أعلن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الأربعاء أن المصرف ساهم في تمويل الدولة، مستنداً إلى وعود بإجراء إصلاحات لم تنفذها الحكومات المتعاقبة، مشيراً الى أن البلد يحتاج سنوياً الى حوالى 16 مليار دولار ليستمر.

وفي خضم أزمة اقتصادية ومالية عميقة تشهدها البلاد منذ أشهر، رفض سلامة الاتهامات الموجهة له بالوقوف وراء سياسة استدانة الدولة نتيجة الهندسات المالية التي اتبعها.

وقال "مولنا جزءاً من حاجات الدولة"، لأنه "كانت هناك وعود بالإصلاح من الدولة، وهذه الوعود لم تترجم لأسباب سياسية. فتارة كانت هناك أوقات فراغ طويل في سدة الحكومة، وطورا فراغ طويل في سدة رئاسة الجمهورية، وتعطيل في أعمال مجلس النواب".

وأضاف "لا أعرف إذا كانت هناك إرادة فعلا للإصلاحات، لكن البنك المركزي كان دائماً يطالب بها".

ويشترط المجتمع الدولي على لبنان إجراء إصلاحات "عاجلة" لتقديم أي مساعدة مالية له أبرزها 11 مليار دولار تعهد بها خلال مؤتمر "سيدر" الذي عقد في باريس العام 2018.

والأسبوع الماضي، انتقده رئيس الحكومة اللبناني حسان دياب سلامة بشدّة، وحمله مسؤولية التدهور السريع في سعر صرف الليرة التي قارب سعرها 4000 مقابل الدولار في السوق السوداء. ودعا سلامة الى أن "يعلن لللبنانيين الحقائق بصراحة".

وقال سلامة اليوم "في مصرف لبنان ليست هناك معلومات مكتومة (...) والقول بعكس ذلك هدفه تضليل الرأي العام، منددا ب"حملة مبرمجة" ضد المصرف المركزي وحاكمه.

وكان ينظر الى سلامة على أنه عراب استقرار الليرة لعقود في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية، لكن قوى سياسية عدة تعتبره "عراب" سياسة الاستدانة التي قامت بها الحكومات المتعاقبة، الى ان بلغت ديون لبنان 92 مليار دولار.

وأعلنت الحكومة الشهر الماضي توقفها عن سداد ديونها الخارجية في إطار إعادة هيكلة شاملة للدين.

وقال حاكم المصرف المركزي "لسنا وحدنا من مولنا"، مشيراً إلى أنّ "المؤسسات الدولية مولت، بيوت المال العالمية مولت واشترت يوروبوندز".

وتابع "البنك المركزي موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال. هناك من صرف الأموال، ويجب ان نعرف من الذي صرف الأموال"، مطالبا الدولة ب"الكشف عن كيفية الإنفاق".

ومنذ سبتمبر، تفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الأموال. وفاقم انتشار فيروس كورونا المستجد من الأزمة بعدما امتنعت المصارف عن تزويد زبائنها بالدولار تماماً.

وقال سلامة "نحن نطمئن اللبنانيين ونؤكد لهم أن ودائعهم موجودة وتستخدم في القطاع المصرفي".

وأوضح أن السيولة المتوفرة لدى مصرف لبنان حالياً والقادر على استخدامها تبلغ 20 ملياراً و894 مليون دولار، مشيراً إلى أن لبنان بحاجة سنوياً إلى 16 مليارا و200 مليون دولار "ليستمر".

وتضع الحكومة حالياً اللمسات الأخيرة على خطة اقتصادية "إنقاذية" تثير انتقادات كثيرة حتى قبل إقرارها. وتقدّر حاجة لبنان اليوم إلى أكثر من 80 مليار دولار للخروح من الأزمة والنهوض بالاقتصاد، ضمنها ما بين 10 إلى 15 مليار دولار على شكل دعم خارجي خلال السنوات الخمس المقبلة.

وقال سلامة إنه يعارض خطط ال"هيركات" (الاقتطاع من الودائع في المصارف)، مضيفا "ليست هناك ضرورة أبداً ولا يجب اعتماد الهيركات"، معتبراً أن مجرد الحديث عنها "يرعب المودعين ويؤخر إعادة إقلاع القطاع المصرفي ودوره في تمويل الاقتصاد".