إيلاف من لندن: عندما يلتقي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر برئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الأربعاء، في أول اجتماع رسمي لهما لمناقشة إعادة ضبط العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، ستكون هناك عدة "خطوط حمراء" قد تعيق طموحه، من بينها رغبة جورجيا في الانضمام إلى التكتل وقضايا خلافية أخرى عالقة.
ومن المرتقب أن تلتقي فون دير لاين في نفس اليوم (الأربعاء) بسالومي زورابشفيلي، رئيسة جمهورية جورجيا السوفيتية السابقة، والتي تعد مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فهي أكثر أهمية لمستقبل الكتلة من بريطانيا، حسبما نقلته صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وبينما تتطلع جورجيا إلى احتضان عضوية الاتحاد الأوروبي في المستقبل، استبعد ستارمر صراحةً إعادة الانضمام إلى السوق الموحدة والاتحاد الجمركي. وقد دفع هذا الموقف الدبلوماسيين والمحللين إلى التحذير من الحدود القانونية لأي إعادة ضبط للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والصراعات السياسية المستقبلية بشأن حقوق الصيد وتجارة الطاقة وتنقل الشباب.
وقال متحدث أوروبي، الاثنين، في محاولة لتخفيف التوقعات: "ستكون ببساطة بداية المحادثة".
وأضاف دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي: "نحن منفتحون على تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. لكن الخطوط الحمراء لا تزال قائمة. تريد المملكة المتحدة البقاء خارج السوق الموحدة والاتحاد الجمركي. الكرة في ملعب بريطانيا. ماذا يريدون حقاً؟".
وكشفت "فاينانشيال تايمز"، أن نيك توماس سيموندز، وزير مكتب مجلس الوزراء البريطاني المسؤول عن المفاوضات، كان في بروكسل، الاثنين، لوضع الأساس لاجتماع القادة. والتقى سيموندز بمفوض الاتحاد الأوروبي، ماروش شيفتشوفيتش.
الصيد والكهرباء
ويقول المحللون إن المشكلات القديمة بشأن تجارة الطاقة وحقوق الصيد، تشكل حجر عثرة محتمل في المفاوضات المقبلة؛ بسبب بند في اتفاقية التجارة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، والذي يربط صراحة بين القضيتين.
وبموجب اتفاقية التجارة والتعاون، تنتهي الترتيبات الانتقالية لتجارة الكهرباء مع الاتحاد الأوروبي في يونيو 2026، في نفس الوقت الذي تنتهي فيه الصفقة الانتقالية بشأن حقوق الصيد، والتي تعتبر حساسة سياسياً بالنسبة للدول الأعضاء الساحلية في الاتحاد الأوروبي.
وقال سام لو، مستشار السياسة التجارية للمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في شركة الاستشارات فلينت جلوبال: "يبدو أن هذا الارتباط قد نسيه بعض الناس، ولكن هناك خطر حقيقي يتمثل في أن يأتي الخلاف بشأن حقوق الصيد، ويدمر كل النوايا الحسنة".
وفي إشارة إلى التحديات المقبلة، أخبرت فرنسا الدول الأعضاء في يوليو الماضي، بأن أي إعادة ضبط أوسع نطاقاً للعلاقات مع بريطانيا تتطلب نفس مستوى الوصول إلى الصيد كما هو الحال حالياً. وأكد دبلوماسيان، أن معظم الدول الساحلية، من إسبانيا إلى السويد، كانت وراء باريس.
وحثت صناعة الطاقة في بريطانيا، الحكومة على عدم السماح للخلاف بشأن الصيد بمنع قدرة الجانبين على تداول الطاقة الخضراء المولدة من مزارع الرياح في بحر الشمال.
وقال آدم بيرمان، مدير في شركة الضغط الصناعي Energy UK، إن الربط بين الصيد والطاقة "غير مفيد على الإطلاق". وحذر قائلاً: "هذا هو حافة الهاوية ونحن بحاجة إلى المضي قدماً. يجب على الحكومة التعامل مع هذه القضايا عاجلاً وليس آجلاً؛ لأن هذه ليست قضية يمكن حلها في اللحظة الأخيرة".
تنقل الشباب وميثاق أمني
كما ظهرت بالفعل خلافات بشأن "اتفاقية تنقل الشباب" لتمكين الشباب من السفر والعمل في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
ورفضت حكومة ستارمر مراراً وتكراراً، الأفكار الأولية للاتحاد الأوروبي للاتفاق، قائلة إنها قريبة جداً من حرية تنقل الأشخاص التي انتهى بها الأمر بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي لتخفيف حدة الخطاب بشأن تنقل الشباب قبل اجتماع الأربعاء، يقول دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي المطلعون على المناقشات الداخلية إنه من المتوقع إجراء تعديلات طفيفة فقط على النص التفاوضي الأصلي للاتحاد الأوروبي لجعله أكثر قبولاً لبريطانيا قبل الموافقة عليه قبل نهاية العام.
وقال دبلوماسي أوروبي: "ستظل الفكرة الأساسية وراء المخطط قائمة، ولكن قد يتم تغيير بعض المعايير لتكون لصالح بريطانيا قليلاً". وتوقع دبلوماسي ثانٍ من الاتحاد الأوروبي "لن يتم تقليصها كثيراً".
وقالت المملكة المتحدة، إنها تريد اتفاقاً لتخفيف القيود المفروضة على الفنانين المتجولين، لكن الجانب الأوروبي استبعد ذلك، وفقاً لوثائق داخلية اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز"، لأنه سيتطلب تغييرات في قواعد الجمارك والنقل البري تتجاوز الخطوط الحمراء للمملكة المتحدة.
وأوضح سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في اجتماع عُقد، الاثنين، أن أي مفاوضات مع بريطانيا يجب أن يوافقوا عليها، وفقاً لشخصين مطلعين على المناقشات. كما أكدوا أهمية صفقة تنقل الشباب، مشيرين إلى أن فون دير لاين ستثيرها في المحادثات.
وستركز المباحثات على وضع ميثاق أمني جديد، وتحسين التبادلات بين الشرطة وأجهزة الأمن التي يمكن أن تمهد الطريق أيضاً لعلاقات أعمق في مجالات مثل الدفاع.
ومع ذلك، هناك أيضاً نقاش في بروكسل بشأن كيفية دمج الشركات البريطانية في جهود إعادة تسليح الاتحاد الأوروبي كجزء من أي ميثاق أمني، مع وجود انقسامات بين الدول الأعضاء الكبيرة بشأن ما إذا كان ينبغي توسيع نطاق الوصول لبريطانيا.
وتصر فرنسا على أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يركز على الاستثمار في شركاته الخاصة. لكن أندريوس كوبيليوس، مفوض الدفاع الجديد، قال لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، إن بريطانيا "جزء من أوروبا".
التعليقات