مساء اليوم سأعطي البريطانيين توجيهاً بسيطاً للغاية: عليكم البقاء في منازلكم"، واصفاً فيروس كورونا المستجدّ بأنّه "التهديد الأكثر خطورة الذي يواجهه بلدنا منذ عقود". تابع "سنجري تقييماً جديداً في غضون ثلاثة أسابيع وسنخفّف (هذه القيود) إذا أظهرت الوقائع أنّ بالإمكان فعل ذلك".

واضطر جونسون إلى تشديد إجراءات مكافحة كورونا إثر عطلة نهاية أسبوع شهدت خلالها مناطق كثيرة في بريطانيا، بينها الحدائق الوطنية في ويلز واسكتلندا اكتظاظاً، رغم تأكيد الحكومة ضرورة الحفاظ على الابتعاد الاجتماعي للحدّ من انتقال الفيروس.

كشفت إحصائية في مقال بصحيفة "إندبندنت" البريطانية عن أن نسبة كبيرة من المتوفين بسبب فيروس كورونا المستجد هم من المسلمين، مما أثار هلعا في صفوف الجاليات المسلمة قبل سحبها في وقت لاحق.

المقال الذي ينقل النسبة عن مصادر في هيئة الصحة البريطانية يقول إن المسلمين من كبار السن يشكلون ربع وفيات فيروس كورونا في المملكة المتحدة، وهو ما يعتبر نسبة كبيرة جدا، خاصة أن البلاد دخلت في مرحلة ارتفاع الإصابات والوفيات.

الجزيرة نت تواصلت مع عدد من الأطباء العاملين في المستشفيات البريطانية لمعرفة مصدر هذه الإحصائية -قبل سحبها من الصحيفة- الذين أكدوا جميعا أن هذه النسبة مبالغ فيها، وأنه ليس هناك حتى الآن إحصائيات دقيقة حول الوفيات من بين المسلمين.

المصادر نفسها اعتبرت أن هناك وفيات في صفوف الأقلية المسلمة في بريطانيا، لكنها لا تشكل ربع الوفيات، منبهين إلى أن مثل هذه الأرقام قد يكون لها تأثير سلبي على الروح المعنوية للمسلمين، في ظرف يعيش فيه الجميع حالة من القلق والخوف، وخاصة على كبار السن.

حالة الخوف التي دبت في صفوف المسلمين بسبب المعلومة التي ذكرها مقال إندبندنت دفعت كثيرين للاستفسار عن أصلها، خصوصا أن مصدرها الرسمي غير متاح، مما دفع الصحيفة البريطانية إلى سحب هذه المعلومة، والاكتفاء بالتنبيه لضرورة الانتباه لكبار السن وأهمية عزلهم عن بقية أفراد العائلة.

سوء فهم

أكدت رئيسة الرابطة الإسلامية البريطانية رغد التكريتي أن هذه المعطيات التي أوردتها الصحيفة البريطانية قبل سحبها، "جاءت في وقت جد حساس"، وولدت لدى المسلمين في المملكة المتحدة شعورا بأن الغاية من هذه الإحصائية ليس التوعية بل ربطها بأن "أماكن انتشار المسلمين هي أماكن انتشار للوباء".

ووضعت التكريتي ردة فعل المسلمين في سياق "علاقة غير إيجابية بين المسلمين والإعلام منذ سنوات" مشيرة إلى أن "ما قد يفهم أن نمط حياة المسلمين غير صحي".

وبحكم عملها مع عدد من الجهات المدنية والحكومية، أكدت التكريتي أنه من الصعب في الوقت الحالي، العثور على إحصائيات دقيقة حول الوفيات من المسلمين بسبب كورونا "نعم هناك مسلمون ماتوا بسبب كورونا لكن ليس هناك أي رقم أو نسبة بحكم الضغط الحالي على جميع مؤسسات الدولة".

وكشفت رئيسة الرابطة الإسلامية أن المؤسسات المدنية والخيرية الإسلامية في مقدمة صف التطوع "وطلبنا من كل أعضاء المجلس الإسلامي الذي يعتبر مظلة المنظمات الإسلامية أن يتواصلوا مع الشرطة والمجالس المحلية لمعرفة ما يمكن المساعدة فيه".

ووضعت المؤسسات الإسلامية في بريطانية أولوية، قصوى وهي مساعدة كبار السن في كل مناطق المملكة المتحدة، بالتنسيق مع الجهات الرسمية، "وحماية الأفراد الأكثر هشاشة أمام فيروس كورونا والتخفيف من حالة الهلع والخوف التي يعيشها الجميع".

وسيكون للمنظمات الإسلامية دور طلائعي في الخطة التي أعلنت عنها الحكومة بعزل حوالي مليون ونصف شخص من الأكثر هشاشة أمام فيروس كورونا، وتوصيل الأكل والدواء إلى منازلهم، وهو ما سيحتاج عددا كبيرا من المتطوعين، ومن بينهم الجمعيات الإسلامية.