إيلاف من لندن: تتصاعد تداعيات قضية التعذيب في المعتقلات العراقية على ضوء فضيحة "المتهم البرئ" لترغم وزارة الداخلية على الاعتراف بتجاوزات وتطيح بضباط واثارة مسألة التعذيب مع الامم المتحدة.

الداخلية تقر بتجاوزات خلال التحقيق

وأقرت وزارة الداخلية الخميس بارتكاب تجاوزات مهنية غير اخلاقية خلال عمليات التحقيق مع متهمين.
وقالت الوزارة في بيان تابعته "ايلاف" انها فيما كان لها "باع طويل في عمليات التحقيق الجنائي في الحوادث والجرائم التي تقع في مختلف المناطق وقد أنصفت العديد من ذوي الضحايا وكشفت عن حوادث غامضة فهي اليوم تتابع بحرص كبير ملابسات قضية أحد المواطنين في محافظة بابل (100 كم جنوب بغداد) الذي اتهم بجريمة قتل زوجته وكان غير مسؤول عن ذلك".

وأقرت بأن ما وصفتها "التصرفات الفردية التي شرع بها أحد ضباط التحقيق كانت غير مهنية ولا تمت للعمل الشرطوي والأخلاقي بشيء".
وأكدت الوزارة أنها "تابعت هذا الموضوع بحرص كبير وعملت على تشكيل لجنة عالية المستوى لارجاع حقوق المواطن ومحاسبة المقصرين لكي يكونوا عبرة لغيرهم ممن يقومون بتصرفات غير مركزية".. مشيرة الى انها ستقف على الأسباب الرئيسية التي دفعت هذا الضابط إلى القيام بهذه الاجراءات بحق مواطن عراقي سلك الطرق الصحيحة للابلاغ عن حادثة وقعت له.

وكانت وسائل اعلام محلية قد اشارت قبل شهرين الى وقوع ما وصفتها بجريمة مروعة حيث اعترف رجل اسمه علي الجبوري في محافظة بابل بحرق زوجته ورميها في النهر.
لكنه بعد اطلاق سراحه الثلاثاء الماضي اثر ظهور زوجته التي اختفت لأشهر فقد بين حقوقيون أن الزوج اضطر لـ"الإعتراف" بما أتهم به من قبل أهل زوجته تحت التعذيب.

الإطاحة بضباط

وأثر الامر بالتحقيق في قضية هذا المواطن الذي اصدره ألثلاثاء رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي فقد كشفت مصادر أمنية اليوم ان لجنة التحقيق في القضية والتي شُكلت بأمر من رئيس اللجنة العليا لمكافحة الفساد والجرائم الكبرى الفريق الحقوقي أحمد أبو رغيف الفريق قد قررت إعفاء مدير مكافحة الاجرام في قيادة شرطة محافظة بابل من منصبه.

وأضافت ان اللجنة قامت كذلك باعتقال الضباط الذين تولوا القضية وانتزعوا الاعتراف من الرجل تحت التعذيب وإحالتهم للتحقيق وهم يحملون رتبا عسكرية بين عقيد ورائد .
وتضم لجنة التحقيق اضافة الى ابورغيف مدير مكافحة اجرام بغداد عضوا.

تبليغ الأمم المتحدة بحالات التعذيب

ومن جانبها قالت نقابة المحامين العراقيين انها وثقت العديد من حالات والاكراه والتعذيب للمتهمين خلال التحقيق مؤكدة انها سترفع تقارير بذلك الى بعثة الامم المتحدة في العراق.
واضافت النقابة في بيان وقعه رئيسها ضياء السعدي وتابعته "ايلاف" انه "لم يكن من المستغرب لديها ما جرى في محافظة بابل بحادثة تبرئة أحد المتهمين بقتل زوجته، بعد الحكم عليه، بناءً على اعترافه على نفسه، جراء التعذيب، ومن ثم ظهور الزوجة على قيد الحياة".. مشيرة الى انها كانت قد شخصت في مناسبات مختلفة خطورة بعض الحالات وعدد من المراكز أو ضباط التحقيق وهم يقومون بالأعمال المخالفة للقوانين والأنظمة والصكوك الدولية والمعاهدات في انتزاع الإعترافات بالتعذيب والإكراه والضرب وإهانة المتهم وإدانته قبل أن يكون مداناً.

واوضحت ان "الدستور العراقي لعام 2005 قد جرّم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية والحاطة للكرامة، وهذا الفرض الدستوري ينبغي أن تلتزم به جميع الأجهزة الأمنية التي تباشر إجراءات التحقيق بغض النظر عن التهم الموجهة إلى المقبوض عليهم و الذين يتم إيداعهم مراكز التوقيف.
وشددت النقابة على أن "التعذيب وسيلة محرّمة في العديد من المعاهدات الدولية ولا يعتدّ به، في إثبات الجريمة الواقعة طبقًا لعدم الأخذ بالإعتراف الذي ينتزع بالإكراه، وهذا يتطلّب الإهتمام القضائي وإجراء التحقيقات مع عناصر الأمن الذين يرتكبون هذه الجرائم الإنسانية المحظورة ٱستناداً لأحكام الدستور العراقي والقوانين النافذة و تمهيداً لتحقيق المساءلة القضائية حيث أن ذلك يحقق ردعاً قانونياً قوياً يحول دون استمرار اعتماد وسائل التعذيب النفسي والجسدي لحمل المتهم على اعترافات قد تكون كاذبة وتضلل القضاء وتمكّن المجرمين الحقيقيين الإفلات من العقاب".

وطالبت النقابة باعتماد التحقيق في مكاتب التحقيق الخاصة والتابعة للمحاكم و العمل بالأصل الوارد في قانون أصول المحاكمات الجزائية لا الإستثناء الذي أحالته الأعراف السارية إلى أصل في التحقيق .
وأكدت أنها سترفع تقارير إلى الجهات الإنسانية والدولية طبقاً لتعاونها مع بعثة الأمم المتحدة لتسجيل حالات الإكراه والتعذيب.


أوامر بمحاسبة المسؤولين

وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد امر ألثلاثاء بمحاسبة جميع المسؤولين عن تعذيب المواطن ومحاكمته عن جريمة لم يرتكبها
و"تحميل المشتركين المقصرين المسؤولية القانونية والجنائية عن أي ظلم أو حيف يطال مواطناً عراقياً مهما بلغت رتب المقصرين ومناصبهم".
كما وجه الكاظمي بـ "إعادة حقوق الضحية جميعها وتعويضه عما واجهه من تجاوزات وانتهاكات أثناء التحقيق".

ومن جهته قال أحد ذوي المتهم علي الجبوري المفرج عنه -الذي اتهمته السلطات بقتل زوجته قبل أن يُعثر عليها على قيد الحياة- إن قريبه تعرض إلى أشد أنواع التعذيب داخل مركز لمكافحة إلاجرام في بابل.

واشار الى أن سيارات حكومية وصلت إلى منزله وأقلّت المتهم بصحبة والده فيما يبدو أنها محاولة للبحث عن مخرج للحرج الذي وقعت فيه الأجهزة الأمنية والجهات الإعلامية التي روّجت لإنجاز لم يحصل بعد افتضاح القضية ومشاركة قائد الشرطة اللواء علي الشمري ومدير إعلام شرطة المحافظة عادل الحسيني ومدير مكافحة اجرام بابل العميد محمد حسين جايع والإعلامي علي الحيدري في الترويج لاكتشاف جريمة لم تحدث من الأصل .