بشار دراغمه من الضفة الغربية: أجمع عدد من القادة السياسيين والمتحدثين في ندوةٍ سياسيةٍ حول التطورات الراهنة التي تشهدها الساحة الفلسطينية، على المخاطرة التي ينطوي عليها استخدام السلاح في حل الخلافات الداخلية، محذرين من أن الاعتداء على النائب والوزير المستقيل نبيل عمرو يؤسس لمرحلة خطيرة ما لم يتم مواجهتها من قبل الجميع .ودعا المتحدثون في الندوة التي نظمها المركز الفلسطيني للاتصال الجماهيري في غزة إلى ضرورة تشكيل القيادة الموحدة وإيجاد برنامج سياسي جامع يقود الشعب الفلسطيني . هذا البرنامج الذي يؤدي الى تفعيل مؤسسات القرار الفلسطيني التي باتت جميعها معطلة بما فيها مؤسسة القيادة و مؤسسة م.ت .ف والحكومة والمجلس التشريعي والسلطة
القضائية.
في المقابل شدد المجتمعون على ضرورة تحمل الرئيس ياسر عرفات مسؤولياته، ووضع حدّ لما يجري واتخاذ قرارات جريئة وإحداث التغيير الجذري في مؤسسات السلطة الوطنية، اضافة الى تفعيل القانون معتبرين أن السلطة الوطنية تتحمل مسؤولية حالة الفوضى التي نعيشها . كما اكدوا إدانتهم لسلسلة الحوادث التي شهدتها الساحة الفلسطينية والتي كان آخرها محاولة اغتيال النائب نبيل عمرو، وإصابته بجراحٍ إثر إطلاق النار عليه من قبل مسلحين مجهولين أمام منزله الليلة قبل الماضية .
وأدار الندوة د. محمود خليفة الذي أكد ان المواطن بدأ يشعر بأن روحه المعنوية قد مست بفعل التطورات الداخلية التي أفرزت الأحداث الأخيرة مضيفا أن الجميع استنتج ذلك من خطة شارون .وتساءل خليفة عن الاسباب التي ادت الى الوضع الحالي داخل فتح وفي الساحة الفلسطينية الداخلية مضيفا"هل هي افرازات أخطائنا النضالية التي لم تخضع للتقييم" .
واشار ضرورة التفكير بجدية وعقلانية ومسؤولية فيما يجري، ومعرفة حدود ومسؤولية فصائل العمل الوطني واضاف" هل عجزنا عن مقارعة المحتل فانكفأنا الى جبهتنا الداخلية لتصفيات حسابات ضيقة بينما بندقية العدو مصوّبة نحو رؤوسنا" .
*بسيسو : مؤسسات القرار جميعها معطلة
ثم تحدث صخر بسيسو نائب أمين سر المجلس الثوري الفلسطيني ومحافظ شمال غزة، موضحا أن الواقع الفلسطيني يتعرض لأزمة بكل مكوناته الأساسية وتشمل قواه السياسية واتحاداته ونقاباته ومؤسسات السلطة الفلسطينية المدنية والأمنية ومنظمة التحرير. وأعرب عن اعتقاده بأنه هذه ليست أول أزمة يمر بها النظام السياسي مضيفا " لقد مررنا بأزمات كثيرة وبعضها أدى إلى انشقاقات حتى داخل حركة فتح المكون الرئيسي لهذا النظام السياسي". واشار الى ان هذه الأزمة تتفرع إلى كل فروع هذه المكونات، بمعنى أن الأزمة ليست في م. ت. ف وحدها ولكن هذه الأزمة خطورتها أنّ لها أبعاد أكثر من أي أزمة كانت في الإطار الوطني الفلسطيني ،"ان الأزمة التي شهدناها خلال الأيام الماضية جاءت نتيجة تراكمات كثيرة على كل الصعد، رغم كل مشاريع الإصلاح التي جرى الحديث عنها في المجلس التشريعي الذي يقرّ برنامج الإصلاح ثم في القوى السياسية و القيادة السياسية التي تقود المجتمع الفلسطيني". واكد ان هذه القيادات لم تلتزم بأي توصية من التوصيات .
ووتطرق الى "تهميش " قضايا وهموم المجتمع وعزا ذلك الى أن المؤسسة القضائية غير موجودة وتنفيذ الأحكام غير موجود، وبالتالي العدالة غير موجودة وهذا انعكس سلبا على المجتمع والمؤسسات نفسها حيث أصبحت أي مؤسسة فلسطينية لا يحكمها القانون .
