في جزئين سابقين تم نقاش الشعبوية من حيث المفهوم بإطاره العام ومن ثم تم قراءة الخطاب السياسي للأحزاب في الساحة السياسية العراقية في ظل الانتخابات المقبلة لفهم مدى شعبوية تلك الأحزاب. وفي هذا الجزء يتم تسليطالضوء على حزبين سياسيين عراقيين يدخلان الانتخابات العراقية لأول مرة.وتأتي خصوصية هذين الحزبين لأنه تم تأسيسهما في ظل الانتخابات المقبلة. وتعطي القراءة التحليلية لهذين الحزبين صورة عن نشأة أغلب الأحزاب العراقية الحديثة، وعن طبيعة خطابها السياسي، وأسلوب تعاملها الحالي والمستقبلي، وعن قياداتها والشرائح التي تستهدفها، والبيئة السياسية التي تسمح بنشوء مثل هكذا أحزاب.
يتشابه الحزبان في أنهما نتاج التعامل السياسي الذي تبناه نوري المالكي، نائب رئيس الجمهورية والأمين العام لحزب الدعوة عندما كان رئيساً للوزراء خلال الأعوام 2006-2014. ويمكن اعتبار هذين الحزبين مثالين نمطيين للشعبوية السياسية العراقية والتي تتميز من بين أمور أخرى بخطاب سياسي غير واضح المعالم، متصارع، مشتت، لا يتسم بالشمول، غير تعددي، وذيرؤية قصيرة الأمد، مع التأكيد أن اختيار هذين الحزبين السياسيين كحالة دراسة لا يعني أن الأحزاب السياسية العراقية الأخرى أفضل حالاً منهما من حيث مستوى الشعبوية.
حركة البشائر الشبابية.
كان يطلق عليها سابقاً "ملتقى البشائر" وكانت تتحرك كجمعية مجتمع مدني شيعي تعنى بقضايا شبابية. ولم يكن يعرف عن ملتقى البشائر أية عناوين سياسية أو أي خط ايديولوجي في تعاطيه مع الساحة السياسية والاجتماعية في تلك الفترة، سوى القيام بنشاطات اجتماعية. ويبدو أن ملتقي البشائر كان بمثابة واجهة تحشيد جماهيري لكسب التأييد لنوري المالكي وحلقته المقربة منه خلال الأعوام التي تلت انتخابه رئيساً للوزراء من عام 2010 وصولاً إلى عام 2015. وقد شهد عام 2017 تحول ملتقى البشائر إلى حزب سياسي تحت مسمى "حركة البشائر الشبابية" الذي انضوى تحت تحالف دولة القانون بزعامة نوري المالكي في سعي للحصول على موطئ قدم فيالساحة السياسية العراقية التي تستعد لانتخابات مثيرة للجدل في شهر أيار/مايو المقبل.
يدير "ياسر المالكي" وهو عضو مجلس النواب وصهر نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي عمل هذه الحركة بصفته أميناً عاماً لها بعد أن كان يقود ملتقى البشائر الذي مكّنه من الحصول على مقعد في مجلس النواب عام 2014. ولا يعرف الكثير عن حركة البشائر الشبابية من حيث الهيكل التنظيمي وجمعيتهاالعمومية واختيار قيادتها وتمويلها، كما لا يظهر أمينها العام كثيراً في الإعلام.
تستهدف الحركة بشكل رئيسي الشباب الفقراء والعاطلين عن العمل في المناطق الريفية والأحياء الفقيرة في المدن التي تسكنها غالبية شيعية. وقد قامت بتنظيم نشاطات رياضية في الفترة الحالية التي تسبق الانتخابات في مناطق الريف العراقي والأحياء الفقيرة في مدن في الوسط والجنوب والعاصمة بغداد. ويمتلئ موقع الحركة الرسمي على الإنترنت وفي مواقع التواصل الاجتماعي الخاص بها بلقطات تذكارية توثق استلام شباب جوائز ومكافئات على مشاركتهم في أنشطة رياضية وخلفهم لافتات تحمل اسم الحركة وشعار "نحن قادرون" ومعها عبارة "الأغلبية السياسية" وهو شعار يرفعه رئيس تحالف دولة القانون نوري المالكي ضمن حملته الانتخابية. كما تبرز المواقع الالكترونية شباناً وهم يقومون بأعمال تظهرهم وهم يلونون حائطاً لمبنى في منطقة ريفية، أو يقومون بصبغ رصيف. كما تظهر صوراً لرحلات ترفيهيةنظمتها الحركة لشبان شيعة إلى إقليم كردستان. ويتم تغطية نشاطات زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي السياسية والخطابية ونشاطات أمين عام الحركة في مناطق غالبية سكانها من الشيعة. ويلاحظ أن مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالحركة أصبحت تركز على مفاهيم الأغلبية السياسية، والمؤامرات الناعمة التي يرددها نوري المالكي.
