واشنطن: أمضى الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب آخر يوم كامل له في البيت الأبيض في بحث قرارات عفو يمكن أن يصدرها الثلاثاء، في حين يرتقب وصول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى واشنطن استعدادا لتنصيبه في مراسم سيقاطعها سلفه خلافا للتقليد المتّبع.

ولم يسجل أي ظهور علني لترمب منذ أسبوع، وهو يلتزم صمتا غير معتاد، خصوصا بعدما علّق تويتر حسابه إثر تحريضه مناصرين له على التوجّه إلى الكونغرس.

ولم يدل بأي مداخلة عبر شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية المفضّلة لديه، كما لم تجر معه شبكات التلفزة أي مقابلة، ولم يلق أي خطاب احتفالي لعرض حصيلة ولايته الرئاسية.

وفي سابقة أخرى، لم يهنّئ ترمب بايدن بفوزه بالرئاسة ولم يتمنَّ له التوفيق ولم يدعه إلى البيت الأبيض.

ومن الخطوات الأخيرة التي يتوقّع أن يتّخذها قبل التوجّه إلى فلوريدا من قاعدة آندروز الجوية صباح الأربعاء، إصدار قرارات عفو تكثر التكهّنات حول هويات المستفيدين المحتملين منها.

ولا تدل المؤشرات الأخيرة على إمكان إصداره عفوا استباقيا عن نفسه أو عن أولاده.

وخارج سياج البيت الأبيض تبدو العاصمة الأميركية أشبه بحصن منيع قبيل مراسم تنصيب بايدن، مع انتشار مكثّف لقوات الحرس الوطني وغياب شبه تام للمارة.

وبسبب جائحة كوفيد-19 يتوقّع ألا تشهد مراسم التنصيب التي ستقام ظهر الأربعاء حضورا حاشدا.

لكن تسود مخاوف من هجمات لليمين المتطرف بعدما اقتحم أنصار لترمب مقر الكونغرس في السادس من كانون الثاني/يناير ما استدعى نشر أعداد غير مسبوقة من القوات المسلّحة، والحواجز الإسمنتية وتقسيم المنطقة إلى نطاقين "أخضر" و"أحمر".

وبعد تصويت مجلس النواب على توجيه الاتهام لترمب بـ"التحريض على التمرد" على خلفية اقتحام أنصاره مقر الكونغرس، من المتوقّع أن يبدأ مجلس الشيوخ قريبا محاكمة الملياردير الجمهوري، ما من شأنه أن يفاقم التوترات.

ويتوقّع أن يصل بايدن، السناتور الديموقراطي المخضرم الذي شغل منصب نائب الرئيس في عهد باراك أوباما، مع زوجته جيل إلى واشنطن من مقر إقامتهما في ويلمنغتون في ولاية ديلاوير.

ومن المقرر أن يلقي بايدن وكامالا هاريس التي اختارها نائبة له والتي ستكون أول امرأة تشغل هذا المنصب، مساء الثلاثاء خطابا حول أزمة كوفيد-19 من أمام نصب لينكولن التذكاري.

وامتلأت المساحات العشبية في متنزه ناشونال مول بنحو مئتي ألف علم أميركي ستمثل الحشود التي تحضر عادة مراسم تنصيب الرؤساء.

وينتشر في واشنطن 20 ألف عنصر من الحرس الوطني، كثر من بينهم مزوّدون بأسلحة آلية وبكامل عتادهم.

وفي مؤشّر يدلّ على مدى التوتر القائم في العاصمة منذ اقتحام أنصار ترمب مقر الكونغرس، أعلن مكتب التحقيقات الفدرالي انه يدقّق في سيَر العناصر الذين سيكونون منتشرين الأربعاء.

ويتمسّك بايدن برفع شعار الوحدة، وهو يؤكد أنه قادر على إعادة اللحمة بين الأميركيين لكي يواجهوا يدا واحدة الأزمات التي تشهدها البلاد، بدءا بجائحة كوفيد-19.

وفي خطوة ترمز إلى روحية جديدة في قيادة البلاد، دعا بايدن زعماء الكونغرس الجمهوريين والديموقراطيين إلى المشاركة معه في صلاة صباح الأربعاء في واشنطن قبل حفل تنصيبه.

ووافق زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الذي كان حتى الآونة الأخيرة أحد أقرب حلفاء ترمب، على المشاركة في هذه الصلاة في كاتدرائية القديس متى، وفق ما مصدر مطّلع على جدول أعماله.

الى ذلك، اعتبر ماكونيل الثلاثاء في خطاب في مجلس الشيوخ إن ترمب "حرض" الحشود التي اقتحمت مبنى الكونغرس في السادس من كانون الثاني/يناير و"شحنها بالأكاذيب".

وندد ب"مجرمين عنيفين حاولوا منع الكونغرس من أداء واجبه" عبر اثارة اضطرابات لمنع المصادقة على فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية.

وتبقى مهمة ترمب الأساسية غير المنجزة بعد، قائمة الأشخاص الذين يتوقّع أن يصدر عفوا عنهم.

وبحسب شبكة "سي.ان.ان" الإخبارية وغيرها من وسائل الإعلام الأميركية أعد ترمب قائمة تضم مئة شخص يعتزم العفو عنهم.

وأفادت صحيفة نيويورك تايمز أن جهودا حثيثة بذلت لتضمين القائمة مزيجا من أسماء موظفين ارتكبوا مخالفات وشخصيات يدافع عن قضاياها نشطاء حقوقيون.

ومن أكثر الأسماء المطروحة إثارة للجدل إدوارد سنودن، الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية والملاحق قضائيا في بلاده بتهمة تسريب تفاصيل برنامج تجسّس، وجوليان أسانج، مؤسس موقع ويكيليكس، وستيفن بانون، مستشار ترمب.

ومن شأن إصدار ترمب عفوا عن نفسه أو عن عائلته، وهي خطوة من غير المتوقّع أن يقدم عليها وفق أحدث التقارير، أن يفاقم الغضب المتصاعد في صفوف أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ كان تأييدهم له تاما في السباق، في خضم التحضيرات للمحاكمة الرامية لعزله.