إيلاف من لندن: في الذكرى الثانية لاغتيال سليماني والمهندس التي تصادف الاثنين، أعلنت طهران عن تحديدها 125 متهماً بالعملية فيما نعتهما الرئاسة العراقية بينما تم إسقاط طائرتين مسيرتين استهدفتا موقعاً عسكرياً أميركيّاً بمطار بغداد.
واغتالت طائرة أميركية مسيرة في الثالث من كانون الثاني/ يناير عام 2020 نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد الدولي.

المتهمون معظمهم أميركيون
وأعلنت إيران اليوم عن تحديد 125 متهماً ضالعين في اغتيال سليماني والمهندس يتقدمهم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب منوهة إلى ضلوع دول عدة بالعملية.
وقال مساعد رئيس السلطة القضائية الإيرانية للشؤون الدولية كاظم غريب آبادي إنّ الولايات المتحدة هي المسؤول المباشر عن اغتيال قاسم سليماني.. مبيناً أن الرئيس السابق دونالد ترامب على رأس المتهمين لأنه أصدر أمر التنفيذ.. موضحاً أنّ الـ125 متهماً غالبيتهم عناصر في هيكل الإدارة الأميركية.
وأشار في تصريحات للإعلام الإيراني اليوم تابعتها "إيلاف" إلى أنّ هناك دولاً أخرى ضالعة في العملية تتم متابعتها من دون الإفصاح عن أسمائها موضحاً أن بلاده تهدف مشاركة الحكومة العراقية في تحقيق العدالة من المتهمين باعتبارها بلد وقوع الحادث. وأشار إلى أن الرئيس الأميركي السابق ترامب أقر بنفسه بأنه أمر بتنفيذ هذا "العمل الإرهابي معتبراً ذلك فخراً لنفسه".. مشدداً على أن إقرار ترامب يعد وثيقة قابلة للاستناد في المحاكم الدولية .


مساعد رئيس السلطة القضائية الإيرانية للشؤون الدولية كاظم غريب آبادي (اعلام ايراني )

وأضاف آبادي أنّ هدف بلاده هو أن يتم عبر التعاون مع حكومة العراق باعتباره بلد وقوع الجريمة، تحديد جميع المنفذين والآمرين والمسببين لهذه الجريمة الإرهابية وتنفيذ العدالة بحقهم.. منوهاً إلى أنّ ملف جريمة اغتيال سليماني يجري البت فيه من الناحية الجزائية وسيتم إكماله قريباً. وحول عقد المحاكمة الخاصة بالبت في ملف الاغتيال في إيران أو مكان آخر غير مكان وقوع الاغتيال بين أن البت في الملف هو طلب تنفيذ العدالة على صعيد العالم وبطبيعة الحال فإنّ العراق بصفته مكان وقوع الجريمة له بلا شك محكمة مؤهلة للبت في الجريمة.
وأشار المسؤول القضائي الإيراني إلى فتح ملف بالقضية من قبل الحكومة العراقية ولإيران تعاون معها في هذا المجال وقال إنّ سليماني هو مواطن إيراني "ونحن مؤهلون وفقاً لقانون العقوبات الإسلامية للبت في هذا الملف وسنبتّ فيه ولذلك فإنّ دخولنا للملف له أساس قانوني.
وأكّد على أنّ أي شخص ومؤسسة ومنها الشركات والأجهزة والدول والأفراد والتيارات الضالعة في اغتيال سليماني لا يمكنها ولا ينبغي أن تكون في حصانة من المتابعة القضائية.

إسقاط طائرتين مسيرتين
واليوم أعلن التحالف الدولي عن إسقاط طائرتين مسيرتين استهدفتا موقعاً عسكرياً أميركياً في مطار بغداد الدولي (18 كم غرب العاصمة) يطلق عليه (قاعدة فيكتوريا) يضم مستشارين أميركيين.
وأكّد مصدر أمني عراقي إسقاط طائرتين مسيرتين في مطار بغداد الدولي في السادسة من صباح الإثنين دون وقوع خسائر بشرية مشيراً إلى أنهما لم تكونا تحملان متفجرات. ونوّه إلى أنه "تم إبعاد طائرتين خارج محيط القاعدة وغير معلوم مكان سقوطهما إلى الآن". مؤكداً أن العملية لم تسفر عن إصابات تذكر. وقد أظهرت صور من أجزاء الطائرتين أنهما تحملان عبارة "عمليات ثأر القادة" لكن أي جهة لم تتبنَّ الهجوم لحد الآن.
وعادة ما تستهدف المليشيات العراقية المسلّحة الأهداف الأميركية في العراق ومنها السفارة الأميركية وقواعد يتواجد فيها عسكريين أميركيين وخاصة قاعدتي عين الأسد بمحافظة الأنبار الغربية وحرير بمحافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان الشمالي لكن هذه الهجمات توقفت مؤخراً إثر إعلان السلطات العراقية انسحاب القوات الأميركية القتالة من البلاد نهاية العام الماضي ويبدو أنّ استهداف الموقع الأميركي في مطار بغداد اليوم يأتي للتذكير باغتيال سليماني والمهندس.

