"إيلاف" من لندن : يتابع العراق الرسمي والشعبي باهتمام التطورات الأمنية والسياسية الحاصلة في الاردن حيث يحتضن البلد الجار حوالي نصف مليون عراقي بين مقيم دائم ومؤقت اصبحوا بمرور الزمن جزءا مهما من تركيبة البلاد السكانية واقتصادها كما تستقبل بغداد العاهل الاردني للمشاركة في قمة عراقية مصرية اردنية الخميس المقبل.
وفي حين اكد العراق الرسمي الاحد وقوفه إلى جانب الاردن بقيادةِ الملك عبدالله الثاني في أيّ خطواتٍ تُتَخَذ للحفاظ على أمنِ وإستقرار البلاد فقد عبرت العديد من القوى العراقية عن تضامنها "مع المملكة قيادة وشعبا ووقوفها الى جانبها في تحقيق الأمن والإستقرار".
وشددت وزارة الخارجية العراقية في بيان تابعته "إيلاف" ان "أمنَ وإستقرارَ المملكة الأُردنيّة الهاشميّة هو من أمنِ وإستقرار العراق" حيث يرتبط البلدان بحدود يبلغ طولها حوالي 200 كيلومترا.
علاقات تاريخية متأرجحة
وتعتبر العلاقات الأردنية العراقية وثيقة تاريخيا بين الشعبيين والبلديين وصلت الى حد محاولات لتوحيد الدولتين خلال القرن الماضي.
وقد شكل الأردن حلف بغداد مع كل من العراق وتركيا وإيران والذي انحل بعد ثورة عبد العراق ضد النظام الملكي في تموز يوليو عام 1958.. وفي عام 1958 توحد البلدان تحت اسم الاتحاد الهاشمي رداً على وحدة مصر وسوريا مطلع العام نفسه وهو اتحاد لم يدم طويلا اذا انهار بقيام ثورة العراق ومقتل ملكه فيصل الثاني فيها.
واثر ذلك توترت علاقات البلدين خلال فترة الستينات السبعينات ثم عادت وتحسنت خلال الثمانينات بسبب الموقف الأردني الداعم للعراق خلال حربه مع ايران التي استمرت بين عامي 1980 و1988 والتي اندحرت فيها ايران.
ملاذ العراقيين
وأصبح الأردن منذ عام 2003 بعد سقوط النظام السابق ملاذا للعراقيين على مختلف انتماءاتهم الطائفية والسياسية وخاصة بعد الاحداث الدموية الطائفية التي شهدها العراق بين عامي 2006 و2008 حيث شكلت الجالية العراقية المقيمة هناك تجمعاً لمختلف القوى الحكومية والمعارضة بل وحتى قوى المقاومة.
ويحتض الأردن حاليا افراد من عائلة الرئيس العراقي السابق صدام حسين بضيافة نظامها الرسمي الذي يرفض تسليمهم الى السلطات العراقية وهو امر طالما دعت القوى الشيعية العراقية بسببه الى الضغط على الحكومة الاردنية ووقف مبيعات النفط العراق المخفضة اسعاره الى الاردن.
اضطراب
وخلال الحرب الاميركية ضد العراق عام 1991اثر احتلاله الكويت فقد برز الدور الأردني في تقديم المساعدات الطبية والغذائية بالإضافة إلى تسهيل عمل ودخول المنظمات الدولية في الأردن لتقديم المساعدات لعراق بكافة أشكالها.
وتم إنشاء مستشفى ميداني في الفلوجة بغرب العراق وإرسال فريق طبي من وزارة الصحة لمدينة الرطبة لتطعيم الأطفال العراقيين، ورصد مبالغ للهيئات الخيرية الأردنية لتقديم المساعدات الطبية للشعب العراقي.
وكان لتفجيرات عمان المنطلقة من الاراضي العراقية عام 2005 والتي اودت بحياة 57 شخص جراء تفجير ثلاثة فنادق في عمان نفذها تنظيم القاعدة رد فعل أردني جعله يشدد اجراءاته على الحدود العراقية وشعوره بان الاراضي العراقية يمكن ان تشكل قاعدة وخطرا لمثل هذه الجماعات.. لكنه بقي يفي بالتزاماته مثل استمراره بتدريب كوادر الشرطة والجيش العراقيين إضافة إلى تدريب الكوادر الأمنية.
تطور علاقات التعاون بين البلدين
ويرتبط العراق مع الاردن منذ عام 2004 بلجنة وزارية عليا قام رئيسا حكومتا البلدين اثرها بالتوقيع على محضر الاجتماع الأول لها .