وتساءل "هل يعقل أن يكون رئيس الاتحاد العام للمعلمين منذ عام 1969 على راس الاتحاد حتى هذه اللحظة وأن يكون وكيلا لوزارة الداخلية في ذات الوقت وكذلك الحال مع رئيس اتحاد عمّال فلسطين وان يكون وكيلا لوزارة العمل.. ولماذا يبقى بعض السفراء يتحركون على كراسي متحركة على رأس عملهم منذ 40 عاما."
وشدد بسيسو على ضرورة تداول السلطة الصلاحيات والمسؤوليات النضالية وتفعيل المؤسسات التي أصبحت جميعها معطلة، بما فيها اللجنة المركزية و المجلس الوزاري والقيادة الفلسطينية.
واختتم حديثه بالقول إن كل الأشكال مقبولة إلا الشكل الذي يجعل الدم الفلسطيني ينزف من أجل قضايا جانبية. ودعا الرئيس عرفات أن يبدا بمراجعة دقيقة للظروف التي يمر بها شعبنا وان يراعى الواقع الذي نعيشه وموقف الناس والعمل وفق مصالح المجتمع ورغباته .
أبو زهري ما يحدث سببه حالة التفرد في القرار
بدوره أكد الناطق بلسان حركة حماس سامي أبو زهري أن مايجري على الساحة الفلسطينية هو انعكاس لحالة التفرد في القرار الفلسطيني ويعكس أيضا نوعًا من الصراع بين مراكز النفوذ داخل هذه السلطة.
وشدد على أن ما يحدث الآن هو سابقة خطيرة جدا درجة الخطورة فيها هي أنها تعدم الأمن في الشارع الفلسطيني، لأن المشكلة لم تعد في إطار السلطة وهذا يهدد المشروع الوطني، لأن الحدث طغى حتى على المقاومة التي تواجه العدوان وتراجع المشروع الوطني أمام هذه الأزمة الخطيرة.
وأكد أبو زهري أن استخدام أسلوب القوة يجب أن يكون أمر مدان من الجميع، وأكد أن هذا الأسلوب يؤسس ويشرع حاليا، وشجب حادثة إطلاق النار على النائب نبيل عمرو، مؤكدا أن هذا الأمر يجب أن يدان بقوة وان يرفض استخدام أسلوب ممارسة القوة في حل الخلافات الداخلية.
وأضاف أبو زهري أن من مخاطر ما يجري الآن أنه يتقاطع مع ظروف دولية ستشكل ضغطا على شعبنا ومنها على سبيل المثال مصطلح الإصلاح، الذي تروج له أميركا وتعتبره الحل السحري وهو شعار لفرض أجندة أميركية وإسرائيلية لشعبنا تحت عناوين عربية أو غير عربية .
وأكد أبو زهري إدانة حماس لمنطق القوة في حل الخلافات معتبرا ان هذا الامر يجب أن يكون مدانا من الجميع، وشدد على ضرورة تطبيق الإصلاح في الإطار الفلسطيني وبرؤية وخطة فلسطينية وأن يكون إصلاحًا شاملا لكل مناحي الحياة.
وشدد على أن شعبنا الفلسطيني بأمس الحاجة الآن الى خطة فلسطينية لإصلاح شامل تشارك فيه كل الفعاليات الفلسطينية، وأن يؤسس ذلك لتشكيل قيادة فلسطينية موحدة، مضيفا أن شعبنا هو بأمس الحاجة الى التغيير وتفعيل القوى الفلسطينية الموجودة في الميدان وتدافع عن شعبنا بكل أشكال المقاومة وأن تشارك هذه القوة في بناء المجتمع على أسس جديدة.
زقوت/ غياب الرؤية السياسية هو الذي اوصلنا للوضع الحالي
من جانبه أشار عضو المكتب السياسي لحزب فدا إلى أن المسؤولية في وقف التدهور الجاري هي مسؤولية جماعية "لأن الحريق إذا اتسع لن يسلم منه أحد وإذا تركت حركة فتح أو السلطة لتذهب في أتون صراع داخلي هذا يعني توجيه ضربة قاضية لكل الحركة الوطنية سواء الإسلامية منها او الوطنية".
واعتبر أن هدف شارون هو تدمير الحركة الوطنية الفلسطينية والقضاء على البنية التحتية لمؤسسات الشعب الفلسطيني، وعنوان خطته هو تدمير السلطة والتمثيل الشرعي للشعب الفلسطيني و ضرب إرادة للشعب الفلسطيني واتجاهاته المتعددة سواء كانت المقاومة منها أو المدنية أو التي يمكن أن توفر قدرة على صمود هذا الشعب في مواجهة هذا المخطط.
