حذّر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان من كارثة وشيكة في غزة تُنذر بعواقب وخيمة على المنطقة، وقال مساء الثلاثاء، إن الشعب الفلسطيني يعاني تحت القصف والحصار والمجتمع الدولي صامت.
وشارك الأمير السعودي في جلسة المناقشة رفيعة المستوى لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيه قضية فلسطين، بدعوةٍ من وزير خارجية البرازيل ماورو فييرا، الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر.
وأدان في كلمته بشكلٍ واضح استهداف المدنيين من أيّ طرفٍ كان، وقال: "دعت المملكة لضرورة وقف التصعيد والقتل، وإطلاق سراح الرهائن، والالتزام بما تقتضيه المواثيق والقوانين الدولية".
وأضاف: "بذلت القيادة في المملكة جهودًا مكثّفة في التواصل مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل إيجاد حلّ عاجل وعمليّ يوقف التصعيد، ويضع نهاية لدورات العنف الدامية".
وانتقد تخاذل المجتمع الدولي قائلاً: "إننا نرى خيبة أمل كبيرة، جرّاء تخاذل المجتمع الدولي في التعاطي مع ما يفترض أنها مسلّمات إنسانية مشتركة، وقوانين دولية تحكم علاقات الدول والمجتمعات وتعايشها السلمي، ووقوفه عاجزًا عن القيام بما يتوجب عليه لمعالجة الأوضاع المأساوية، وخذلانه للمدنيّين العزّل في فلسطين".
تابع: "الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعاني من الحصار والتصعيد المستمر لآلة الحرب الإسرائيلية، والاستهداف المتواصل لمنشآته المدنية ومرافق حياته اليومية، من مدارس ومستشفيات وبنى تحتية، الذي أودى بحياة الآلاف من الأبرياء بما في ذلك النساء والأطفال والشيوخ، وتسبّب في جرح الآلاف من المدنيين".
وأضاف: "ما نشهده من تراخي المجتمع الدولي حتى الآن في العمل على الوقف الفوري لما تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية من عقابٍ جماعي بحقّ سكان غزة، ومحاولات تهجير قسري، لن يقرّبنا من الأمن والاستقرار الذي ننشده جميعاً".
وشدّد وزير الخارجية السعودي، على أنه "آن الأوان لأن يضطلع مجلس الأمن بالمسؤوليات التي أُنشِئ من أجلها، وأن يتّخذ المجتمع الدولي موقفًا حازمًا وجادًا لإيقاف الانتهاكات الإسرائيلية، بما يضمن حماية المدنيين، وإنهاء الحصار، ويكفل سرعة دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية، من غذاء وماء ودواء، للحيلولة دون حدوث كارثة إنسانية، ويمنع توسيع دائرة الصراع وتعريض الأمن الإقليمي والدولي للخطر.
وأضاف: "إن عجز مجلس الأمن عن القيام بالدور المناط به في حفظ السلم والأمن الدوليين، وفشله في التوصّل إلى قرار يعالج هذه الأزمة، في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للمواثيق الدولية بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، لَيشكّك في موثوقية آليات الشرعية الدولية ومصداقية المدافعين عنها، وقدرتها على تحقيق السلام"، مشيراً إلى التبعات الخطيرة التي تتعدى الأزمة الحالية ومنها سياسة الكيل بمِكيالَين، وازدواجية المعايير، والانتقائية في الالتزام بالقوانين والقرارات الأممية، لما لها من تبعات خطيرة تتعدى هذه الأزمة، وتمسّ شرعية قواعد القانون والنظام الدولي برمّته، مما سينعكس سلبًا على قدرة الجميع على حفظ السلم والأمن الدوليين.
