إيلاف من بيروت: ربما لا تفي كلمة "متردي" بمهمة توصيف الوضع في لبنان. فهذا البلد الذي وصف يومًا بأنه "سويسرا الشرق" وبأنه "منارة الحريات" في مستنقع الأنظمة البوليسية العربية، دخل منذ أشهر نفقًا مظلمًا، وتحديدًا بعد اندلاع ثورة 17 تشرين في أكتوبر 2019، حين نزل مئات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع والساحات يوميًا، وتجاوزت أعدادهم أكثر من مليون متظاهر في أكثر من تظاهرة، إلى أن خففت جائحة كورونا من اندفاعة الثورة العارمة من دون أن تخفف من عزيمة الثوار.

لهؤلاء الثوار جميعًا راية واحدة وأكثر من عدو. رايتهم الحرية، وأعداؤهم سياسيون عتاة، يحكمون البلاد بالسرقة والتحاصص، ويتحكمون بمصائر العباد بفرض التبعية الطائفية والمذهبية والتخويف من الآخر، ويضاف إليهم حزب أطبق على مفاصل السياسة اللبنانية بحجة مقاومة إسرائيل، يخوّف اللبنانيين حينًا بسلاحه وأحيانًا بموجات بشرية من أطفاله الذين انتشوا بالمخدرات وفائض القوة في آن.

لكن، من يسمع تصريحات الثوار اللبنانيين اليومية، كل على منبره في وسائط التواصل الاجتماعي، مضحكة حينًا ومبكية دائمًا، ويدرك تمامًا أن لبنان الذي يعرف العالم لا يموت، والكلمة الحرة فيه لا تتراجع عن القول الحق، وأن المضحك المبكي صار موضة لبنانية اليوم، مع انهيار الليرة اللبنانية إلى حدود عشرة آلاف ليرة مقابل الدولار الأميركي الواحد، ارتفاع أسعار المواد الغذائية أكثر من 100 في المئة في أيام قليلة، ووصول عدد العاطلين عن العمل منذ 17 أكتوبر إلى 550 ألف لبناني، وتعثر المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي، وإصرار الحكومة اللبنانية على أنها حققت في 100 يوم ونيف من عمرها 97 في المئة من الأهداف التي رسمتها لنفسها.

مضحكٌ مبكٍ فعليًا.. وهو اللايأس مع الثورة المستمرة في ما رسمته ناشطة لبنانية بكلماتها في فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي حتى وصل إلى الجميع، بليغًا في التوصيف، جريئًا في التصنيف.