وتعرّف الحركة نفسها عبر موقعها الإلكتروني أنها "حركة شبابية إسلامية عراقية تطوعية" و"تتبنى خيار المقاومة وبث روح الجهاد". و "تلتزم بفكر آل البيت" وتتوجه "إلى شباب الوطن كافة على اختلاف تنوعهم وانتشارهم"، ولكنها في نفس الوقت تمثل "أغلب الطلبة في وسط وجنوب العراق" تسعى لتعزيز "مفهوم الدولة المقتدرة العادلة" وتولي "اهتماماً خاصاً بالمرأة" وقضايا أخرى.
يعكس الاستخدام اللغوي للحركة على موقعها الرسمي على الانترنت قضايا مثيرة للاهتمام. إذ يغلب على اللغة المستخدمة من قبل الحركة للتعريف عن نفسها الاستخدام المفرط للمجاز، والإنشاء والخطابة. ويتحرك الأسلوب اللغوي في أفق شعاراتي مبالغ به بشكل كبير، ويعكس تفكيراً فيه الكثير من القضايا المطلقة غير القابلة للنقاش من وجهة نظر الحركة.
عندما تتحدث الحركة عن رؤيتها للعراق خلال الأعوام العشرة المقبلة فإنها تستخدم تعابير مثل "التوكل على الله العزيز القهار"، "والثبات على نهج المقاومة" و"تضحيات العاملين الرساليين ذوي المهنية العالية" و"ظهير عمليلروح الجهاد". وتستخدم الحركة عبارات مثل "شعلة مضيئة للشباب العراقي" و"نبراس الحرية والسيادة" و"لواء استنهاض الأمة" و"إشعال الروح الجهادية". وتعطي هذه التعابير سخونة متوهجة للشعارات التي ترفعهاالحركة دون أن يفهم بالتحديد طبيعة الأفكار أو الرؤى التي تستند عليها تلك الشعارات. وترسم هذه الشعارات النارية علامات حيرة وتساؤل حول الطبيعةالتناشزية لهذا الحزب السياسي الذي يتوقع أنه تأسس في ظل نظام سياسي ديمقراطي عمره أكثر من 15 عاماً، وكان نوري المالكي جزء منه، بينما يحمل في نفس الوقت خطاباً يشبه خطابات حركات التحرر الثورية المعارضة والمقاتلة.كما يكشف الخطاب السياسي وجود أجندة سياسية تتبناها الحركة تدور في أجواء معارك وصراعات مستقبلية. إذ تخلق تعابير "العزيز القهار" و"مقاومة" و "تضحيات" و "جهاد" و "مواجهة الحرب الناعمة" و"محاربة الاستكبار العالمي" شعوراً لدى المتلقي أن حركة البشائر الشبابية في صراع مع عدو غير معرّف وغير مرئي، يمارس حرباً ناعمة ضد المجتمع (أو ضدها)، وأنها بصدد الاستمرار في هذا الصراع خلال العقد القادم في العراق. يضاف إلى ذلك فإن الحركة تضيف إلى شعارها "التعريف بالتجارب الناجحة لهذا الخيار: العراق، لبنان، فلسطين". ويبدو أن حركة البشائر تنطلق من خلال نظرتها إلى العراق على أنه ساحة معركة حالية ومستقبلية ترتبط بلبنان وفلسطين، دون تحديد طبيعة المعركة وأسباب هذا الارتباط وخلفياته. فيما تستعير خطابات ثورية ذات بعد إسلامي-شيعي تتحرك في أفق إقامة وضع سياسي أو اجتماعي غير واضح المعالم في العراق يرمز إليه بـ"تحقيق وعد الله" يكون نتيجة "المقاومة" و"محاربة الاستكبار العالمي". ويشير استخدام تعبير "الاستكبار العالمي" إلى صراع عابر للدول مع عدد غير محدد من الأعداء المفترضين على الساحة الدولية، من الذين يتم وضعهم تحت هذا التصنيف متى ما اقتضى الأمر.