وأضاف أن هدف خطة شارون هو تشتيت التمثيل الفلسطيني في كانتونات وتشتيت الإطار الجامع للشعب الفلسطيني، ثم يؤكد للعالم بأنه لا يوجد ممثل أو شريك فلسطيني حقيقي.
وتحدث عن ثلاثة عناوين رئيسية يعاني منها الوضع الفلسطيني ولم تحسم لا على صعيد المؤسسة، ولا على صعيد القوى المحركة للنظام الفلسطيني في إطار الانتفاضة الراهنة، و لا على صعيد مؤسسات المجتمع الفلسطيني حتى هذه اللحظة، وهي أزمة النظام السياسي الفلسطيني وجذورها وكيفية معالجتها وهوية الانتفاضة وماهية المقاومة ومدى انسجامها مع قدرة شعبنا في إطار الوضع الدولي حتى تكون أكثر فعالية في تحقيق الأهداف التي نجمع عليها.
وشدد على أن أزمة النظام السياسي تنقسم إلى نقطتين وهي غياب مؤسسة القرار رغم وجودها شكلا والمتمثلة في م.ت.ف والحكومة والقيادة، ولكن أي منها ليست لديها أية صلاحيات مضيفا أنه رغم الجهود التي بذلت من الجميع لتجديد هذه الصلاحيات في إطار قانون جامع وهو القانون الأساسي الذي أقره المجلس التشريعي، وجوهر الخلاف هل هذا القانون هو على الورق نقدمه للعالم لنذر الرماد في العيون ؟ أم هو قانون لمعالجة الوضع الفلسطيني واستنهاض كل عناصر القوة الفلسطينية ؟ .
وأضاف زقوت أن النقطة الثانية تكمن في عدم اتفاق شعبنا على برنامج للمواجهة ويترك لكل طرف في المؤسسة الرسمية أو القوى أو المجتمع المدني ان يحدد أجندة الشعب الفلسطيني معربا عن اعتقاده بأن من يريد مواجهة الأزمة عليه أن يضع الإصبع على الجرح .
واعتبر أن غياب الرؤية السياسية هي التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه وأضاف أن غياب هذه الرؤية تشكل خطرا على المقاومة، مضيفا أن المقاومة لا يمكن أن تحمي إلا إذا التف حولها الشعب وكل الاتجاهات ولكن على أساس وضوح الرؤية.
وبحسب زقوت فان تعدد الاجتهادات والعودة إلى صيغة المليشيات التي قامت بدور غير عادي في مواجهة المحتل ولكن في ظل غياب الرؤية جعل الأجندة الخاصة أو الفئوية أو الشخصية هي الحاكم.
واعتبر أن المخرج الوحيد هو بالاتفاق على تشخيص ما نحن فيه، مضيفا السلطة وحركة فتح لن تخرجا من الأزمة لوحدهما بل إن مسؤولية كل القوى أن تتقدم برؤيا كاملة وأن تصب الجهود حول إيجاد برنامج جامع للشعب الفلسطيني وأدوات جامعة ستساهم في تحويل القرار من الحالة التي كانت قائمة ولازالت قائمة إلى قرار جماعي.ووفقا لزقوت فأن وثيقة آب تشكل القاسم المشترك وهي تشكل منطلق للخروج من الأزمة مع الأخذ بعين الاعتبار كل المستجدات التي طرأت على الساحة الفلسطينية .
وقال يجب أن ندين بكل قوة محاولة اغتيال النائب نبيل عمرو كما أدنا كل محاولات أخذ القانون باليد من قبل .
وحول مفهوم الإصلاح أشار زقوت إلى أن الحديث عن الإصلاح يدار وكأنه ليس مطلبا فلسطينيا بينما كل القوى الإسلامية والوطنية طالبوا منذ الساعات الأولى للانتفاضة بضرورة تكييف وضع السلطة بما يمكن الشعب الفلسطيني من الصمود لأن العدوان سيكون طويلا وشاملا، وان إسرائيل تريد حسم مستقبل القضية الفلسطينية .
وشدد على أن الإصلاح هو حالة فلسطينية لكل ما نقوله الآن ولا ينبغي الخلي عنه لأنه مطلب أميركي ويجب التمسك بالإصلاح بالمفهوم الوطني الذي يشمل تعزيز الجماعية في القرار. واقترح زقوت بأن يتم التحضير لمؤتمر وطني فلسطيني يخرج بوثيقة جامعة تضع الأمور في نصابها، و تتوجه للرئيس الذي يستطيع ممارسة صلاحياته ويضع حدا لما يجري ويأخذ بعين الاعتبار كل آراء الشعب الفلسطيني وقواه السياسية.
