إيلاف من الرباط: دعا حزب التقدم والاشتراكية المغربي المعارض الحكومة إلى "مراجعة المسار"، منتقدا "عدم اكتراثها بقضايا الديموقراطية والحريات والمساواة وحقوق الإنسان لأجل إحداث مناخ سياسي إيجابي"، متحدثا، في هذا الصدد، عن "عجزٍ حكومي على مواجهة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية".

واعتبر الحزب، في بيان تلقت "إيلاف المغرب"، الخميس نسخة منه، توج أشغال مكتبه السياسي، الأربعاء، بالدار البيضاء،أن البلاد، اليوم، "محتاجة ليس فقط الى مجرد تعديل حكومي، بل إلى تغييرٍ عميق في التوجهات والمقاربات والسياسات الحكومية، لاستعادة الثقة وتحقيق التقدم والرفاه للجميع، وإلى حكومة قادرة سياسيا على تحرير الطاقات، كما تدعو إلى ذلك توجهاتُ النموذج التنموي الجديد".
وتناول الاجتماع عددا من القضايا السياسية، التي رأى أنها تستأثر بالاهتمام أثناء الدخول السياسي الحالي.

الدخول المدرسي والجامعي
توقف المكتبُ السياسي عند الدخول التعليمي، المدرسي والجامعي، وما يطرحه من "تحديات وصعوبات جَمَّة" على الأسر المغربية، ولا سيما منها المتوسطة والمستضعفة، أساساً بسبب "الارتفاع المهول لكلفة مستلزمات الدخول المدرسي، خاصة بالنظر إلى الاختلالات والفوضى التي يعرفها سوقُ الكتاب المدرسي". كما توقف عند "الزيادات الفاحشة" التي فُرضت من طرف معظم مؤسسات التعليم الخصوصي بالنسبة لرسوم التسجيل والواجبات الشهرية، بدعوى حرية الأسعار والمنافسة، علاوةً على فرض اقتناء كتب مدرسية مستوردة، بما يُرهق أكثر كاهل الأسر المعنية".
وبالنسبة للدخول الجامعي، توقف المكتبُ السياسي، خصوصاً، عند استمرار أزمة كليات الطب والصيدلة، "المرشحة للتفاقم" بعد التحاق الفوج الجديد من الطلبة بهذه الكليات، في حال "استمرار عجز الحكومة عن إيجاد حلٍّ مناسبٍ لهذه المعضلة التي بقدر ما تَقُضُّ مضجعَ الأسر، بقدر ما تُسيئ إلى سمعة التعليم العالي ببلادنا وتُضِرُّ بآفاق إصلاح منظومة الصحة الوطنية".
وأمام "هذه الأوضاع التي تتجاهلها الحكومةُ، وفي أحسن الأحوال تُقاربُها بكثيرٍ من الاستسهال"، نبه الحزب الحكومة إلى "ضرورة التعاطي الحازم والبنَّاء والناجع مع قضايا الدخول التعليمي، الذي يهُمُّ ملايين الأسر المغربية، والحرص التام على اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية ومراعاة القدرات المادية للأسر المغربية، ولتوفير كافة شروط إنجاح هذا الدخول".


جانب من اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية المغربي

كما نادي الحزب الحكومةَ إلى "الشروع الفعلي في إجراء الإصلاحات الضرورية، لتوفير كافة الإمكانيات والشروط من أجل الاعتماد أولًا وأساسًا على تعليمٍ عمومي جيد ومتكافئ، بما يحمي مستقبل بنات وأبناء المغاربة، وبما يحفظ للتعليم طابعه كخدمة عمومية استراتيجية، وبما يحمي الأسر من جشع القطاع الخصوصي الواجب السهر الفعلي على تقنينه وتأطيره وفق مقتضيات القانون الإطار".

غلاء الأسعار وإنكار الحكومة
تداول المكتبُ السياسي للحزب في "التدهور المطرد والخطير للقدرة الشرائية للأسر المغربية، وخاصة بالنسبة للطبقة الوسطى والفئات الفقيرة"، وذلك من جراء "الغلاء المتصاعد والفاحش لأسعار مجمل المواد الاستهلاكية والخدمات". وأعرب، في هذا الصدد، عن "خيبة أمله العميقة إزاء تجاهل وإنكار الحكومة لهذا الوضع الاجتماعي المقلق، والمتفاقم بفعل ارتفاع البطالة واستمرار الجفاف ومستلزمات الدخول التعليمي، في مقابل تعبير هذه الحكومة عن الارتياح واكتفائها بخطابات وتصريحاتٍ جوفاء بلا أثرٍ ملموس".
وجدد الحزب، في هذا السياق، دعوته الحكومةَ "لاتخاذ إجراءاتٍ قوية وفعالة لمواجهة غلاء الأسعار وحماية جيوب المواطنات والمواطنين الذين يئنون بصمتٍ تحت وطأة ارتفاع كلفة المعيشة، بما في ذلك التدخل الحازم والناجع لضبط الممارسات غير المشروعة في الأسواق، من احتكارٍ ومضاربات وتواطؤات".