ويبقى التساؤل مطروحاً حول الإنجازات المتوقع تحقيقها من قبل الحركة في ظل هذا الخطاب السياسي الناري الذي تتبناه. وتعكس تعابير مثل "إيمان راسخ" و "عزيمة ثابتة" و"يقين صادق" مستوى المبالغة في خطاب الحركة السياسي في إطار التعامل المطلق مع القضايا التي تتبناها الحركة. وتبرز أهداف الحركة الثلاثون التي تعرضها على موقعها الإلكتروني على الانترنت خليطاً غير متجانس من الدعاية والشعارات الثورية ومخاطبة المشاعر الدينية، التي تتحدث -على سبيل المثال- عن "إحياء الفكر الإسلامي الإيماني الجهادي و السياسي" دونما توضيح.
يعكس الخطاب السياسي لحركة البشائر وضعاً غير متصالح مع نفسه، مشتت إيديولوجياً، ويتحرك في أفق الصراع الذي يقسم المجتمع إلى جهتين متصارعتين على الأقل. وتعكس اللغة المستخدمة من قبل الحركة عالماً حالماًوغير واقعي، وضعفاً في القدرات السياسية بشكل لا يمكنها من صياغة رؤية شاملة وواضحة المعالم لعملها السياسي. كما يعكس الخطاب عدم تبيّن الحركة للأوضاع السياسية المستقبلية في العراق أو المنطقة، وكأنها في حالة صراع تغييري بشكل جذري. وتستخدم الحركة الألفاظ التي لها قيمة نسبية ضمن إطر مطلقة دون أن يتم تعريفها بشكل مبالغ فيه، وهو ما يعد أحد أهم السمات للخطاب الشعبوي العراقي. وتتمثل خطورة مثل هذا الخطاب في إمكانية توظيفه وبشكل مطاط في الصراعات السياسية وذلك بما يمتلكه من دلالات قد تؤدي إلى استشراء العنف واستدامة الصراع.
من الصعب تلمس تعامل واقعي وإيجابي توليه الحركة مع الظروف التي يعيشها العراق أو القضايا الأساسية التي تشغل اهتمام الشباب العراقيبشكل عام، أو الشباب الشيعة من الوسط والجنوب، التي تدعي الحركة تمثيلهم. وبينما تركز أهداف الحركة على قضايا تخص الشباب فيما يتعلق بالترفيه والثقافة والرياضة والتعليم فإنها تغفل تماماً عن ذكر مقاربتها في حل المشاكل الأساسية التي يعاني منها العراقيون بشكل عام والشباب العراقيبشكل خاص. ومن تلك القضايا انعدام الاستقرار السياسي والأمني، واستشراء الفساد في مؤسسات الدولة، وضعف الاقتصاد العراقي، والبطالة، وانهيار منظومة التعليم والسكن والصحة وغيرها من مشكلات. ويلاحظ كذلك على رؤية وأهداف حركة البشائر الشبابية أنها تغفل وبشكل كامل ذكر أية رؤية لها في مكافحة الفساد بكل أنواعه في العراق رغم أن العراق يحتل مركز الصدارة من بين البلدان الأكثر فساداً حسب المعايير الدولية.
