فازت المعارضة الديموقراطية ضد الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشنكو بجائزة ساخاروف لحقوق الإنسان التي يمنحها الاتحاد الأوروبي. واعتربتها سفيتلانا تيخانوفسكايا مكافأة للشعب البيلاروسي.

بروكسل: منح البرلمان الأوروبي الخميس جائزة ساخاروف لحقوق الإنسان إلى "المعارضة الديموقراطية" للرئيس الكسندر لوكاشنكو في بيلاروسيا بقيادة سفيتلانا تيخانوفسكايا التي اعتبرت أنها "مكافأة للشعب".

وكتب رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي في تغريدة متوجهاً إلى الفائزين بالجائزة "لا تتخلوا عن نضالكم، نحن إلى جانبكم"، مشيراً إلى أن ممثلي المعارضة ومعظمهم مسجونون أو أختاروا المنفى مرغمين، "يمتلكون شيئا لا يمكن للقوة الوحشية القضاء عليه: الحقيقة".

ورحّبت تيخانوفسكايا بالجائزة معتبرةً أنها "ليست مكافأة شخصية إليّ، إنها مكافأة لشعب بيلاروسيا". وقالت في مؤتمر صحافي في الدنمارك خلال زيارة تستمرّ يومين، "إنها إشارة لنظامنا أمام دول أخرى إلى أن نضالنا من أجل الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان مهمّ جداً بالنسبة للدول المجاورة". وأضافت "نحن نكافح ولن نستسلم".

وقد دعمت هذا الترشيح الكتل السياسية الرئيسية في البرلمان الأوروبي وهي حزب الشعب الأوروبي (يمين) والتحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين وكتلة "تجديد أوروبا" المؤلفة من وسطيين وليبراليين.

وفاز بالجائزة العام 2019 المثقف إلهام توهتي من أقلية الأويغور المسملة الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة في الصين بتهمة "الانفصال". وقد توج النواب الأوروبيون هذه السنة حركة تقودها النساء خصوصا وتقمعها السلطات في بيلاروسيا.

ويتوقع أن تثير الجائزة معارضة مينسك فضلا عن موسكو الداعمة للرئيس لوكاشنكو. وسبق للسلطات الروسية أن نددت بمنح الجائزة العام 2018 إلى السينمائي الأوكراني أوليغ سنتسوف الذي كان مسجونا حينها.

ومنذ الانتخابات الرئاسية في 9 آب/اغسطس التي أثارت جدلا، تشهد بيلاروسيا حركة احتجاجات كبيرة غير مسبوقة على إعادة انتخاب الكسندر لوكاشينكو الذي يرئس البلاد منذ العام 1994 مع نظام مستوحى من النظام السوفياتي السياسي والاقتصادي الموجه.

وتأتي الجائزة في مرحلة أساسية بالنسبة لهذه الحركة. فقد أمهلت المرشحة المعارضة السابقة للانتخابات الرئاسية سفيتلانا تيخانوفسكايا رئيس البلاد حتى الأحد لتقديم استقالته، مهددة بالدعوة إلى إضراب عام وتكثيف وتيرة التظاهرات.

وقالت المرشحة الرئاسية السابقة لوكالة فرانس برس "نأمل أن يتحدث الشعب البيلاروسي بصوت واحد نهاية هذا الأسبوع وبعده".

وأضافت أنه حتى في حال فشل الإضراب العام "سيبحث الناس عن طريقة أخرى للنضال، طريقة أخرى للاحتجاج. لن نتوقف".

ولوكاشنكو مهدد بعقوبات من الاتحاد الأوروبي الذي اتّخذ تدابير ضد أربعين مسؤولاً في النظام البيلاروسي متّهمين بالضبوع في القمع وتزوير الانتخابات التي لا يعترف الاتحاد بنتائجها.

وكتب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في تغريدة أن "الاتحاد الأوروبي يدعو السلطات البيلاروسية إلى الإفراج عن جميع السجناء وإجراء حوار وطني شامل".

من جهته، أكد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي عبر تويتر متوجهاً إلى الفائزين أن "الاتحاد الأوروبي يرحّب بشجاعتكم ويدعم طموحاتكم بشكل كامل".

وإضافة إلى تيخانوفسكايا، كافأ البرلمان الأوروبي تسع شخصيات معارضة بينهم المرأتان اللتان خاضتا الحملة الانتخابية إلى جانبها وهما ماريا كوليسنيكوفا المسجونة حالياً وفيرونيكا تسيبكالو المنفية، بالإضافة إلى الحائزة جائزة نوبل للآداب سفيتلانا أليكسييفيتش.

ومن بين المعارضين المسجونين أيضاً زوج سفيتلانا تيخانوفسكايا، المدوّن سيرغي تيخانوفسكي وكذلك الشخصية المعارضة التاريخية ميكولا ستاتكيفيتش.

واعتُقل جميع الأشخاص المرتبطين بتيخانوفسكايا ومجلس التنسيق الذي شُكل للتوصل إلى انتقال في السلطة، أو يخضعون للإقامة الجبرية أو أُرغموا على الفرار إلى خارج البلاد.

وكل يوم أحد، يتظاهر في مينسك ومدن أخرى عشرات آلاف البيلاروسيين، رغم خطر توقيفهم والتهديد حالياً باستخدام الرصاص الحيّ لقمعهم.

وتُنظم في أيام السبت مسيرات تشارك فيه آلاف النساء فيما الاثنين هو يوم مسيرات المتقاعدين.

ويرفض لوكاشنكو المدعوم من روسيا، تقديم أي تنازل كبير ويعد بموجة إصلاحات دستورية للخروج من الأزمة ويعرض إجراء حوار مع معارضيه من خلف قضبان السجون.

وتحظى تيخانوفسكايا على دعم الاتحاد الأوروبي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. إلا أن هذا الدعم هو سلاح ذو حدّين، إذ إن موسكو ومينسك لا تكفّان عن التنديد بمؤامرة غربية.

ولم يكن أحد يتصوّر أن تأخذ حياة تيخانوفسكايا هذا المنحى. إذ إنها كانت مدرّسة لغة انكليزية تبلغ 38 عاماً وربة منزل. وعُرف زوجها سيرغي عبر منصة يوتيوب من خلال وصفه لوكاشنكو بأنه "حشرة" وعزمه على منافسته في الانتخابات الرئاسية.

بعد توقيفه في الربيع، أطلقت زوجته "بدافع الحب" حملتها الانتخابية وانضمّت إليها ماريا كوليسنيكوفا وفيرونيكا تسيبكالو، المقربتان من مرشحين آخرين هما ضحيتا القمع أيضاً.

وتم اقتراح أسماء النساء الثلاث لنيل جائزة نوبل للسلام للعام 2021.

ومن المقرر تسليم جائزة ساخاروف في 16 كانون الأول/ديسمبر.

وتحمل الجائزة التي تبلغ قيمتها خمسين ألف يورو ومُنحت للمرة الأولى إلى نلسون مانديلا، اسم عالم الفيزياء النووي اندريه ساخاروف (1921-1989) أحد أهم المنشقين في الاتحاد السوفياتي.

وقد منح العديد من الفائزين بها جائزة نوبل للسلام. وفي أيلول/سبتمبر وفي سابقة من نوعها، أقصى البرلمان الأوروبي الزعيمة البورمية أونغ سان سو تشي من "مجموعة حائزي" الجائزة الحقوقية المرموقة بسبب جرائم بلادها ضد أقلية الروهينغا المسلمة.