واشنطن: عملا بوعده بترميم الزعامة الأميركية في العالم بعد سنوات ترامب الأربع في البيت الأبيض، يستضيف جو بايدن اعتباراً من الثلاثاء قمة ثانية من أجل الديموقراطية تهيمن عليها هذه السنة الحرب في أوكرانيا والمخاوف حيال صعود نفوذ الصين.

ودعا الرئيس الأميركي إلى هذه القمة الثانية التي تستمر ثلاثة أيام وتجري في جزء كبير منها عبر الإنترنت، ما لا يقل عن 121 من قادة العالم، ما أكثر بثماني مرات من عددهم في القمة الأولى في 2021.

وتداركًا لأي انتقادات بالتفرّد، حرص بايدن على دعوة قادة زامبيا وكوستاريكا وكوريا الجنوبية وهولندا للمشاركة في استضافتها، لضمان تمثيل القارّات الخمس.

وتعقد القمة في ظل صعود الأنظمة المتسلطة في العالم وتفاقم التهديدات للديموقراطية بما في ذلك في الولايات المتحدة نفسها مع الهجوم على مقر الكونغرس في السادس من كانون الثاني/يناير 2021.

ورأى مارتي فلاكس من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن أن "ما كان يعتبر من قبل تهديداً كبيراً إنما على المدى البعيد إلى حدّ ما، اتخذ الآن طابعاً شديد الخطورة وداهماً إلى أقصى حد".

وستضمّ جلسات العمل مسؤولين وأطرافًا من المجتمع المدني للبحث في التحديات بوجه الديموقراطية عبر العالم، بما في ذلك على صعيد التكنولوجيا، في وقت يتهم الغربيون خصوصًا تطبيق تيك توك بأنه أداة بيد بكين.

المعايير المعتمدة
تفتتح القمة الثلاثاء بنقاش حول السلام في أوكرانيا عبر الإنترنت مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي.

وسيكون التعارض مذهلاً بين ظهوره في القمة الأولى في بدلة رسمية كرئيس دولة، ومشاركته هذه السنة بعدما تحول إلى زعيم حرب مع الغزو الروسي لأوكرانيا منذ شباط/فبراير 2022.

وإن كان بايدن وفى بوعوده الانتخابية حول هذه القمة ورمم تحالفات الولايات المتحدة، فهو خيّب أمل الكثير من المراقبين بتقرّبه من قادة يتهمون باتباع نهج متسلط ولديهم حصيلة موضع جدل على صعيد حقوق الإنسان.

وزار بايدن العام الماضي السعودية ومصر للمشاركة في مؤتمر الأطراف حول المناخ كوب27، وأقام مجدداً علاقات عمل مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ولم تُدع أي من الدول الثلاث إلى القمة، في صفعة موجهة خصوصاً إلى الرئيس التركي الذي يخوض انتخابات للفوز بولاية رئاسية جديدة في 14 أيار/مايو.

وبين الدول المستبعدة من القمة أيضاً المجر التي يترأسها القومي فيكتور أوربان وسنغافورة وبنغلادش.

وتمتنع وزارة الخارجية عن التعليق على المعايير المعتمدة في دعوة بعض الدول واستبعاد بعضها الآخر، مشيرة إلى توزيع ذي "صفة تمثيلية" على الصعيدين الاجتماعي الاقتصادي والإقليمي.

وقال متحدث باسم الخارجية "لا نسعى إلى تحديد أي دول هي ديموقراطية أو ليست ديموقراطية".

ودعيت الهند التي توصف بأنها أكبر ديموقراطية في العالم، بعد أيام من إقصاء زعيم المعارضة راهول غاندي من البرلمان الهندي.

كذلك، دعيت خمس دول أفريقية استبعدت من القمة الأولى، وهي تنزانيا وساحل العاج وغامبيا وموريتانيا وموزمبيق.

احتواء النهج الاستبدادي
من جهة أخرى، ستشكل القمة مناسبة جديدة للولايات المتحدة من أجل التقرب من أفريقيا في وقت عززت الصين وروسيا وجودهما في القارة.

وتقوم نائبة الرئيس كامالا هاريس هذا الأسبوع بجولة أفريقية تشمل غانا وتنزانيا وزامبيا، سعياً للترويج للصورة الإيجابية التي تراها واشنطن إذ تعتبر القارة "مستقبل العالم".

وأشارت مجموعة الأبحاث حول الديموقراطية "فريدوم هاوس" المدعومة من الإدارة الأميركية، إلى أن العام 2022 سجل تراجعا للديموقراطية في مختلف أنحاء العالم، وفق ما جاء في تقريرها السنوي.

لكن المسؤولة في المجموعة كاتي لاروك رأت أن الديموقراطيات "يمكنها تنسيق سياساتها لاحتواء النهج الاستبدادي".