حركة إرادة
تتخذ "حركة إرادة" التي تتزعمها عضوة مجلس النواب العراقي حنان الفتلاوي من اللون البنفسجي لوناً لها. وتبرز صورة الفتلاوي وهي تبتسم مع حجاب أزرق لامع، وعبارة "لأنكم معي...سننجح" على موقع حركتها الرسمي في مواقع التواصل الاجتماعي. لا يعرف الكثير عن ظروف نشأة "حركة إرادة"، التي خرجت فجأة إلى العلن كتكتل برلماني منشق عن ائتلاف دولة القانون في بدايات عام 2015 عبر إعلان الفتلاوي أن "الحركة تضم أصواتاً ووجوهاً شابة ترفض سياسة الانبطاح". وأن من أهداف حركتها "دعم الجيش والأجهزة الأمنية". وقد تم تسجيل "حركة إرادة" كحزب سياسيرسمياً في عام 2016.
لا يمكن الوقوف على معلومات كافية عن هذا الحزب من حيث الهيكل التنظيمي وجمعيته العمومية واختيار قيادته وتمويله، ولكن بروز الفتلاوي كشخصية سياسية قيادية للحزب لم ينشأ من العدم. إذ أن الاحتضان السياسي الذي قام به نوري المالكي، الأمين العام لحزب الدعوة لحنان الفتلاوي خلال الأعوام التي شهدت سيطرته على موقع رئاسة الوزراء 2006-2014 هو الذي أدى إلى صعود نجمها كسياسية عراقية. حيث تم تعيينها مديرة لمكتب الأقاليم والمحافظات في هيئة المستشارين في مكتب رئيس الوزراء العراقي خلال الفترة 2006-2010. وهي الفترة التي شهدت تأهيلها سياسياً لتكون مرشحة عن ائتلاف دولة القانون لتصبح عضواً في مجلس النواب لدورتين. ويبدو أن تعامل نوري المالكي السياسي في تلك الفترة كان يتحرك في افق صناعة شخصية أو شخصيات موالية له تتحرك وفق قناعاته السياسية.
يتكون شعار الحزب من كلمة إرادة تم تشكيلها من مثلثات، تقلد الكتابة المسمارية. وحسب علم النفس فإن الأشخاص الذين يميلون إلى اختيار المثلثات يمتلكون شخصيات تمتلك صفات قيادية ولديهم مقدرة على التركيز على الأهداف، إلا أنهم يتميزون بالانغماس الشديد في ذاتهم لتحقيق طموحاتهم الشخصية. كما يعكس اختيار اللون البنفسجي شخصية تتميزبالغموض والغرور، والانفصال عن الواقع بالشكل الذي يجعل فهم تفكيرهاأكثر صعوبة من قبل الآخرين.
تظهر الصفحات الرسمية لحركة إرادة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تتبعها أن الحركة تستهدف المناطق التي يقطنها السكان الشيعة في المناطق الريفية أو الأحياء الفقيرة في المدن وخصوصاً في محافظة بابل. ويظهر موقع الحركة الرسمي صوراً للفتلاوي وهي تلتقي بأشخاص في أماكن عامة، وهي تقف أمام مبنى حكومي في منطقة ريفية وتحت عنوان " بعد الجهود الحثيثة من قبل الدكتورة حنان الفتلاوي تم استحداث مديرية تقاعد بابل فرع الهاشمية حيث تم افتتاحها اليوم بعد ترميمها وتأثيثها من قبل الفتلاوي". ويبدو أن الفتلاوي تحاول أن تظهر بصورة المرأة القوية التي تستطيع أن تدير لعبة الصراع في عالم السياسة العراقي. ويعطي الشعار "لأنكم معي...سننجح" انطباعاً واضحاً بأن الحزب يتمحور حول شخصية الفتلاوي. وعلى عكس الكثير من الأحزاب السياسية التي ترفع شعارات غير شخصية رغم تمحورها حول شخصيات سياسية محددة، فإن حركة إرادة لم تستطع إخفاء هذا الجانب.
تعرّف حركة إرادة نفسها في موقعها الرسمي أنها "حركة سياسية تمثل إرادة المواطنين وتسعى للمشاركة الايجابية في العملية الديمقراطية وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة وتعمل على حفظ حقوق الأغلبية والتوزيع العادل للثروات وصولاً إلى التنمية المستدامة". يلاحظ أن كلمة "إرادة" غير معرّفة، هي كلمة ذات مدلول محايد يمكن أن ينطبق على أي شيء. ولكن تعبير "إرادة المواطنين" يأتي مبهما هو الآخر، حيث لا يجيب عن المغزى من إرادة المواطنين، والسبل التي تتحقق عبرها إرادتهم، خصوصاً أننا أمام حزب سياسي يدخل الانتخابات العراقية لأول مرة.
