تواصلت نحو 65 امرأة مع بي بي سي، يقُلن إنهن تعرضن للتحرش من قبل الملياردير الراحل محمد الفايد، مع وجود اتهامات تمتد إلى ما هو أبعد من هارودز ويعود تاريخها إلى 1977.
وتتضمن رواياتهن تفاصيل جديدة عن التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي والاغتصاب، والتي أُرسلت إلى بي بي سي، في الأسابيع التي أعقبت بث الفيلم الوثائقي "الفايد: المفترس في هارودز".
ويُشرن إلى أن الفايد، الذي توفي العام الماضي، استخدم أساليب إساءة متعددة، واستهدف نساء لسن في الأساس من موظفيه.
وتدعي عدة نساء تمت مقابلتهن من قبل بي بي سي، "أنهن جُندن من قبل الفايد تحت ذريعة كاذبة للعمل في طاقم البيت الخاص بالملياردير، وتم استغلالهن جنسياً من قبله، بما في ذلك في قصره في أوكستيد".
وفي أول اتهام بالإساءة سمعته بي بي سي، تقول امرأة إنها تعرضت للاعتداء من قبل الفايد في مدينة دبي عام 1977، قبل ثماني سنوات من شرائه محلات هارودز، التي ساعدته على أن يصبح اسماً مألوفاً في المملكة المتحدة.
وتصف كيف كان الفايد يلاحقها ويهددها شخصياً، وتقول النساء اللاتي عملن في هارودز، إنه نفذ لاحقاً تكتيكات ترهيب مماثلة من خلال فريق من موظفي الأمن.
و من بين 65 امرأة اتصلن ببي بي سي، لمشاركة رواياتهن عن الإساءة، قالت 37 منهن إنهن عملن في هارودز.
ورداً على استفسارات بي بي سي، يقول متجر هارودز: "حتى الآن، هناك أكثر من 200 فرد في عملية هارودز لتسوية المطالبات مباشرة مع الشركة".
كما تحدثت بي بي سي إلى نساء لم يعملن لدى الفايد، وقلن إنهن تعرضن للاعتداء من قبله.
وقالت إحدى النساء إنها كانت تعمل في محل لبيع الزهور في لندن في أوائل الثمانينيات، عندما "لاحظها" أحد أفراد فريق الفايد. وقالت إنها كانت تبلغ من العمر 21 عاماً آنذاك، وتم نقلها جواً إلى فندق ريتز في باريس لإجراء مقابلة عمل مزعومة، حيث اعتدى عليها الفايد جنسياً.
وأكدت أيضاً خبيرة تجميل سابقة في بي بي سي، أنها تعرضت للاعتداء الجنسي من قبل الفايد عندما كانت تعمل في حلقة من برنامج "عرض الملابس" في عام 1989، حيث تم إجراء مقابلة مع الملياردير في فيلا وندسور، منزله في باريس.
تحذير: تحتوي هذه القصة على تفاصيل قد يجدها البعض مزعجة
قصر أوكستيد: "لقد تم احتجازي كسجينة"
كانت مارجوت، -اسمها المستعار-، تبلغ من العمر 19 عاماً عندما استجابت لإعلان وظيفة في مجلة ذا ليدي، في عام 1985، لشغل وظيفة مربية أطفال ومدرسة في مقاطعة ساري، وقدمت طلبها وصورتها كما طلب منها.
بعد عملها كمربية أطفال من قبل، تتذكر أنها وجدت الأمر غريباً عندما سُئلت في نهاية المقابلة إن كان لديها "صديق أو إن كان لديها صديق من قبل". وقالت مارغوت لبي بي سي، "لقد قلت لا؛ وبدا على من كان يحاورني الارتياح حيال إجابتي".
ولم يُخبرها أحد بأن الدور سيكون مع الفايد وعائلته، في قصرهم في بارو جرين كورت، في أوكستيد، إلا بعد أن عُرضت عليها الوظيفة. وشجعتها والدتها على تجربة شهر واحد.
وتقول: "أتذكر أنني كنت أُنقل بواسطة سيارة ليموزين يقودها سائق، عبر بوابات الدخول المذهلة إلى بارو جرين كورت والممر الطويل المؤدي إلى منزل ضخم من الطوب".
وفي الداخل، تقول مارغوت إنها أُدخلت إلى غرفة صغيرة ذات إضاءة خافتة، بها سرير فردي ومكتب وهاتف داخلي.
"سرعان ما تعلمت الخوف من صوت رنين الجرس واستدعاء الفايد لي" كما تقول مارغوت، فهي كانت تتوقع رؤية الأطفال، لكنها وصلت "لتجده وحيداً".
وتقول إن هذا هو الوقت الذي بدأت فيه الاعتداءات الجنسية المتكررة.
وتضيف لبي بي سي: "لم تكن الوظيفة موجودة. لم يكن بحاجة إلى مربية. لم يكن يريد مربية".
تقول مارجوت إنها رأت الأطفال مرتين فقط لمدة خمسة أيام ولم يُسمح لها بالتفاعل معهم. وبدلاً من ذلك، في كل مرة كان يستدعيها الفايد، كانت تتعرض للاعتداء الجنسي من قبله، في أماكن مختلفة في العقار، بما في ذلك المسبح الداخلي والحدائق وغرف الدراسة، وفقاً لقولها.
