يبدو أن الضربة الأميركية الأخيرة على الفصائل العراقية الموالية لإيران ستُمهد لخروج قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن من أرض العراق. فقد بدأت الأصوات تعلو رفضًا للتدخل الأميركي العسكري في الشأن الداخلي.

السوداني
أبرز هذه المواقف جاء في كلمة قائد القوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال الحفل التأبيني الذي أقامته هيئة الحشد الشعبي في الذكرى الرابعة لاغتيال قادة النصر ورفاقهم. حيث قال السوداني أن "الحكومة تؤكد الموقف الثابت والمبدئي في إنهاء وجود التحالف الدولي بعد أن انتهت مبررات وجوده".
أضاف: "إننا بصدد تحديد موعد بدء الحوار من خلال اللجنة الثنائية التي شُكِلَت لتحديد ترتيبات انتهاء هذا الوجود، وهو التزامٌ لن تتراجع عنه الحكومة، ولن تفرط بكلِّ ما من شأنه استكمال السيادة الوطنية على أرض وسماء ومياه العراق".

وردًا على القصف الأميركي للفصائل العراقية وقوات الحشد الشعبي، قال السوداني بحزم: إن "الحكومة العراقية هي الجهة الوحيدة المخولة بفرض القانون، ولها حصرًا الحق بملاحقة الانتهاكات القانونية والخروقات الأمنية عند حصول أي تجاوزٍ من قبل أية جهة عراقية، وليس لأحد أي حق في التطاول على سيادة العراق".
وأدان الاعتداءات التي تستهدف قوات الأمن العراقية، باعتبارها تتجاوز روحية ونصّ التفويض الذي سمح بتواجد التحالف الدولي في البلاد، مؤكدًا قدرة الحكومة واستعدادها لاتخاذ القرارات المناسبة في الحفاظ على سيادة العراق وأمنه واستقراره، و"هذا يقع في صلب مسؤولياتها والتزاماتها وواجباتها الدستورية".

اليعقوبي
في السياق ذاته، أكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون الأمنية خالد اليعقوبي عدم وجود أي نص في الاتفاق الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة يسمح لها بالتصرف منفردة على الأراضي العراقية.

وذكّر اليعقوبي في حديثه لوكالة الأنباء العراقية أن رئيس الوزراء عبّر عن جدية التزامه بمعالجة ملف تواجد التحالف الدولي في العراق منذ اليوم الأول لتوليه المسؤولية. وزار مع وفد عراقي رفيع المستوى واشنطن في آب(أغسطس) 2023 حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة عسكرية عراقية –أميركية مشتركة تدرس الخيارات التي تؤدي لخلو الأراضي العراقية من أي تواجد عسكري أجنبي.

ولفت اليعقوبي إلى أن "الجانب العراقي أنجز ما عليه من التزامات في هذا الجانب. فقد سمى مجلس الأمن الوطني لجنة برئاسة رئيس أركان الجيش العراقي، فيما قام الجانب الأميركي بدوره بتسمية لجنته. غير أن الولايات المتحدة طلبت تأجيل موعد اللقاء الذي كان مقررًا في 10 تشرين الأول(أكتوبر) الماضي بسبب أحداث غزة.


لقطة من استعراض الجيش العراقي في الذكرى الـ 103 لتأسيسه(وكالة الأنباء العراقية)

تحية للجيش
وبمناسبة الذكرى الـ 103 لتأسيس الجيش، وجه السوداني، رسالةً صوتية إلى أبناء القوات المسلحة مثمنا تضحياتهم وبسالتهم وإقدامهم في الدفاع عن الوطن، ومؤكدًا دعم الحكومة للمؤسسة العسكرية وايمانه بقدراتها بالدفاع عن أرض الوطن.

وحول جهوزية الجيش العراقي ووضعه الحالي، أكد نائب قائد العمليات المشتركة، الفريق أول الركن قيس المحمداوي، في حديثه لوكالة الأنباء العراقية أن الجيش في جهوزية أعلى، مطالبًا بدعمه بالطائرات المسيرة ومنظومات الدفاع الجوي، وتعزيزه تكنولوجيًا لتطوير بعض المفاصل المهمة لرفع قدراته إلى مستوى التحديات الإقليمية والدولية، وتمكينه في مواجهة الحرب السيبرانية.
ولفت المحمداوي، إلى اهتمام الحكومة الحالية بتجهيز وتسليح الجيش بمتابعة شخصية من القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني.

تملّص أميركي
مواقف السوداني حول إصرار الحكومة على إنهاء الوجود المسلح الأجبي في البلاد، لاقت ثناء وترحيبًا من عدة جهات عراقية. حيث أعلنت كتلة "ائتلاف دولة القانون" النيابية، ورئيسة حركة "إرادة" حنان الفتلاوي دعمها الكامل لخطوات رئيس الوزراء بشأن إنهاء التواجد الأجنبي وتحقيق السيادة الوطنية.

الجدير ذكره أن "التحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة الأميركية يضم 86 دولة بينها 11 عضوًا رئيسيا والبقية مساندين.
وكان هذا التحالف قد تشكل بهدف القضاء على إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية التي احتلت البلاد قبل أن تستعيد الدولة قواها وتصبح قادرة على مواجهة التحديات. غير أن الولايات المتحدة التي ترأس قوات التحالف لديها_على ما يبدو_ تقديرات خاصة بشأن خطر الإرهاب. فبينما تؤكد السلطة العراقية قدرتها على مواجهة عصابات داعش الإرهابية، تستمر واشنطن بالتملّص من تحديد موعد للقاء اللجنتين العراقية والأميركية لتحديد جدول زمني لخروج قوات التحالف من البلاد.
وعليه، إصرار السوداني بإخراج قوات التحالف يقابله تملّص أميركي بحجج لا تقنع الجانب العراقي، رغم المواقف المُعلنة للولايات المتحدة بأنها تنوي سحب قواتها من العراق. لكن، المعروف أن حسابات واشنطن لا تُبنى الا وفقًا لمصالحها وحلفائها، فهل ستوافق على الانسحاب من العراق الذي يدعم بشدة القضية الفلسطينية، ويطالب بوقف الحرب على غزة، في وقت تواجه حليفتها إسرائيل ضغوطًا دولية في حربها على القطاع؟!
تبدو المسألة شائكة، على المدى القريب، إلا في حال حدوث مفاجآت قد تدفع واشنطن للوفاء بوعودها.