إيلاف من لندن: وسط احترازات امنية مشددة وتظاهرات اجتجاج صوت نواب الاحزاب العراقية الحاكمة الاربعاء برفض استقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في جلسة شهدت مقاطعة النواب المستقلين وممثلي الاحتجاجات وقوى التغيير.

فقد صوت مجلس النواب العراقي لدى استئناف جلساته اليوم بعد توقف دام الشهرين على رفض استقالة رئيسه محمد الحلبوسي بـتصويت 235 نائبا بالرفض مقابل 13 بالموافقة من مجموع عدد النواب البالغ 329 نائبا.

وعزا مصدر سياسي مطلع في تصريح لـ"ايلاف" اسباب رفض الاستقالة الى وجود رئيس جمهورية مؤقت وحكومة تصريب أعمال وبالتالي فأن عدم وجود رئيس للبرلمان أيضا سيشكل فراغاً في الرئاسات الثلاث اضافة الى ان الحلبوسي يقود تحالفا سنيا هو الاكبر يضم 50 نائبا ولذلك لايمكن للقوى الرئيسية المتجهة لتشكيل تحالف واسع يضم الاحزاب السياسية للمكونات الثلاثة الشيعية والسنية والكردية الاستغناء عنه.

مقاطعة النواب المستقلين والتشرينيين

وجرى التصويت بمقاطعة النواب المستقلين والممثلين لاحتجاجات تشرين البالغ عددهم حوالي 40 نائبا الرافضين للمحاصصة وخرق الاستحقاقات الدستورية لمرحلة مابعد الانتخابات المبكرة والداعين للتغيير الشامل.
وقالت حركة "امتداد" المنبثقة عن الحراك الشعبي في بيان تابعته "ايلاف" ان الطبقة السياسية الحاكمة مازالت تستهين بمقدرات الشعب المبتلى بها احزاباً وكتلاً وقادةً، فبدلاً من احترام التوقيتات الدستورية التي نصت على إنتخاب رئيس الجمهورية بعد ثلاثين يوماً من إنتخاب رئيس مجلس النواب تستمر هذه الطبقة بخداعها للشعب وتدعو إلى جلسات استعراضية ليست من الواقع السياسي في شيء .

واشارت الى ان مقاطعتها لجلسة اليوم تأتي بسبب خرق المدد الدستورية والاستهانة بها وعدم مراعاة مصالح الشعب في كل الأفعال والمواقف في الفترة التي تلت الانتخابات وآخرها تحديد وقت جلسة اليوم والتي لا تمت للجلسات الدستورية بصلة.

تحصينات حول المنطقة الخضراء وسط بغداد مع انعقاد جلسة البرلمان الاربعاء 28 سبتمبر 2022 (تويتر)

واضافت انه بفرض صحة طلب استقالة رئيس مجلس النواب من الناحية القانونية وجدية الكتل والقيادات السياسية لقبول استقالته لكنا اول المصوتين على قبول استقالته او السعي الى اقالته لفشله في ادارة الجلسات وانتهاكه القوانين والنظام الداخلي وكنا قد اعلنا سابقاً عن قرارنا بجمع التواقيع لحل مجلس النواب لفشله وعدم احترامه للدستور واللوائح المنظمة.

وفي السبب الثالث للمقاطعة رأت امتدادانه لا توجد اي جدية في تمكين النواب المعارضين لتسنم المناصب الرئاسية لمجلس النواب كمنصب رئيس المجلس ونوابه ولا توجد أي نية حقيقية في كسر الأعراف السياسية البالية الباطلة وانما الاصرار على تكرار الفشل عبر التوافق والتحاصص في شغل هذه المناصب.

ومن جانبهم اشار 11 نائبا مستقلا الى ان عدم مشاركتهم بجلسة البرلمان اليوم يأتي "‎انطلاقاً ‎من ثوابتنا الوطنية والتي أعلنا عنها مسبقا قبيل الانتخابات الماضية في تحقيق التغيير المنشود وبناء دولة المؤسسات والابتعاد عن المنهجية التقليدية في إدارة الدولة ‎على مدار 19 عاما التي جلبت الويلات لشعبنا الكريم والتي يحاول البعض تكريسها في ‎هذه المرحلة الحرجة ايضاً".


وأضافوا في بيان تابعته "ايلاف" انه " لإعطاء فرصة لتشكيل حكومة مستقلة قوية بعيدة عن ‎الاحزاب التقليدية قادرة على قيادة البلد الى بر الامان والشروع بتغيير حقيقي نعلن ‎عن رفضنا حضور جلسة مجلس النواب ليوم الاربعاء ورفضنا لنهج التوافق ‎والمحاصصة ولن نكون جزءاً من الصراع الحالي".


