أدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستشفى وولتر ريد العسكري قرب واشنطن الجمعة حيث يخضع لعلاج تجريبي لكوفيد-19، ما أدى إلى إبعاده عن الحملة الانتخابية قبل شهر من الاقتراع.

واشنطن: بعد غيابه عن الساحة العامة منذ إعلانه المفاجئ أنه والسيدة الأولى ميلانيا مصابان بكوفيد-19، شوهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب وهو يغادر البيت الأبيض مساء الجمعة، بدون أيّ مساعدة فيما يضع كمامة خلال توجّهه نحو المروحيّة الرئاسيّة التي نقلته إلى المستشفى الواقع في ضاحية واشنطن لتلقّي العلاج.

وفي مقطع فيديو مدته 18 ثانية سجّل داخل البيت الأبيض ونشر على تويتر، كسر ترامب صمته قائلا إنه سيدخل المستشفى لكن "أعتقد أنني في حال جيدة جدا".

وأضاف "سنتأكد من أن الأمور تسير على ما يرام" موضحا أن السيدة الأولى أيضا "في حال جيدة جدا".

وقالت المتحدثة باسم حملة ترمب كايلي ماكناني إن ترامب يتلقى عقار ريمديسفير بعد التشاور مع المتخصصين. وأضافت في بيان الجمعة أن الرئيس "لا يحتاج إلى أكسجين إضافي". وأشارت في وقت سابق إلى أنه "في إجراء احترازيّ، وبناء على توصية طبيبه والخبراء الطبّيين، سيعمل الرئيس ترامب من المكاتب الرئاسيّة في (مستشفى) وولتر ريد خلال الأيّام القليلة المقبلة".

ويعد إدخال ترمب المستشفى إجراء للتأكد من عدم تدهور الأعراض "الخفيفة" التي يشعر بها الرئيس.

ويزيد هذا التطور المفاجئ من ضبابية الوضع بالنسبة للانتخابات الأميركية المرتقبة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، إذ اضطر ترامب الذي يتخلّف عن خصمه الديموقراطي جو بايدن في استطلاعات الرأي، إلى تجميد جزء كبير من حملته.

في البداية، قدم مساعدو الرئيس تقييمات متفائلة عن حال ترمب وقال كبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز إن الرئيس البالغ من العمر 74 عاما يعاني من أعراض خفيفة و"معنوياته جيدة" ويشعر "بنشاط كبير". لكن في وقت لاحق الجمعة، أشارت رسالة صادرة عن طبيب البيت الأبيض شون كونلي إلى وضع أكثر خطورة. وقال كونلي إن ترمب تلقى جرعة من مزيج الأجسام المضادة من مختبر ريجينيرون، وهو علاج في طور التجارب السريرية لكن لم توافق الجهات التنظيمية على استخدامه بشكل واسع بعد. وأضاف "يقيّم حالته فريق من الخبراء وسنقوم بتقديم توصيات للرئيس والسيدة الأولى في ما يتعلق بأفضل الخطوات التالية".

وقال نجل الرئيس دونالد ترمب جونيور لقناة "فوكس نيوز" إن والده "يأخذ الأمر على محمل الجد بطبيعة الحال، لكنه مقاتل".

وقلب مرض ترمب مسار السباق إلى البيت الأبيض رأسا على عقب بعدما وجد بايدن نفسه فجأة وحيدا في مضمار الحملة الانتخابية وقادرا على إثبات أن نهجه الأكثر حذرا تجاه كوفيد-19 قد كان مبررا. وجعل بايدن من إدارة ترمب لأزمة الوباء، لا سيما الرسائل المختلطة بشأن وضع الكمامات، محور حملته الانتخابية فيما حاول ترامب مرارا تحويل الانتباه إلى مجالات يشعر فيها بالقوة، مثل الاقتصاد.

وأعلن بايدن الذي وقف على مقربة من ترامب لمدة 90 دقيقة خلال المناظرة الأولى بين المرشحَين الثلاثاء في كليفلاند، أن نتيجة اختبار فيروس كورونا له ولزوجته جيل جاءت سلبية الجمعة. وفي خطوة تؤكد الميّزة التي اكتسبها فجأة في السباق الرئاسي، سافر بايدن البالغ 77 عاما إلى غراند رابيدز في ولاية ميشيغان حيث من المقرر أن يعقد تجمعا انتحابيا. وقال بايدن إنه يصلي من أجل ترمب وعائلته، وأعلنت حملته أنها ستزيل كل الإعلانات السلبية.