تفاوتات مجالية عميقة
تناول المكتبُ السياسي الأمطار الرعدية والسيول الفيضانية التي عرفتها أخيرا عددٌ من أقاليم المملكة، معظمها في الجنوب الشرقي. ورأى أنه إذا كانت لهذه الوضعية المناخية آثارٌ إيجابية على الفرشات المائية للمناطق المعنية، فإن "الأضرار الكبيرة التي لحقت بهذه الأخيرة تُعتبرُ تأكيداً على وجود تفاوتات مجالية عميقة، من حيث البنياتُ التحتية والمرافق والخدمات العمومية وإمكانيات ووسائل الوقاية والتدخل".
وعلى هذا الأساس، أكد الحزبُ على أن الحكومة "مُطالبَة بالتوزيع العادل والمتكافئ للاستثمارات العمومية، كما بالتحفيز الحقيقي للاستثمار الخصوصي بالأقاليم والجهات التي لم تستفد بالقدر اللازم من المجهود التنموي الوطني، وذلك تحقيقاً للإنصاف الترابي، وتفاديا لارتفاع معدلات الهجرة، بما فيها الهجرة المناخية".
وتطرق المكتبُ السياسي إلى موضوع برنامج إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة من زلزال الحوز. وسجل، بهذا الصدد، "تصاعد استياء وتذمر المواطنات والمواطنين المعنيين، من جراء النقائص التي تشوب عمليات الإحصاء المُـفضي إلى الاستفادة من الدعم، وبفعل تأخر الإنجاز وتعثر كثير من المشاريع المقررة، علاوة على تسجيل ضعف التقيُّد بالخصوصيات المعمارية والثقافية للمناطق المعنية".
وشدد الحزب على أن هذا الوضع يستدعي من الحكومة وباقي الهيئات المكلفة تنفيذ البرنامج المذكور "تحمُّل المسؤولية تفادياًّ لاستمرار معاناة الأسر المعنية".

إشادة بالعفو الملكي
جدد الحزبُ الإشادة بمبادرة العفو الملكي على عددٍ من الصحفيين، المعتقلين أو المتابعين. وأعرب عن تطلعه إلى "أن تشكل هذه الخطوة الحكيمةُ مُقدمةً لإحداث أجواء انفراجٍ أقوى على الأصعدة الديموقراطية والحقوقية"، بما يعطي البلاد "مناعةً وقوة أكبر للتغلب على مختلف الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية، وبما يُمَكِّنها من الاستمرار في تحسين مكانتها على الصعيد الدولي، وبما يمنحها إمكانياتٍ أكبر لتمتين الجبهة الداخلية من أجل الكسب النهائي لرهان توطيد" الوحدة الترابية.
كما ثَمَّنَ الحزب المبادرة الملكية المتعلقة بالعفو عن آلاف المحكومين والمتابعين في قضايا ارتبطت بزراعة القنب الهندي في فترة ما قبل تقنينها وهيكلتها مؤسساتيا لأهداف صناعية وطبية وصيدلية.
وأكد الحزبُ، في هذا الصدد، على أنَّ هذه الخطوة المِقدامة من شأنها أن تكون لها آثارٌ إيجابية مؤكدة، على أساس أن تعمل الحكومةُ على إدراجها ضمن منظورٍ تنموي قوي، يقوم على إدماج المعنيين في أنشطة اقتصادية بديلة، وعلى برنامج شامل ودقيق لتنمية وتأهيل المناطق المعنية على كافة المستويات، وعلى تأطيرٍ صارمٍ للمساحات المخصصة لهذه الزراعة، وللكميات المنتَجة بشكلٍ مشروع، وللمياه المستعملة في ذلك بالنظر إلى وضعية الجفاف التي تعيشها البلاد.

مراجعة السياسة الرياضية
تطرق المكتبُ السياسي لموضوع "النتائج المتواضعة جدا"المحصَّل عليها أثناء المشاركة المغربية في الألعاب الأولمبية الأخيرة، "على الرغم من الإمكانيات الكبيرة الموضوعة رهن إشارة أغلب الجامعات الرياضية"، بما يطرح، بقوة، "ضرورة واستعجالية الإصلاح السياسي العميق لأنماط تدبير وحكامة الرياضات الوطنية، بما فيها الاحترافية والمدرسية والجامعية".

قانون المالية
تطرق المكتبُ السياسي، بشكلٍ أولي، إلى مضامين المذكرة التأطيرية لرئيس الحكومة، المتعلقة بإعداد مشروع قانون المالية( موازنة) 2025. وأكد، بهذا الشأن، على أن "المذكرة المذكورة تَنِمُّ عن رؤية تكنوقراطية صرفة"، و"تفتقد إلى النَّفَس السياسي اللازم، وإلى الحلول المبتكرة للإشكالات الحقيقية كتمويل الواجهات الضخمة المفتوحة على المستوى الاجتماعي وعلى مستوى البنيات التحتية". كما أنها "وثيقة تتضمن "أولويات" يتمُّ تكرارها كل سنة دون أن تكون مقرونة بقرارات وإجراءات تُجسِّدُها واقعيا".
واعتبر الحزبُ أن هذه "المذكرة تنطوي على نفس الوعود التي دأبت الحكومة على توزيعها بسخاءٍ على المغاربة وعلى عالَم المقاولة الوطنية، في مقابل أفعال ونتائج مُعاكِسة تماماً لهذه