طي ذاكرة الأمير تركي الفيصل كلام كثير عن عهده في رئاسة الاستخبارات السعودية، أهمه دعوته إلى عدم الثقة بالإخوان المسلمين، وتأكيده أن لا علاقة للاستخبارات السعودية بتكوين "القاعدة"، وأن اغتيال الملك فيصل عمل فردي لا تقف أي جهة وراءه.

إيلاف من الرياض: حلّ الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، ضيفًا على برنامج "الليوان" على قناة روتانا خليجية الذي يقدمه الإعلامي عبدالله المديفر، ففتح جراب الذكريات، خصوصًا أنها عامرة بالحوادث التي عايشها الفيصل أو عاينها، أو كان فاعلًا فيها.

تذكر الفيصل والده الملك الراحل فيصل، وذكريات مشاركة الملك عبدالعزيز في تأسيس المملكة وتوحيدها وهو بعد صغيرًا، وأول معركة شارك فيها الملك فيصل مع والده الملك المؤسس عبدالعزيز حين كان عمره 11 عامًا. وعن اغتيال الملك فيصل، قال: "بعد شهرين من التحريات داخليًا وخارجيًا تم التوصل إلى أن الاغتيال كان عملًا فرديًا وليس لأي جهة أجنبية صلة به".

نظام للاستخبارات

روى الفيصل للمديفر أنه عندما عين رئيسًا للاستخبارات السعودية، كان العرف يقضي بعدم الإعلان عن اسم مدير الاستخبارات، "لكن، تم الإعلان عن تعييني في بيان رسمي وقتها، صدر عن الديوان الملكي، وكان الأمر معلنًا حتى في الإعلام، وسعيت لوضع نظام للاستخبارات العامة، فعندما عُينت كان نظام الاستخبارات عبارة عن صفحة واحدة، وبعد أستئذان ولاة الأمر تم وضع نظام للاستخبارات يضمن نظافة العمل ومنع استغلال النفوذ"، مؤكدًا في حديثه أنه حرص على تحديد دور محدد للاستخبارات في التعامل مع المواطن السعودي، اي أن يتم القبض على أي شخص من خلال وزارة الداخلية لا الاستخبارات بشكل مباشر، وأنه ألغى بطاقات منسوبي الاستخبارات حتى لا يستغلها بعضهم لأغراض شخصية.

لا تثقوا بالإخوان

أضاف: "نهج المملكة يتبع الشريعة الإسلامية، ولا يسمح نظام الاستخبارات وصلاحياتها باغتيال أي شخص في العالم، فقط دورها جلب المعلومات وتجنيد المصادر وتوصيلها للمسؤولين. والملك فيصل كان حريصًا على إقناع المعارضة السعودية المقيمة بالخارج بالعودة إلى بلدهم، وكان يقوم بهذا الدور وزارة الداخلية ومندوبين عن الملك والاستخبارات العامة، ونجحت هذه الجهود في عودة البعض للبلاد".

أكد الفيصل أنه لا يمكن الوثوق في جماعة الإخوان المسلمين، فهؤلاء عملوا في المملكة لكن ظلت بيعتهم للمرشد وليس لولي الأمر، وقد التقى حين كان عضوًا في لجنة بتكليف خادم الحرمين بموفودين من الإخوان المسلمين في جدة قبيل غزو العراق للكويت، فأدرك أنهم ساندوا الغزو على الرغم مما قدمته لهم الكويت؛ إذ كانت من أكبر داعميهم.