البطش: ما حدث افقد بعض الاطراف المتصارعة مصداقيتها
من جانبه أكد خالد البطش عضو قيادة حركة الجهاد الإسلامي أن الذي جرى ليس كما يقول المحللون هو صراع فلسطيني داخلي يشمل أطراف المجتمع والفصائل المشكلة ليست بين المقاومة والسلطة بل المشكلة داخل السلطة أو داخل حركة فتح وتجلى هذا الصدام داخل المؤسسة الأمنية الفلسطينية، ولا ينبغي تعميم الموضوع. وذكر البطش أن ما حدث هو مرفوض من قبل حركة الجهاد الإسلامي معتبرا أنه لا يجوز الخروج إلى لغة السلاح، واللجوء إلى الصدام الداخلي محذرا من ما حدث يؤسس لمرحلة لاحقة قد تصل الى حد التصفيات والاغتيالات.
وشدد أن ما حدث له مخاطر عديد ة داخلية وخارجية اولها انه افقد بعض الأطراف التي دخلت الصدام المصداقية التي تتمتع بها، وابعد الرأي العام والمجلس الدوري عن التركيز على الانتفاضة والعدوان الإسرائيلي إلى التركيز على المظاهرات والاشتباكات. ناهيك عما الحق ذلك من ضرر خارجي على الصعيد الدولي معربا عن أمله بان يتم حصر تأثيرات ما حدث وتوقع أن تنتهي الأزمة لان اطرافها تربطهم المصالح المشتركة.
ودعا البطش إلى إعادة الاعتبار إلى المقاومة للاحتلال وإعادة النظر في المؤسسات وواجباتها ووظائفها والتي أصبحت تشكل عبئا ماليا وإداريا على شعبنا كما طالب بتجديد هذه المؤسسات ووضع صيغ جديدة تتناسب مع المرحلة الحالية.
وشدد على أن الفلتان الأمني والفوضى يكمن داخل المؤسسة الأمنية وليس المقاومة والانتفاضة مشددا على أن الخروج من الأزمة يتمثل في الدخول في شراكة سياسية عبر إيجاد قيادة وطنية موحدة ذات برنامج متفق عليه ويضع أسس حقيقية للشراكة الفلسطينية،محذرا من ان بقاء الأمور على ما هي عليه ستؤدي إلى تراجع خطير في الواقع الفلسطيني لأن عوامل الصدام مازالت موجودة.
رباح/انسداد الافق السياسي وغياب التجديد هما السبب
من جانبه أشار مستشار الرئيس ياسر عرفات يحيى رباح الى أن هناك سببان للمأزق الفلسطيني أولهما انسداد الأفق السياسي الفلسطيني وهذا يجعل السفينة الفلسطينية تتوقف في عرض البحر، ويجعل راكبي السفينة يشتبكون مع بعضهم البعض لمحاولة الخروج من المازق بأشكال مختلفة مشددا على أن الجهد الفلسطيني يجب أن ينصب على فتح ثغرة في الجدار السياسي.
وأضاف رباح أن السبب الثاني يكمن في أن النظام السياسي الفلسطيني الذي كان وليدا شرعيا للنظام السياسي السابق لم يتغير وما زلنا نتمسك بالنظام القديم ولم نراع المتغيرات التي حدثت في العالم.
وطالب رباح بضرورة الإجابة على سؤال يتعلق بكيفية إدارة المقاومة مضيفا ان المقاومة هي نقيض للاحتلال وهي مشروعة ولا ينبغي أن نتساءل دائما هل نحن مع المقاومة أم مع الاستسلام وأشار إلى أننا بحاجة إلى إطار جديد وليكن القيادة الموحدة ولكن يجب أولا تحديد المهمة ثم نبحث لهذه المهمة عن الإطار القيادي والبرنامج السياسي المشترك، مضيفا أن علينا أن نتفق حول سبل فتح ثغرة في الأفق السياسي وعلينا أيضا أن نجدد النظام السياسي الفلسطيني بآلياته ومفاهيمه وآفاقه .
وفي مداخلة قصيرة له اعتبر نائب نقيب الصحافيين توفيق ابو خوصة ان الجميع يجب ان يعترف باننا فشلنا وان نتوقف عن المكابرة لان ما يحدث هو تخريب ممنهج لكل المؤسسات الفلسطينية تحت شعارات وهمية وكاذبة، ودعا ابو خوصة الى ضرورة مشاركة الجميع في اعادة تركيب الحالة الفلسطينية على اسس جديدة قائمة على اساس مراعاة مصالح الشعب الفلسطيني ومعالجة همومه وتلبية تطلعاته تواجه التحديات المفروضة علينا .
التعليقات