وذكّر بايدن الناخبين أيضا بأنه دافع باستمرار من أجل أخذ فيروس كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 208 آلاف أميركي على محمل الجد، بخلاف خصمه الذي سخر مرارا منه لتمسكه باستخدام الكمامات. وقال بايدن لأنصاره في ميشيغان تعليقا على مسألة وضع الكمامات "هذا مهمّ جدا". وأضاف "بالتالي كونوا وطنيّين. إنها ليست مسألة تعنّت. يتعلق الأمر بالمشاركة في الجهد الجماعي. هذه ليست مسألة سياسة. إنّه تذكير قوي لنا جميعا بأنّه يتعيّن علينا التعامل مع هذا الفيروس بجدّية. لن يختفي تلقائيا".

وشكّل تأكيد إصابة ترمب الصادم ضربة قوية لجهوده الرامية للفوز بولاية ثانية، إذ تسبب في تجميد حملته التي كانت مقررة في أنحاء البلاد بهدف اللّحاق بالركب في استطلاعات الرأي. وقالت حملة ترمب إن كل الأحداث المخطط لها المتعلقة بالرئيس تم تأجيلها أو أنها ستجري عبر الإنترنت، بدءا من إلغاء تجمع في فلوريدا الجمعة وآخر في ويسكنسن السبت وغيرهما في الولايات الغربية مثل أريزونا الأسبوع المقبل.

حتى أن المناظرة الثانية بين ترمب وبايدن المقرر إجراؤها في 15 تشرين الأول/أكتوبر، أصبحت الآن موضع شك.

وتعتبر التجمعات جزءا رئيسيا من حملة ترمب لدرجة أن عدم قدرته المفاجئة على السفر تترك فريق حملته يعاني في جهود إعادة رسم استراتيجيته. وإضافة إلى ذلك، كثيرا ما ركّز ترامب في حملة إعادة انتخابه على مسألة أن مخاطر فيروس كورونا مبالغ فيها.

جاء الإعلان عن إصابة ترمب بالوباء بعدما ثبتت إصابة هوب هيكس، إحدى مستشاريه المقربين، ما أثار مخاوف من احتمال وجود مجموعة من الإصابات في قلب البيت الأبيض.

والتقى ترمب عشرات الأشخاص خلال الأسبوع وذكرت تقارير إعلامية أنه حضر حملة لجمع التبرعات في نيوجيرزي بعدما تأكدت إصابة هيكس بالفيروس.

وأوضح البيت الأبيض أنه يجري عملية تعقب لمخالطي ترامب فيما قالت الناطقة باسم ميلانيا ترامب إن نجل الزوجين، بارون البالغ من العمر 14 عاما، جاءت نتيجة اختباره سلبية.

كما جاءت نتيجة اختبار نائب الرئيس مايك بنس وشخصيات بارزة أخرى سلبية. وقال البيت الأبيض إن نتيجة اختبار المرشحة للمحكمة العليا آيمي كوني باريت جاءت سلبية أيضا.

لكن كيليان كونواي، وهي مساعدة سابقة في البيت الأبيض، أعلنت في ليل الجمعة أنها مصابة بالفيروس وتعاني من أعراض "خفيفة".

وقال مدير حملة ترمب بيل ستيبين البالغ من العمر 42 عاما إن نتيجة اختباره جاءت إيجابية كما ذكرت وسائل إعلام أميركية، وهو في الحجر الصحي مع أعراض خفيفة.

وكشخص بدين يبلغ من العمر 74 عاما، يعاد ترامب بين الفئات الأكثر عرضة للخطر لدى إصابتها بكوفيد-19.

وأوضح دانييل غريفين الطبيب المتخصص في الأمراض المعدية لوكالة فرانس برس أن ترمب معرّض بنسبة 20 في المئة للإصابة بشكل حاد من المرض لدرجة قد تستدعي إمداده بالأكسجين.

وفي الوقت الذي هزت هذه الانباء أسواق الأسهم العالمية، تمنى قادة من أنحاء العالم بمن فيهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لترمب والسيدة الأولى الشفاء العاجل.

كما وجّه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الجمعة للرئيس ترمب "أطيب تمنّياته" له بالشفاء من فيروس كورونا، مسلّطا في الوقت نفسه الضوء على "المعركة السياسية الكبيرة" بين الديموقراطيين والجمهوريين.