وكان البرلمان قد صوت في 9 كانون الثاني يناير الماضي على انتخاب الحلبوسي لولاية ثانية في رئاسته للبرلمان حيث حصل وهو رئيس تحالف تقدم السني خلال تصويت سري على 200 صوتا من مجموع عدد النواب الحاضرين لجلسة التصويت البالغ 288 نائبا من العدد الكلي للنواب البالغ 329 .
وفي تصريحات له الاثنين اكد الحلبوسي أنه لم يتداول قرار استقالته مع قادة الكتل السياسية، مبيناً ان "كل القوى السياسية التي تؤيد مبدأ الذهاب إلى انتخابات مبكرة تدعو للنقاش مع التيار الصدري ولا زالت الدعوات مع فريق الامم المتحدة حول كيفية جمع القوى السياسية الى كلمة سواء بلا غالب أو مغلوب".

واوضح أن "التواصل جار مع فريق الصدر والامم المتحدة داخلة على الخط وهناك تواصل هاتفي معهم".. مبينا انه "لا أحد يتوقع اليوم ما إذا ستكون الأيام القادمة سهلة".

إجراءات أمنية غير مسبوقة

وانعقد البرلمان اليوم وسط اجراءات مشددة غير مسبوقة حبيث تم غلق جميع مداخل المنطقة الخضراء الذي تضم مبنى البرلمان وكذلك الجسور المؤدية اليها و ونشر قوات أمنية في وسط بغداد وساحاتها العامة وحول مدينة الصدر بضواحي العاصمة مركز انصار التيار الصدري خوفا من خروج تظاهرات تعرقل جلسة البرلمان.

وأستبعد قائد عمليات بغداد الفريق الركن أحمد سليم فرض أي حظر للتجوال.
وقال سليم في تصريح اتابعته "ايلاف" ان قطع الشوارع في العاصمة بغداد يتوقف على أعداد المتظاهرين خلال اليومين المقبلين في ساحتي التحرير والنسور في اشارة الى تظاهرات الاحتجاج التي دعا اليها الناشطون وقوى التغيير للخروج السبت المقبل.

وأشار إلى أن "الانتهاء من خطة الانتشار يتوقف على تطورات الموقف والانفراج في الأزمة".
وقد احاطت القوات الامينة بوابات الخضراء بالكتل الكونكريتية واغلقت جسري الجمهورية والسنك المؤديين اليها ما ادى الى زخم مروري كثيف في انحاء العاصمة .

ودخلت الخطة الأمنية الخاصة بتأمين جلسة البرلمان وأي تظاهرات قد تخرج ضدها حيز التنفيذ منذ ليلة امس حيث تم تقسيم العاصمة إلى ثلاثة قواطع وتشديد الاجراءات الامنية حول المداخل الرئيسية اليها .

كما قررت قيادة عمليات بغداد منع تجوال الدراجات النارية وعجلات النقل المتوسطة عجلات الحمل بأنواعها كافة والمعدات الهندسية (اضافة الى العجلات التي تحمل الخيام خشية استخدامها لاعتصام محتمل.

يذكر ان العراق يشهد ازمة سياسية خطيرة منذ الانتخابات المبكرة التي جرت في تشرين الاول اكتوبر 2021 وفاز فيها التيار الصدري بزعامة الصدر وشهدت خسارة قاسية للقوى الموالية لايران التي لجأت الى عرقلة انعقاد جلسات البرلمان لانتخاب رئيس للبلاد يرشح رئيسا لحكومة جديدة.

وقد اثار هذا غضب الصدر الذي قام في 12 حزيران يونيو الماضي بسحب نوابه من البرلمان بعد ما وصفه بالتفاف قوى "الإطار التنسيقي" الشيعي على مشروع حكومة الأغلبية الوطنية الذي يدعو له وإصرارها على حكومة توافقية جديدة قائمة على المحاصصة الطائفية والحزبية والتي يراها الصدر سبباً رئيساً في استمرار الفساد والتردي الخدمي في البلاد.

وقد ادى ذلك الى تصاعد الخلافات بين الجانبين وتفجرها عنفا بين مسلحيهما في اشتباكات دامية شهدتها المنطقة الخضراء وسط العاصمة نهاية آب أغسطس الماضي أوقعت 30 قتيلا إضافة الى 700 مصابا غالبيتهم من القوات الامنية .