بعد فترة وجيزة من إصدار المحكمة العليا الأمريكية، الاثنين، قرارها بأن دونالد ترامب يحظى بـ "حصانة جزئية" من الملاحقة القضائية بصفته رئيساً سابقاً، خرج ترامب محتفلاً.
وكتب ترامب على موقع تروث سوشيال: "فوز كبير لدستورنا وديمقراطيتنا". "فخور بكوني أمريكي!".
وفي حين أن ترامب لم يحصل على الحصانة الكاملة التي سعى إليها هو ومحاموه، إلا أنه حصل على أكثر مما يكفي لتحقيق هدفه المتمثل في تأجيل محاكمة أخرى إلى ما بعد انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) المقبلة.
ويعدّ الحكم الصادر عن القضاة المحافظين الستة، ضربة قوية للقضية الجنائية الفيدرالية المرفوعة ضد ترامب، والتي تتهمه بمحاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية 2020.
من جهته، وصف جو بايدن حكم المحكمة العليا بأنه "سابقة خطيرة"، وقال الرئيس الأمريكي إن الحكم يقوض "سيادة القانون" ويمثل "ضررا فظيعاً" على الأمريكيين.
وفي بيان متلفز في وقت متأخر من الاثنين - بتوقيت واشنطن -، قال الرئيس بايدن: "هذه الأمة تأسست على مبدأ لا وجود فيه للملوك، كل واحد منا متساو أمام القانون، لا أحد، لا أحد فوق القانون، ولا حتى رئيس الولايات المتحدة، ولكن قرار مع المحكمة العليا اليوم بشأن الحصانة الرئاسية، تغير ذلك بشكل جذري".
وتابع: "يجب على الشعب الأمريكي أن يقرر ما إذا كان اعتداء دونالد ترامب على ديمقراطيتنا في 6 يناير/كانون أول عام 2021، يجعله غير صالح لتولي منصب عام في أعلى منصب في البلاد... ولعل الأهم من ذلك هو أنه يجب على الشعب الأمريكي أن يقرر ما إذا كان يريد أن يعهد للرئيس مرة أخرى، برئاسة دونالد ترامب، وهو يعلم الآن أنه سيكون أكثر جرأة للقيام بكل ما يحلو له وقتما يريد أن يفعل ذلك".
وبهذا القرار سيتعين على المدعي الخاص، جاك سميث، وفريقه إعادة هيكلة قضيتهم ضد الرئيس السابق بشكل كبير، والأدلة التي يمكنهم الاعتماد عليها لدعم القضية إذا أرادوا الاستمرار فيها. وتم تعليق المحاكمة مؤقتاً في انتظار قرار سميث بالاستمرار في القضية أم لا.
ويضمن الحكم الصادر، الاثنين، بأغلبية 6 مقابل 3 أن أي محاكمة تندرج تحت هذا القرار سيتم تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) حيث تقوم محكمة أدنى درجة بفرز توجيهات المحكمة العليا.
في الواقع، وضع القضاة المحافظون الستة سقفاً مرتفعاً للغاية أمام المدعي الخاص جاك سميث وفريقه.
ورأت المحكمة أن ترامب يتمتع بحصانة كاملة عن الأفعال الرسمية التي قام بها بصفته رئيساً والمتعلقة بواجباته الدستورية الأساسية. ويشمل ذلك الاتصالات التي أجراها مع مسؤولي وزارة العدل بشأن مزاعم تزوير الانتخابات. وبالتالي، فإن هذا الجزء من لائحة الاتهام ضد ترامب قد سقط فعلياً.
علاوة على ذلك، قال القضاة الستة إن هناك افتراضاً بالحصانة لأي أفعال رسمية أخرى قام بها ترامب. ومن الناحية العملية، يعني ذلك أن على المدعين العامين أن يبذلوا جهداً كبيراً لرفع قضية ضد ترامب.
ومع ذلك، أضافت المحكمة أن الرؤساء لا يتمتعون بالحصانة من الملاحقة القضائية في أفعال لها صبغة شخصية.
وقد ذهب رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، في رأيه إلى تطبيق هذا المعيار تحديداً على الرئيس السابق - وهو توجيه قد يكون ضاراً بشكل خاص للادعاء في قضية التدخل في الانتخابات.
ويعتبر قرار المحكمة أن محاولات ترامب للضغط على نائب الرئيس مايك بنس لعدم التصديق على فوز جو بايدن في الانتخابات - وهو جزء أساسي من قضية المدعي الخاص جاك سميث - هي نوع من الإجراءات الرسمية الخاضعة لمعايير أعلى من المراجعة القانونية.
ومن المرجح أيضاً أن تُعتبر تعليقات الرئيس السابق في السادس من يناير/كانون الثاني 2021 - التي زُعم أنها تحريض على هجوم الكابيتول - إجراءات رسمية.
وقال رئيس المحكمة العليا أيضاً إن "الشهادات أو السجلات الخاصة للرئيس أو مستشاريه" غير مقبولة في المحكمة، وهذا يحدّ بشكل كبير من أنواع الأدلة التي يمكن للمدعين العامين تقديمها لدعم قضيتهم، حتى في الحالات التي تنطوي على أفعال غير رسمية.
وفي الوقت نفسه، يجب أن تنظر محكمة أدنى درجة في اتصالات ترامب مع المواطنين العاديين لمعرفة ما إذا كانت إجراءات غير رسمية.
وأوضح القاضي روبرتس أن الرؤساء يحتاجون إلى مثل هذه الحصانة الواسعة للأفعال الرسمية؛ لأن التهديد بالملاحقة الجنائية - و"الازدراء العام الذي يلحق بالإجراءات الجنائية"- قد "يشوه" عملية صنع القرار الرئاسي.
وكتب روبرتس: "الرئيس ليس فوق القانون، ولكن لا يجوز للكونغرس ملاحقته لممارسة سلطاته الدستورية الأساسية، بموجب الدستور".
وبينما كان ترامب وفريقه يحتفلون بالقرار باعتباره انتصاراً للديمقراطية الأمريكية، فإن القضاة الليبراليين الثلاثة في المحكمة كان لهم رأي مختلف تماماً.
فقد قالت القاضية سونيا سوتومايور، في رأيها الذي عارضت فيه حكم المحكمة، "في كل استغلال للسلطة الرسمية، بات الرئيس الآن ملكاً فوق القانون".
ومضت في سرد مجموعة متنوعة من الأفعال التي لا يمكن محاكمة الرؤساء عليها، مثل الأمر باغتيال منافس سياسي، وتلقي الرشاوى مقابل العفو وتنظيم انقلاب للتمسك بالسلطة.
وتابعت بالقول "محصن، محصن، محصن، محصن".
واختتمت قائلة: "خوفا على ديمقراطيتنا، أنا معارضة".
والآن أعادت المحكمة العليا قضية التآمر لقلب نتائج الانتخابات إلى قاضٍ في محكمة أدنى درجة، إذ يتعين عليه تطبيق تفاصيل القرار.
وستخضع هذه القرارات أيضاً للاستئناف والمراجعة - وهي عملية قد تستغرق شهوراً إن لم يكن سنوات.
وإذا فاز ترامب بالرئاسة في تشرين الثاني (نوفمبر)، فإن من سيعينهم في وزارة العدل قد يسقطون القضية بالكامل.
التعليقات