وأكد أنّ "استمرار دورات العنف وتعاقبها، ما هو إلا نتيجة لتقاعس المجتمع الدولي عن القيام بدوره تجاه القضية الفلسطينية على مرّ العقود الماضية، وللآثار الوخيمة لعدم تحقيق الالتزام بالقرارات الأممية ذات الصلة، مشيرًا إلى أن تجاهل أسباب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن يؤدي لحلّ عادل للقضية الفلسطينية، ولا لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة؛ وهو الأمر الذي يتطلّب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والتحرّك الجادّ لدعم جهود إحياء عملية سلام ذات مصداقية".
وختم: "إننا نعمل من أجل مستقبل أفضل للمنطقة، ونتطلُّع لأن تنعم شعوبها بالسلام، الذي نؤمن بأنه سيسهم في تحقيق الازدهار للجميع، لذا فإن تحقيق السلام في الشرق الأوسط متطلّب جوهري لضمان مستقبل أفضل لشعوب المنطقة وأجيالها القادمة".
هذا ودعا خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظرائه المصري سامح شكري، والأردني أيمن الصفدي والفلسطيني رياض المالكي على هامش اجتماع مجلس الأمن الدولي في نيويورك، إلى العودة لعملية سلام حقيقية، مشددًا على أن "وقف إطلاق النار في غزة ضرورة إنسانية قصوى وفورية".
أيمن الصفدي وزير الخارجية الأردني ووزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يتحدثون بعد اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الوضع في الشرق الأوسط 24 أكتوبر \تشرين الأول 2023.
المالكي
وندد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بـ"المجازر التي ترتكبها إسرائيل"، ورأى أن "من واجب مجلس الأمن وقفها، وأن "إخفاقه لا يغتفر".
وسأل الوزير الفلسطيني "ألم يجرح ضميركم الإنساني جراء جرائم الاحتلال الإسرائيلي على مدى 56 عامًا من الاحتلال الاستعماري أو عمليات القتل الإرهابية والدمار والجوع الذي يتعرّض له الشعب الفلسطيني اليوم؟".
وكان مجلس الأمن الدولي الذي يشهد انقسامات على الدوام بشأن الملف الإسرائيلي الفلسطيني، رفض الأسبوع الماضي مشروع قرار عرضته روسيا يطالب بـ"هدنة إنسانية".
وحدها خمس دول من 15 أعضاء في مجلس الأمن أيدت النص الذي كان يدين "كل أعمال العنف التي تطال مدنيين وكل الأعمال الإرهابية"، لكنه لم يذكر حركة حماس صراحة الأمر الذي رفضته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.
واستخدمت الولايات حق الفيتو في وجه مشروع قرار آخر أعدته البرازيل التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن. ورأت واشنطن أن النص لا يأتي على ذكر "حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها". وقد أيد المشروع 12 دولة.
وتفيد مصادر دبلوماسية أن مشروع قرار ثالثا أعده الأمريكيون يتداول بين الدول الأعضاء.
ويؤكد النص الذي اطلعت وكالة فرانس برس على محتواه خصوصا "حق كل الدول بالدفاع عن نفسها فرديًا وجماعيًا".
شكري
بدوره، شدد وزير الخارجية المصري على ضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري ومستدام في غزة حتى تتجنب المنطقة اتساع رقعة النزاع.
واعتبر ان "قرار مجلس الأمن الذي سيطرح للتصويت بشأن الحرب في غزة سيكون قاصرًا إذا افتقد للتوازن"، معبّرًا عن أمله بـ"وقف الاقتتال في غزة وليس إعطاء مبرر لاستمرار الصراع".
الصفدي
وقال زير خارجية الأردن، أيمن الصفدي، إن الأيام القادمة ستشهد المزيد من التحركات العربية المشتركة في مواجهة الحرب على قطاع غزة والتهديد لأمن المنطقة.
ورأى أن "الدعم لحرب إسرائيل يولد انطباعًا خطيرًا في منطقتنا وبين شعوبنا بأن هذه الحرب هي بين الغرب (من جهة) والعرب والإسلام من جهة أخرى، وهو انطباع يشكّل خطرا وكارثة للجميع".
التعليقات