ترفع حركة إرادة كأغلب الأحزاب السياسية العراقية شعار "المواطن" في تعاملها السياسي، ولكن "المواطن" له تعريفه الخاص لدى كل حزب حسب اتجاهه ومفهومه. وتعطي عبارة "حفظ حقوق الأغلبية" مدلولاً مثيراً للاهتمام لدى الحركة، يمكن من خلاله فهم تعريفها للمواطن. ولا تعرّف الحركة ماالمقصود بالأغلبية، هل هي الأغلبية السياسية أم السكانية أم الطائفية أم الدينية أم الأثنية أم غيرها من أغلبيات؟. كما أن الحركة لا تحدد المقصود بـ"حقوق الأغلبية". إذ أن عنواناً يحتل موقعاً مركزياً في شعار حز غسلامي لابد أن يتم تعريفه بدقة كي تؤسس عليه البرامج السياسية. ويبدو أن هذا نمط تسير عليه أيضاً أغلب الأحزاب العراقية التي لا تعرّف المقصود بما تعرضه من قضايا لغايات متعددة. وعند قراءة العبارات التي تمت صياغتها بطريقة شعاراتية، يمكن ملاحظة تفكير مجتزأ وغير مدروس تتبناه الحركة. فالأفكار مجتزأة ولا تترابط بشكل منطقي بالشكل الذي يعطي صورة عن حزب يمتلك رؤية واضحة للحل في العراق. ويلاحظ على سبيل المثال ربط "التنمية المستدامة" بـ"التوزيع العادل للثروات"، دون الحديث عن كيفية ربط هذين المفهومين بعضهما ببعض على المستويين النظري والواقعي، ولا عن أفكار وخطة الحركة وبرنامجها للتنمية المستدامة أو التوزيع العادل للثروات.
كان خطاب الفتلاوي وسلوكها السياسي يوصف في الفترة التي أصبحت فيها نائبة برلمانية عن ائتلاف دولة القانون بأنه مثير للجدل، متقلب، ومتشنج في أغلب الأحيان. وكثيراً ما كانت تختار قضايا خلافية تثير مشاعر رجل الشارع البسيط لتجعلها مثار جدال سياسي يصل أحياناً إلى درجة التهاتر.
بالإضافة إلى ذلك فإن الحركة تعطي وعوداً للناخبين دون أن تضع أية ضمانات لتحقيق تلك الوعود ضمن آليات القرار والموارد المتوفرة، إذا ما حققت وضعاً في صناعة القرار الحكومي العراقي مستقبلاً. ويعرض موقع الحركة-على سبيل المثال- في وسائل التواصل الاجتماعي أن الحركة "تعمل على توفير السكن اللائق لكل عراقي" و "تعمل على توفير الخدمات اللازمة للمجمعات السكنية" على الرغم من أن الحركة لا تمتلك وضعاً فاعلاً تستطيع من خلاله تفعيل مثل هذه الوعود. وقد قدر محمد الدراجي، وزير الإسكان السابق في تصريح صحفي له عام 2013 أن حل أزمة السكن في العراق كان يتطلب بناء 2.5 مليون وحدة سكنية في عام 2016. وذلك قبل سقوط الموصل ومناطق عراقية أخرى تحت سيطرة تنظيم داعش، والدمار الذي خلفه ذلك على البنية التحتية لتلك المناطق، وتوجيه الموارد الحكومية لإدارة المعركة ضد التنظيم، بما يعنيه ذلك من أن توفير السكن "لكل عراقي" يتضمن تكاليف بأرقام فلكية وبقدرات خارقة للعادة.
يتبين من المثالين أعلاه، أن الأحزاب العراقية، بما فيها التي نشأت حديثاً تتوفر فيها أغلب عناصر الشعبوية السياسية من حيث الخطاب والسلوك السياسي. وأن هذه الأحزاب الحديث منها والعريق لا تمتلك رؤية رصينة لإدارة الأزمات التي يمر بها العراق بالشكل الذي يخلصه منها.
التعليقات