لا أعرف بن لادن

نفى الأمير تركي الفيصل الاتهام الموجه إلى الاستخبارات السعودية والأميركية بأنها صنعت تنظيم القاعدة في أفغانستان ليحارب السوفيات، وقال إن دور الاستخبارات السعودية في أفغانستان "كان تقديم الدعم للمجاهدين ضد الغزو السوفياتي ومنع امتداد هذا الغزو إلى باكستان، وكان هناك تعاون سعودي - أميركي - باكستاني لدعم المجاهدين ضد الغزو، حيث تجمع ملايين المجاهدين الأفغان في معسكرات للاجئين في باكستان، وقام متطوعون أو لمجاهدون عرب بتقديم خدمات للاجئين الأفغان، وزعماء القاعدة العرب تجمعوا مع الأفغان في بيشاور فبدأ تنظيم القاعدة الإرهابي، ولا سيما مع اشتعال الحرب الأهلية في أفغانستان، ولم يكن للاستخبارات السعودية والأميركية أي دور في ذلك، ولا علاقة لي بأسامة بن لادن، لكني التقيته في مناسبات دعت إليها السفارة السعودية في باكستان، ثم قابلته في جدة حين طلب دعمًا استخباريًا في اليمن الجنوبي ليعمل هو والمجاهدين العرب ضد النهج الشيوعي، وقد رفضت طلبه".

وأضاف: "في عام 1995، عرض الرئيس السوداني السابق عمر البشير تسليم بن لادن للمملكة بشرط عدم مقاضاته وتم رفض ذلك من الحكومة السعودية، وبعدها ذهبت بطلب من ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وقتها إلى الملا عمر في أفغانستان لطلب استلام بن لادن لمحاكمته في الرياض، ولم يتم الأمر".

نادي سفاري

عن نادي السفاري الاستخباراتي، يتذكر الأمير تركي الفيصل أنه تأسس في ظل انحسار دور الاستخبارات الأميركية في سبعينيات القرن الماضي، وحصل تنسيق استخباري سعودي - فرنسي – أوروبي – مصري مع عدد من الدول للعمل ضد الشيوعية، وكان ينعقد الاجتماع عند الحاجة فحسب، حيث تدخل النادي لصد الهجمة الشيوعية في دول بالشرق الأوسط وأفريقيا والعالم، مثل الكونغو وجيبوتي والحبشة وغيرها، وقد استمر هذا النادي عامين أو ثلاثة.

موتورون

تذكر الأمير تركي الفيصل: "عملت سفيرًا للمملكة في أميركا عامًا ونصف، وبذلت جهودًا كبيرة، وزرت 39 ولاية، وهذا المجهود استنفذ طاقاتي، ولم أترك المنصب بسبب خلاف في واشنطن أو الرياض. وأعتقد أن ألد عدو للمملكة في أميركا هو اللوبي الصهيوني، أفراده منتشرون في كل بقعة بالولايات المتحدة".

أضاف: "استغرب ممن يرون أنني أدعو إلى التطبيع مع إسرائيل، وكلامي كله منصب على أنه يجب تطبيق المبادرة العربية، أي مبادرة الملك عبدالله لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بشكل عادل، وهذا ما أقوله للإسرائيليين إعلاميًا وفي لقاءاتي بالشخصيات الإسرائيلية في المحافل الدولية، وكل من يدعي من الفلسطينين عدم وقوف المملكة مع القضية الفلسطينية ويتهجمون على المملكة هم موتورون".

كلينتون زميله

لم يتوقع الأمير تركي الفيصل سقوط شاه إيران بسهولة في عام 1979، ولم يكن يعرف الخميني، "لكن المملكة كانت ترحب بالتعاون معه في البداية".

كان الرئيس الأكيركي السابق بيل كلينتون زميل الفيصل في الدراسة بجامعة جورج تاون في الولايات المتحدة، وتوطدت علاقته به عندما أصبح رئيسًا للولايات المتحدة، وكانت الأمير رئيسًا للاستخبارات السعودية حينها.

يرى الفيصل في الأميرة ريما بنت بندر، سفيرة المملكة الحالية في الولايات المتحدة، "خير من يمثل المملكة في هذا المنصب، على الرغم من الصعوبات التي تواجهها الآن في خضم الأمور التي تحدث في الولايات المتحدة، وهي كفء وستقوم بالدور المناسب لها".