بروكسل: يناقش حلف شمال الأطلسي قضية تسميم المعارض الروسي البارز أليكسي نافالني خلال اجتماع استثنائي يعقد الجمعة، غداة تهديد قادة الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات جديدة على موسكو، التي نفت بشدة استهدافه.

ومَرِض نافالني (44 عاما)، المحامي الذي يعد بين أشد منتقدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما كان على متن رحلة جوية الشهر الماضي وخضع للعلاج في مستشفى في سيبيريا قبل إجلائه إلى برلين.

وطالب القادة الغربيون موسكو بتوضيحات بعدما أعلنت برلين الأربعاء عن وجود "أدلة قاطعة" على أنه تعرّض للتسميم بواسطة غاز الأعصاب "نوفيتشوك" الذي تم تطويره خلال فترة الحرب الباردة.

واستُخدمت المادة ذاتها ضد العميل المزدوج الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في بلدة سالزبري الانكليزية قبل عامين. وأثار الإعلان الألماني تنديدات واسعة النطاق بحق روسيا.

ومن المقرر أن تقدّم ألمانيا إيجازا خلال اجتماع استثنائي لحلف شمال الأطلسي الساعة 12,30 بتوقيت بروكسل (10,30 ت غ) يسبق مؤتمرا صحافيا للأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ.

ودفعت قضية سكريبال، وهي أول استخدام هجومي لأسلحة كيميائية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، حلف شمال الأطلسي إلى طرد سبعة دبلوماسيين روس كرد على العملية.

ودعا مسؤول الشؤون الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل موسكو في وقت سابق للتعاون مع تحقيق دولي بشأن عملية التسميم مشيرا إلى أن التكتل الذي يضم 27 دولة لا يستبعد فرض عقوبات عليها.

وقال إن الاتحاد الأوروبي "يدين بأشد العبارات محاولة اغتيال أليكسي نافالني".

واعتبر الاتحاد الأوروبي أن استخدام سلاح كيميائي يعد أمرا "غير مقبول على الإطلاق في أي ظرف كان ويشكّل خرقا جديا للقانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان الدولية".

"كل ما في وسعها"

قال بوريل إن "على الحكومة الروسية أن تفعل كل ما في وسعها لإجراء تحقيق معمق وشفاف في هذه الجريمة وجلب المسؤولين إلى العدالة. لا يجب ولن يتم التهاون مع أي إفلات من العقاب".

ويطالب الاتحاد الأوروبي روسيا بالتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي تتخذ من لاهاي مقرا لـ"ضمان تحقيق دولي محايد" يعد ضروريا لتحديد المسؤولين.

وفي واشنطن، ضغط أعضاء ديموقراطيون في مجلس الشيوخ على وزارة الخزانة لفرض عقوبات على منظمات وشخصيات روسية اتهموها بالتدخل في الانتخابات الأميركية، مشيرين إلى وجود معلومات استخباراتية تكشف أن موسكو تسعى للتأثير سلبا على ترشّح جو بايدن.

وتعد عملية تسميم نافالني الحلقة الأخيرة ضمن سلسلة طويلة من محاولات الاغتيال التي استهدفت معارضين للكرملين.

إلا أن روسيا تنفي وجود أي أدلة على أن نافالني تعرّض للتسميم بينما أفاد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الخميس أن برلين لم تقدّم أي إثباتات لموسكو في هذا الشأن.

وقال بيسكوف "لا يوجد أي مبرر لاتهام الدولة الروسية"، رافضا الحديث عن احتمال فرض عقوبات اقتصادية وداعيا الغرب لتجنّب إطلاق "أحكام متسرّعة".

"علاقات مسممة مع الغرب"

تسعى موسكو التي تخضع أساسا لعقوبات غربية واسعة النطاق فرضت على خلفية ضمها شبه جزيرة القرم وتداعيات تفشي كوفيد-19 وانخفاض أسعار النفط، لتجنّب أي ضغط إضافي على اقتصادها.

وتسبب إعلان ألمانيا الأربعاء بانخفاض الروبل إلى أدنى مستوياته مقابل اليورو منذ 2016 بينما تراجع مؤشر "أر تي إس" في موسكو بأكثر من ثلاثة في المئة.

وقالت صحيفة "كوميرسانت" المتخصصة بالمال والأعمال إن "علاقات روسيا بالغرب تسممت مجددا بواسطة نوفيتشوك"، مضيفة أنه بات من الواضح أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يفكران جديا بفرض عقوبات جديدة.

وأضافت "السؤال الرئيسي هو، إلى أي مدى سيمضيان قدما بذلك".

وقال إيفان جدانوف، أحد أبرز حلفاء نافالني، لفرانس برس إن عملية التسميم تفتح "فصلا جديدا" في الحملة الأمنية التي ينفّذها الكرملين بحق المعارضين، مشيرا إلى أن هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها مادة للاستخدامات العسكرية محظورة بحق قيادي في المعارضة على الأراضي الروسية.

ومرض نافالني بعدما صعد على متن طائرة في سيبيريا الشهر الماضي، حيث أشار مقرّبون منه إلى اشتباههم بأنه تناول كوب شاي احتوى على مادة سامة في المطار.

وخضع للعلاج في البداية في مستشفى محلي، حيث قال الأطباء إنهم لم يعثروا على أي مواد سامة في دمه، قبل أن يُنقل إلى برلين للخضوع للعلاج في 22 أغسطس.

ولا يزال المحامي الذي يتمتع بالكاريزما يخضع للعلاج في قسم العناية المشددة في مستشفى "شاريتيه" في برلين حيث يتنفّس بواسطة الأجهزة.