وتقول مارجوت لبي بي سي، "شعرت بأنني محاصرة، وبمجرد دخولك المنزل، لا يمكنك الخروج، عليك أن تسير في ممر طويل وعبور بوابات كبيرة في الأسفل، لا تُفتح إلا بأمر من الفايد".
وتضيف أن "الفايد دخل غرفتها في الصباح الباكر، ودخل إلى سريرها، واغتصبها"، وبعد أن غادر غرفتها، قامت على الفور بحزم أمتعتها وأخبرت الفايد في وقت لاحق من ذلك اليوم أنها "تريد المغادرة ولا تفهم سبب وجودها"، لكنه رفض وأخبرها أن وصف الوظيفة "سيصبح أكثر وضوحاً مع مرور الوقت".
وأخبرها أن تعطيه مهلة 24 ساعة أخرى، وأنه سيشتري لها منزلاً ويعطيها المزيد من المال. وتقول إنه غضب بشدة عندما أخبرته مرة أخرى أنها تريد المغادرة.
"لقد تم احتجازي في فناء بارو جرين، رغماً عني، كسجينة لعدة أيام وما زلت أشعر بأنني كنت محظوظة للغاية لأنني تمكنت من الفرار".
وتقول إنه سمح لها بالمغادرة في النهاية، ولكن عندما ذهبت هددها أحد أفراد الطاقم "بأن تلتزم الصمت حول الوقت الذي قضته هنا، وإلا فإن حياتها ستصبح صعبة للغاية".
وتضيف مارجوت: "عندما أستعيد ذكريات الماضي، أعتقد أنه تم تجنيدي فقط كشريكة جنسية محتملة أو لعبة للفايد، ومن هنا جاءت الأسئلة التي وجهت لي في المقابلة -إن كان لها صديق- لتحديد ما إذا كنت عذراء".
وتشير: "لقد أثرت أحداث ذلك الأسبوع علي منذ ذلك الحين، لم أعد الشخص الذي يثق في الآخرين ولن أكون كذلك أبداً".
كما سمعت بي بي سي، روايات من نساء أخريات، قلن إنهن جُندن كمربيات أطفال وطاهيات وخادمات، وقلن إنهن تعرضن للإساءة في عقارات الفايد الخاصة، وتضيف هذه النسوة أيضاً أنه عندما وصلن إلى هناك بدت لهن الوظائف غير موجودة ويعتقدن أنهن تم توظيفهن تحت ذرائع كاذبة.
دبي: "هل كنت البداية؟"
عندما انتشرت أخبار مزاعم الاعتداء الجنسي ضد الفايد، عادت الذكريات التي حاولت شينا نسيانها لمدة 47 عاماً إلى الظهور. لقد تنازلت عن حقها في عدم الكشف عن هويتها لمشاركة قصتها.
وقالت لبي بي سي: "كنت أسمع التواريخ ولكن ما حدث معي كان قبل ذلك. كنت قبل ذلك"، وبدأت تتساءل: "هل كنت البداية؟"
كانت شينا تبلغ من العمر 25 عاماً وتعمل في أحد البنوك في دبي عندما قابلت الفايد لأول مرة، بعد انتقالها إلى هناك بسبب وظيفة زوجها في البناء.
وتبين أن زياراته كعميل أصبحت أكثر انتظاماً وبدأ يسأل عن حياتها الشخصية وتاريخها المهني، قبل أن يعرض عليها مقابلة بشأن وظيفة محتملة معه.
وتقول شينا إنه بينما كانت تجلس على الجانب الآخر من مكتبه الذي يجلس فيه، بدأ يتجول ثم اقترب منها، وتضيف: "عندما استدرت، كانت يداه فوق كتفي. كانت يداه في كل مكان".
وتشير شينا إلى أن "الفايد اعتدى عليها جنسياً وعندما حاولت الخروج قام بسد الباب"، وتكمل أنها صفعته وتمكنت أخيراً من تجاوزه، لكنه زجرها قائلاً: "قد تندمين على ذلك".
وتؤكد شينا أن الفايد استمر بعد ذلك في تعقبها، فظهر في مكان عملها والسوبر ماركت وناديها الاجتماعي، مكرراً كلماته الوداعية.
وتقول: "كان التهديد موجوداً طوال الوقت".
وفي إحدى المرات قال لها: "لقد حذرتك من أنك ستندمين...هل لاحظت أنني موجود دائماً؟"
وتشير شينا إلى أن هذا حدث حوالي 20 مرة، وفي بعض الأحيان كان يتبعها ويتحسسها مرة أخرى.
وتضيف: "كنت أصلي باستمرار حتى يرى شخص آخر ما يحدث بالفعل، معتقدة أنه إذا رأى شخص آخر ما يحدث، فسيكون حقيقياً وسيفعل شخص ما شيئاً ما لأجلها".
وتوضح أنه كان له سيطرة رهيبة عليها، حتى بدا وكأنه اختفى. وفي وقت لاحق، اكتشفت أنه غادر دبي وشعرت وكأنها تستطيع التنفس مرة أخرى.
ولم تخبر زوجها بما حدث إلا في عام 2015، عندما بدأت صحته تتدهور قبل وفاته.
"أخبرته لأنني كنت أعلم أنه يقترب من نهاية حياته، وشعرت أنه بحاجة إلى معرفة ذلك، لأنه كان السر الوحيد الذي أخفيته عنه على الإطلاق"، وفقاً لها.
تقول شينا إن ما حدث يجعلها غاضبة الآن، وأكبر ندم لديها هو عدم الكشف عن الأمر قبل وفاة الفايد.
التعليقات