إيلاف من لندن: دعا العراق تركيا وإيران إلى اتخاذ خطوات جادة وعملية للتوصّل إلى اتفاق لتوفير حصة عادلة من المياه له، مع تراجع منسوب نهري دجلة والفرات.

جاء ذلك خلال ترؤس الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد في بغداد اليوم اجتماعاً موسّعاً كُرّس لملف المياه في البلد، بحضور وزير الموارد المائية عون ذياب عبدالله والسفير الهولندي لدى العراق يوهانيس لينديرت ساندي وممثل عن البنك الدولي ومدير مكتب البنك الدولي في بغداد محمد العاني.

أكد رشيد في كلمة له تابعتها "ايلاف" أهمية مؤتمر نيويورك للمياه المزمع عقده في 22 مارس المقبل، وضرورة طرح موقف العراق المائي والمشكلات الناجمة عن شحة المياه والتغيرات المناخية، مشددًا على أهمية الحاجة إلى خطوات جادة وعملية للتوصّل إلى اتفاق مع دول الجوار في إشارة إلى تركيا وإيران اللتين تعتبران رافدين لمياهه من أجل تقاسم الضرر وتوفير حصة عادلة من المياه.

وأشار إلى ضرورة إيجاد الإجراءات التنفيذية الفاعلة والتشريعات الضرورية المُلزمة الحامية للأمن المائي والزراعي في البلد، وإلى وجوب الشروع بفتح حوار عملي مع دول الجوار في هذا الشأن.

إلى جانب هذه المسؤوليات، أكد رشيد أهمية الاهتمام بالموارد المائية في العراق والحفاظ عليها بإجراءات جادة وفاعلة، خصوصا أننا من الدول الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية والجفاف والتصحر.

الأولوية في العراق لملف المياه

وصف الرئيس العراقي ملف المياه بالحيوي منوها الى انه يجب أن تكون له الأولوية التي تتطلب تعاون جميع المؤسسات والدوائر الحكومية والجهات غير الحكومية، مشددا على نشر الوعي المجتمعي في ترشيد استهلاك المياه ووقف الهدر فيها وإنهاء التجاوزات على نهري دجلة والفرات وأفرعهما.

ولفت رشيد إلى أهمية الارتقاء بطرق الزراعة المعمول بها في البلد باعتماد طرق الري الحديثة، وتوفير الحصة المائية لمناطق الأهوار الجنوبية للحفاظ على الموارد المائية وضمان توفرها للأجيال المقبلة.

وجرت خلال الاجتماع مناقشات مستفيضة بين المشاركين فيه تمحورت حول معالجة شحة المياه واستخدام الطرق والوسائل الحديثة في الري ودعم الجهود لتعزيز حصة العراق المائية.

وكان الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق آوكي لوتسما، قد سلّم الرئيس العراقي في الثامن من الشهر الحالي دعوة رسمية من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيري لحضور مؤتمر المياه من أجل التنمية المستدامة الذي سينعقد في نيويورك للفترة بين 22 و24 مارس المقبل.

تراجع منسوبي دجلة والفرات

اليوم تم تسجيل تراجع في منسوب نهري دجلة والفرات العراقيين في جنوب العراق في انعكاس للنقص الشديد في المياه وسياسات التقنين من السلطات التي تعهدت الأحد اتخاذ اجراءات من أجل معالجة الأزمة.
وفي مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار في جنوب العراق، تمكّن مصور في "فرانس برس" من رؤية قاع نهر الفرات ظاهراً عند الضفاف ودعامات الجسور العابرة للنهر.

يعدّ ملف المياه ملفاً أساسياً وشائكاً بالنسبة للعراق البلد شبه الصحراوي الذي يقطنه نحو 42 مليون نسمة حيث تتهم بغداد مراراً جارتيها تركيا وإيران بالتسبب في خفض كميات المياه الواصلة إلى أراضيها لا سيما بسبب بنائهما لسدود على النهرين.

مياه قليلة من تركيا

وأوضحت وزارة الموارد المائية العراقية في بيان اليوم الأحد أن "الانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية" عائد إلى "قلة الايرادات المائية الواردة الى سد الموصل الشمالي على دجلة وسد حديثة شمال غرب على الفرات من الجارة تركيا".. منوهة الى أن ذلك أدى إلى "انخفاض حاد في الخزين المائي في البلاد".

أدّت كذلك أساليب الري الخاطئة، وفق الوزارة، إلى زيادة حدة هذا النقص، مشيرةً إلى "عدم التزام المزارعين المساحات الزراعية المقررة" وفق الخطة الموضوعة من السلطات.

وقال عبد الرضا مصطاح سنيد مدير الموارد المائية في ذي قار أن الفلاحين "بدأوا بالتجاوز وزراعة مساحات شاسعة قد تصل إلى أضعاف ما هو مخطط له للخطة الزراعية" وهو ما أدى وفق المسؤول إلى "زيادة الاستهلاكات المائية من حوض نهر الغراف ونهر الفرات وألقى بظلاله على قلة المياه الواردة".

وغالباً ما يواجه العراق مشكلة نقص في المياه ولذلك تقوم السلطات بتقنين توزيع المياه للحاجات المختلفة كالري والزراعة واستهلاك مياه الشرب وتغذية أهوار جنوب العراق.

غضب محافطات العراق الجنوبية

يتم ذلك عبر حفظ المياه في السدود في شمال البلاد ما يثير غضب المحافظات الجنوبية.

وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية خالد شمال في تصريح لـ"فرانس برس" إن "هذه الحالة موقتة" في إشارة إلى انخفاض مناسيب النهرين في الجنوب.

أضاف أن وزارته ستطلق المزيد من المياه من السدود العراقية في الموصل ودوكان ودربنديخان، متعهداً بنتائج إيجابية "خلال اليومين المقبلين".

نموذج تنمية اكثر اخضرارًا

مع تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وازدياد التصحريعدّ العراق من الدول الخمس الأكثر عرضةً للآثار السلبية للتغير المناخي في العالم وفق الأمم المتحدة.

في كانون الأول ديسمبر الماضي دعا البنك الدولي العراق إلى اعتماد نموذج تنمية "أكثر اخضراراً ومراعاة للبيئة" لمواجهة التحدي المناخي.
وفي تقرير، دعت المنظمة الدولية العراق إلى "تحديث نظام الري" و"إعادة تأهيل السدود".

شدّدت كذلك على ضرورة "تحسين توزيع المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي" وكذلك "زيادة الاعتماد على الزراعة الذكية" بمواجهة التغير المناخي.