بكركي: تجمّع آلاف اللبنانيين السبت في باحة البطريركية المارونية شمال شرق بيروت، تأييداً لدعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لإنقاذ لبنان والتي أثارت انتقادات أبرزها من حزب الله.
ويغرق لبنان منذ خريف العام 2019 في أزمة اقتصادية غير مسبوقة فاقمها انفجار مروع في 4 آب/أغسطس في مرفأ بيروت، ثم تفشي فيروس كورونا. واستقالت حكومة أولى بعد انطلاق حركة احتجاجات شعبية عارمة في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 وحكومة ثانية بعد نحو أسبوع من الانفجار. وحتى اليوم، لم تتمكن القوى السياسية رغم ضغوط دولية قادتها فرنسا من تشكيل حكومة تعمل على تنفيذ إصلاحات ملحة اشترطها المجتمع الدولي مقابل تقديم دعم مالي للبنان.
وقال الراعي من نافذة الصرح أمام الآلاف الذين وصلوا بالسيارات وسيرا على الأقدام الى المكان، وبينهم رجال دين من مذاهب إسلامية، "نريد من المؤتمر الدولي إعلانَ حيادِ لبنان فلا يعود ضحية الصراعات والحروب، وأرض الانقسامات، وبالتالي يتأسّس على قوّة التوازن، لا على موازين القوى التي تنذر دائمًا بالحروب".
وأضاف "نريد من المؤتمر الدولي أن يوفّر الدعم للجيش اللبناني، ليكون المدافع الوحيد عن لبنان، والقادر على استيعاب القدرات العسكرية الموجودة لدى الشعب اللبناني من خلال نظامٍ دفاعي شرعي يُمسك بقرار الحرب والسلم"، في انتقاد واضح لسلاح حزب الله الذي يملك ترسانة عسكرية ضخمة يرفض التخلي عنها بحجة مقاومة إسرائيل.
وقال "طالبنا بمؤتمر دولي خاص بلبنان لأننا تأكدنا أن كل ما طرح رُفض حتى تبقى الفوضى وتُسقط الدولة ويتم الاستيلاء على مقاليد السلطة"، مضيفاً "نحن نواجه حالة انقلابية بكل معنى الكلمة".
ووجّه الراعي انتقادات قاسية للطبقة السياسية، وقال "أن تتركوا الأمور كما هي والدولة تنهار والشعب يجوع ويُقهر، فهذا ما لا يمكن لنا ان نقبله بأي شكل من الاشكال"، داعياً اللبنانيين الى عدم السكوت عن "فشل" هذه الطبقة "والخيارات الخاطئة والانحياز".
وتابع "لا تَسكُتوا عن الفساد... لا تسكتوا عن الحدودِ السائبة... لا تَسكُتوا عن فوضى التحقيقِ في جريمةِ المرفأ... لا تَسكُتوا عن السلاحِ غيرِ الشرعيِّ وغيرِ اللبنانيّ".
وعل وقع هتافات قاطعته "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"ارهابي ارهابي حزب الله ارهابي"، و"ايه ويلا ايران اطلعي برا"، قال البطريرك "لا تسكتوا عن مصادرة القرار الوطني، لا تَسكتوا عن الانقلابِ على الدولةِ والنظام، لا تَسكُتوا عن عدمِ تأليفِ حكومة".
وكان الراعي أطلق "وثيقة الحياد الناشط" في 17 آب/أغسطس، مطالباً بإبعاد لبنان عن صراعات المنطقة وعدم تدخل دول أخرى في شؤونه، ودعا في 9 شباط/فبراير الأمم المتحدة الى عقد مؤتمر دولي "للمساعدة على إنقاذ لبنان".
وأثارت دعوات الراعي انتقادات صدر أبرزها عن حزب الله على لسان أمينه العام حسن نصرالله الذي قال إن الدعوة الى عقد مؤتمر دولي هو توجه نحو "التدويل" الذي " يتنافى مع السيادة وقد يكون غطاء لاحتلال جديد".
في المقابل، أيدت أطراف أخرى مستقلة وحزبية دعوة البطريرك.
ويقاتل حزب الله في سوريا الى جانب قوات النظام السوري، ويعتبر القوة الأكثر نفوذا في الحياة السياسية في لبنان.
ودعت أحزاب وناشطون الى التجمع اليوم. وحمل المشاركون أعلام لبنان وصور الراعي.
ويعتبر البطريرك الماروني المرجعية الدينية المسيحية الأكبر في لبنان. ولطالما لعب البطاركة لموارنة دورا أساسيا في تاريخ لبنان منذ تأسيسه.
وقالت أولغا أبو مرعي التي حضرت من منطقة الشوف (جبل لبنان) لفرانس برس "جئنا نؤيد البطريرك بدعوته للحياد، لاننا نريد الاستقرار وأن يبقى بلدنا بعيداً عن المشاكل والحروب".
واعتبر زياد سلوم من مدينة جونية أن "الحياد والاجتماع الدولي من أجل لبنان هو أقل ما يمكن المطالبة به إذا ما أرادت فئة من لبنان التمسّك بالسلاح".
التعليقات