يشق العراق طريقه بثبات نحو تحقيق هدفه النهائي المتمثل في الاستقلال بمجال الطاقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وليس أدل على ذلك من إشراف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بنفسه على توقيع جولة التراخيص الخامسة لستة عقود نفط وغاز في حفل أقيم في وزارة النفط ببغداد.

ووصف السوداني توقيع العقود بأنه "الاستثمار الأمثل للثروة النفطية ودخول العراق سوق الغاز العالمية".

ويهدف رئيس الوزراء أيضا من خلال توقيع هذه العقود الى القضاء على الممارسة السامة والقاتلة لحرق الغاز، اذ يحتل المرتبة الثانية بعد روسيا من حيث كميات الغاز المحترق مقارنة بروسيا. كما ان السكان يعيشون بالقرب من مواقع حرق الغاز.
ويقدّر البنك الدولي أن العراق يحرق نحو 17 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً تقدر قيمتها بنحو 8 مليارات دولار سنويا.

وتتسبب هذه الممارسة أيضاً في أضرار بيئية جسيمة ومخاطر صحيةمميتة للسكان بالقرب من مواقع الحرق في جميع أنحاء البلاد من البصرة إلى إقليم كردستان، حيث تكون مخيمات اللاجئين هي الأكثر عرضة للخطر جراء ممارسات حرق الغاز المصاحب.



ولقد أثبت تحقيق أجرته بي بي سي عربي العام الماضي أن هناك صلة مباشرة بين حرق الغاز والعدد الكبير من المصابين بالسرطان.
وقال السوداني انه "من غير المقبول الاستمرار في سوء الإدارة المتمثل بحرق الغاز الذي يهدر الثروة ويؤثر على البيئة".

وتقود الحكومة العراقية برنامجا طموحا للإصلاح في قطاع النفط والغاز. وتعتزم الإعلان عن جولة جديدة من التراخيص - أطلق عليها تسمية الجولة السادسة. ومن المتوقع أن تركز على الغاز، مما دفع السوداني
ليعلن أن العراق "سيصل إلى الاكتفاء الذاتي من الغاز في غضون ثلاث سنوات لتغطية جميع متطلبات السوق".

تقليل الاعتماد على الواردات من إيران
يعتقد الكثيرون، لسببٍ وجيه، أن إيران، كانت المستفيد الرئيسي من فشل العراق في الاستثمار في بنيته التحتية. حيث يعتمد حوالي 43٪ من إنتاج الكهرباء في العراق على صادرات الغاز والكهرباء الإيرانية. ونتيجة لذلك، تجني إيران مليارات الدولارات، مما أصبح مصدرًا رئيساً للدخل بالنسبة لها.
في حين أصدرت الولايات المتحدة أكثر من 18 إعفاء من العقوبات للعراق لشراء الغاز الإيراني.

وأوضح الأميركيون خلال الزيارة الأخيرة لوفدٍ عراقي إلى واشنطن، بقيادة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين، أنهم يريدون رؤية الخطوات العملية والملموسة
التي سيتخذها العراق لتقليل الاعتماد على الغاز الإيراني.
وبالتالي جاء توقيع الجولة الخامسة من اتفاقيات الترخيص كخطوة عملية. إذ أعقب هذه الخطوة إجراءً مماثلاً مثل الانتهاء من توقيع الاتفاقية مع توتال إنرجيز الفرنسية، لتطوير إنتاج الغاز في حقل أرطاوي من 60 ألف برميل إلى 200 ألف برميل يوميا.
وتُشكل هذه الخطوة تأكيداً على جدية العراق في السير على الطريق الصحيح للاكتفاء الذاتي وتقليص
اعتماده على الغاز المستورد لتوليد الكهرباء.

هذا وتحرص الحكومة العراقية الحالية على إظهار قدرتها على اتخاذ إجراءات إصلاح قطاع النفط، لتقديم العراق كقوة رئيسية في قطاع الطاقة العالمي، مستخدمة تلك القوة لزيادة مكانة العراق على الساحة العالمية.

ويستمر السوداني باعتماد أجندة ورؤية جديدة. حيث قال: "يحظى قطاع الغاز بأولوية رقم واحد، ونحن بحاجة إلى أن نكون عاملاً رئيسياً كدولة منتجة للغاز إلى جانب كوننا دولة نفطية رئيسية".

وهذه الكلمات تتماشى مع تشجيع الحكومة العراقية لشركات النفط العالمية للاستثمار في حقول النفط والغاز في البلاد، من اجل مواصلة السير على طريق الازدهار