الرئاسة العراقية: شهيدا النصر على داعش
ومن جهتها استذكرت الرئاسة العراقية اليوم حادث اغتيال المهندس وسليماني داعية إلى ضرورة الحفاظ على السلم المجتمعي مع التئام برلمان جديد.
وأشارت الرئاسة قائلة في بيان تابعته "إيلاف" إلى إنه "في الذكرى السنوية الثانية لاستشهاد قادة النصر، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الحاج أبو مهدي المهندس، والقائد الإيراني الكبير الحاج قاسم سليماني نستذكرُ بإجلال الوقفة الشجاعة للبطلين وتصديهما في ظروف عصيبة ومنذ الساعات الأولى لأعتى هجمة وحشية جسدها داعش بخططه الخبيثة باذلين روحهما الزكية الغالية لحماية أرض المقدسات من دنس الإرهابيين الظلاميين".
وأضافت أنّ العراقيين تمكّنوا "بإرادتهم الصلبة وبسالة القوات المسلحة من الجيش والشرطة والحشد الشعبي والبيشمركة ومكافحة الإرهاب وبفتوى الجهاد الكفائي للمرجع الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني وبدعم وإسناد من الجيران والأصدقاء والتحالف الدولي، من كسر شوكة الإرهاب والانتصار على داعش وحماية المنطقة والعالم من شروره".


جدارية ضخمة للمهندس قرب مطار بغداد الدولي (إعلام الحشد)

وقالت "اليوم ونحن على أعتاب التئام مجلس النواب الجديد وتشكيل حكومة جديدة، نؤكد ضرورة رص الصف الوطني والتكاتف من أجل الحفاظ على السلم المجتمعي وقطع الطريق أمام محاولات بقايا الإرهاب العبث بأمننا واستقرارنا وفاءً للدماء الزكية التي سالت من أجل حماية البلد وسيادته وكرامته ومواصلة طريق الإصلاح وتثبيت دعائم الحكم الرشيد وترسيخ مرجعية الدولة بسيادة كاملة فالعراق المستقل والمستقر الآمن ذو السيادة يمثل مصلحة للعراقيين، وكل المنطقة التي أنهكتها الصراعات".
واعتبرت الرئاسة العراقية أنّ "شعوب وبلدان المنطقة لا تزال تواجه تحديات جمة مشتركة، تستوجب العمل على نزع فتيل الأزمات القائمة ومنع التصعيد وتخفيف التوترات والانتصار للغة الحوار والتلاقي، والانطلاق نحو أطر تعاون تسودها الثقة وتأخذ في الاعتبار المصالح المشتركة لشعوب المنطقة التي عانت من ويلات الحروب والنزاعات لعقود طويلة وحان الوقت أن تنتهي".

المليشيات تحيي الذكرى
وفيما أحيى المئات من عناصر المليشيات العراقية ذكرى مقتل سليماني والمهندس في موقع الحادث بمطار بغداد، دعي في قرار رسمي باعتبار يوم الحادث عطلة رسمية في البلاد.
وقد تجمع المئات من عناصر المليشيات مساء أمس في مكان عملية الاغتيال في مطار بغداد متوعدين بالانتقام لمقتلهما ومؤكدين على ضرورة إنهاء أي وجود عسكري أميركي في العراق. وشدّدت مليشيات كتائب سيد الشهداء على ضرورة اعتبار مقتل سليماني والمهندس عطلة رسمية فيما عطلت فعلاً اليوم 1 محافظة جنوبية بالمناسبة.
وقال الأمين العام للكتائب أبو ألاء الولائي، تغريدة على تويتر تابعتها "إيلاف" "شكراً للمحافظين الذين قرروا التعطيل اليوم حداداً على أرواح القادة الشهداء. ‏شكراً للحشود المليونية التي أحيت ذكراهم بتحدي". وأضاف "‏أما الحكومة التي لم تقرر التعطيل وأحجمت حتى عن ذكر المناسبة فلا كلام لنا معها فالضرب بالميت حرام".. مبيناً أنّ "‏اعتبار هذا اليوم عطلة رسمية مطلب وطني ستضطلع به الحكومة القادمة".
يشار إلى أن لجنة التحقيقات المشتركة بين العراق وإيران كانت قد عقدت أول اجتماع لها في بغداد يومي 24 و 25 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي والثاني في طهران يومي 21 و 22 كانون الأول/ديسمبر الحالي فيما سيعقد الإجتماع الثالث في بغداد في شباط المقبل.