وتضمن المحضر انشار المنطقة الحرة "الكرامة" لخدمة تجارة الترانزيت والمبادلات التجارية الدولية والصناعات التصديرية. وكذلك تأسيس مكتب البعثة المؤقتة للبنك الدولي في عمان لإدارة عملياته حول العراق منها نظراً للظروف الأمنيّة فيه .. اضافة الى تضمنها برنامجا لتدريب الكوادر العراقية واتفاقية بين الحكومة الأردنية/وزارة التخطيط والتعاون الدولي والحكومة اليابانية لتدريب وتأهيل الكوادر العراقية في مختلف المجالات في الأردن.
حجم التجارة بين البلدين
شهدت العلاقات التجارية بين الاردن والعراق تطورا ملحوظا منذ اعادة فتح معبر الكرامة /طريبيل الحدودي عام 2017، بعد أن أغلق لمدة 3 سنوات نتيجة ألاوضاع ألامنية المضطربة في العراق .
وقد بلغ التبادل التجاري بين البلدين عام 2019 حوالي مليار دولار وبلغت الصادرات الأردنية إلى العراق 466 مليون ديناراردني فيما بلغت المستوردات من العراق 1.6 مليون دينارحيث يميل الميزان التجاري لمصلحة الأردن .
ووافق العراق في كانون الثاني يناير عام 2019، على تزويد الأردن يوميا بـ 10 آلاف برميل من نفط خام كركوك باسعار مخفضة "تشكل 7 % من احتياجات الأردن" وفقا لوزارة الطاقة والثروة المعدنية الاردنية.
كما وقع الأردن مع العراق خلال العام نفسه اتفاقيات لدعم الاقتصاد خلال اجتماعات وزارية في معبر طريبيل-الكرامة أبرزها إنشاء منطقة صناعية مشتركة على مساحة 24 كيلومترا مربعا.
وقد وفعّل مجلس الوزراء العراقي قراراً اتخذه في عام 2017 بإعفاء سلع أردنية من رسوم جمركية اعتبارا من شباط فبراير عام 2019. كما قررت الحكومة إعفاء بضائع عراقية مورّدة من خلال ميناء العقبة الاردني بما نسبته 75% من رسوم المناولة لإتاحة المجال للجانب العراقي لاستيراد بعض من احتياجاته من السلع عبر الأردن.
وإضافة الى ذلك فقد اتفق الأردن على تطوير التعاون مع العراق في مجال الطيران والنقل ووقع الأردن والعراق في التاسع من نيسان أبريل 2013 اتفاقا لمد أنبوب يبلغ طوله 1700 كلم لنقل النفط العراقي الخام من البصرة الى مرافئ التصدير بالعقبة بكلفة تقارب 18 مليار دولار وسعة مليون برميل يوميا. ووفق المشروع الذي لم يبدأ تنفيذه بعد، يفترض أن ينقل الأنبوب النفط الخام من حقل الرميلة العملاق في البصرة (545 كلم جنوب بغداد) إلى مرافئ التصدير في ميناء العقبة (325 كلم جنوب عمان).
المشرق الجديد آخر تطور علاقات
وشهدت العلاقات الاردنية العراقية تطورا كبيرا منذ عامين حين اتفقا بمشاركة مصرية على بلورة مشروع تعاون اطلق عليه المشرق الجديد يستهدف بالدرجة الاولى خلق منطقة اقتصادية مزدهرة.
ومن المنتظر ان تحتضن بغداد الخميس المقبل قمة للبلدان الثلاثة بمشاركة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ستعكف على العمل لتكريس مفهوم الشرق الجديد الذي تبناه المجلس الاعلى التنسيقي بين الدول الثلاث .
وخلال قمة الزعماء الثلاثة في عمان في آب أغسطس العام الماضي اكد الكاظمي خلال كلمة في جلستها الافتتاحية على أن بلاده ملتزمة برؤية استراتيجية تدعم استقرار المنطقة وخلق فرصة التهدئة. واضاف إن "منطقتنا ليست بحاجة إلى حُرُوب وصراعات جديدة بل بحاجة لأن نقف جميعاً مع بعضنا ونعمل من أجل تحقيق ما تصبو إليه شُعُوبنا من أمن واستقرار وتنمية وحياة أفضل وأن نعمل لصنع السلام".
وشدد على أن "المشرق الجديد" ليس تحالفاً سياسياً بل هو "مشروع اقتصادي اجتماعي" بين شعوب الدول المعنية يستهدف تحقيق مصالحها المشتركة".
وتأتي القمة الثلاثية التي تعقد الخميس وهي الثالثة من نوعها بعد قمتين في القاهرة في آذار مارس عام 2019 وعمان في آب أغسطس عام 2020 في إطار مسار آلية التعاون الثلاثي بين الدول الثلاث والهادفة الى إلى البناء على ما تحقق خلال القمتين السابقتين وتقييم ومتابعة خطوات التطور في مختلف مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين مصر والأردن والعراق في إطار آلية التعاون الثلاثي.
التعليقات