دعوات لاستقلال المؤسسة العسكرية وطنيا
الجيش العراقي الجديد احتفل اليوم بذكرى تأسيسه

أسامة مهدي من لندن : احتفل العراق اليوم بالذكرى الخامسة والثمانين لتاسيس جيشه الوطني في وقت تجري فيه عمليات مضنية لبناء جيش جديد على انقاض القديم الذي حله الحاكم الاميركي السابق للعراق بول بريمر ربيع 2003 في وقت اكدت قوى وشخصيات سياسية على ضرورة ابقاء المؤسسة العسكرية مستقلة بعيدة عن الانتماءات الطائفية والعرقية وتظل وطنية تقوم بمهمة تحقيق الامن والاستقرار والحفاظ عليهما بينما اشار حزب البعث المنحل الى ان مقاومة الاحتلال الاجنبي للعراق هي وليد متفرع عن الجيش العراقي وستستمر في منازلتها حتى تحرير العراق .
ففي بغداد اقيم استعراض عسكري بالمناسبة حضره قادة وحدات الجيش ومسؤولين من الحكومة وعوائل الشهداء كما وضع اكليل من الزهور على نصب الجندي المجهول في قوت يستعد فيه الجيش العراقي بتسلم العديد من المسؤوليات والمهام الامنية من القوات متعددة الجنسيات خلال العام الحالي . وقال مسؤول في وزارة الدفاع ان الوزارة وضعت خططا تحسبية لانسحاب مفاجئ للمتعددة الجنسيات من بعض المناطق موضحاً ان الدفاع وبالتعاون مع وزارة الداخلية وضعت خطة امنية لمدينة بغداد بعد ورود معلومات عن وجود سيارات مفخخة وانتحاريين وتضمنت الخطة انتشاراً لقوى الجيش والامن وتوسيع نقاط التفتيش في مدينة بغداد.

ويعتبر العراقيون جيشهم رمزاً وطنياً وشارك في العديد من المهمات الوطنية والقومية وبرغم ان النظام السابق قد انحرف بهذا الجيش عن هذه المهمات الا انه ظل عامل توحيد مهماً يجمع مختلف مكونات الشعب العراقي تحت ساريته . وقد مر الجيش العراقي الذي تأسس فس السادس من كانون الثاني (يناير) عام 1921 بثلاث مراحل تاريخية الاولى هي مرحلة تأسيسه ودفاعه عن الحدود العراقية ومساهماته في تحرير الأرض العربية في المعارك الكبرى منذ عام 1948 مرورا بحرب حزيران (يونيو) عام 1067 وحرب تشرين الاول (اكتوبر) عام 1973 ومرحلة النظام السابق وخوضه حروباً عدوانية ضد ابناء الشعب العراقي وضد الشعوب العربية والاسلامية المجاورة امتدت ثلاثة وعشرين عاما منذ عام 1980 تحول فيها الجيش إلى قوة موالية لمغامرات هذا النظام الدكتاتوري .. اما المرحلة الأخيرة فكانت مرحلة ما بعد السقوط وإعادة تشكيل هيكلته .

وقد صنعت هذه المراحل تاريخ الجيش العراقي حتى اصبح من أقوى الجيوش العربية وضم في اواخر ثمانينات القرن الماضي حوالي نصف مليون فرد.. ولكنه تحول في زمن لنظام الرئيس السابق صدام حسين إلى جيش فئوي سيطر حزب البعث على مقدراته واقارب صدام على قيادته فاصبح افراده مغلوب على امرهم لأنه محتكر من قبل عناصر يوجهها النظام لتكون هي صاحبة القرار .. قيادات جيش فئوية مقابل رواتب قليلة وشعور بالمهانة من قبل أغلبية الضباط لقلة من الضباط قليلي الكفاءة والنزاهة .

وحين سقط النظام السابق في التاسع من نيسان (ابريل) عام 2003 نتيجة تخلي ضباط وعناصر الجيش في الدفاع عنه اصدر الحاكم الاميركي المدني السابق للعراق بول بريمر قرارا غير مدروس في الثالث والعشرين من ايار (مايو) من العام نفسه بحل الجيش العراقي الامر الذي اصبحت معه البلاد بلا قوة تحمي امنها الداخلي وامن حدودها الخارجية فيما راى العراقيون انه كان من الافضل لمنتسب ذلك الجيش وللعراق وابنائه اقصاء قياداته المقربة من صدام والحفاظ على تشكيلاته وتسليحه بقيادة ضباط وطنيين لم يخونوا قضية شعبهم ووطنهم .

وبعد اشهر من حل الجيش القديم وانهيار الامن الوطني واختراق الحدود من قبل الارهابيين الذين تدفقوا على العراق بدات جهود مضنية لتأسيس جيش جديد الغي فيه نظام التكليف بانخراط كل مواطن يصل الثامنة عشرة من عمره في صفوفه وفتحت صنوفه للشباب المتطوعين برغبة لخدمة بلدهم بهدف بناء الجيش على أساس مشرف هو حماية الشعب وليس قمعه .

حقائق عن الجيش العراقي الجديد
تستهدف الجهود الرامية لبناء جيش عراقي جديد ايصال عدد افراده الى 200 الف متطوع سيقوم 18 لواء منه باستلام مهمة حماية الحدود من القوات المتعددة الجنسيات قريبا بعد ان يستكمل تشكيلاته وهو يقوم حاليا بمساعدة الشرطة في ملاحقة المجرمين العاديين والارهابيين .
ويقول الفريق اول بابكر الزيباري رئيس اركان الجيش العراقي ان الجيش سيتكون من اربعة اقسام : جيش عام يضم ثلاث فرق مقر الاولى في شمال غربي الموصل في منطقة كسك والاخرى في التاجي شمال بغداد والثالثة في النعمانية والقسم الاخر هو الحرس الوطني quot; الحدودquot; ويضم حوالي 18 لواء وقيادته موحدة مرتبطة بالوزارة مباشرة وهناك القوة البحرية ايضاً ومهمة هاتين القوتين مراقبة حدود العراق البحرية والبرية من التسلل وعمليات التهريب اضافة ان هناك قوة جوية ستكون مهامها استطلاعية مساندة للقوات البرية . وعن دور الجيش في تنفيذ قانون السلامة الوطنية quot; قانون الطوارئquot; وامكانية تدخله في المناطق الساخنة كالفلوجة وبعقوبة التي تشهد عمليات ارهابية كشف المسؤول العسكري عن انشاء غرفة عمليات مشتركة في بغداد للمساهمة في التدخل في مثل هذه المناطق quot; وعند حدوث ما يستدعي تدخل الجيش حيث تم توزيع وحدات منه في الموصل وبغداد ومناطق اخرى حسب الحاجة quot; .
وحول مستوى تجهيز الجيش الجديد بالاسلحة والمعدات قال ان الجيش العراقي يبدأ الان من الصفر في تكوين تشكيلاته واقسامه وهو حاليا يمتلك اسلحة بسيطة ودفاعية من بنادق وكلاشينكوفات وقذائف دوشكا وسيتم توفير طائرات خاصة له وتجهيزه بمختلف المعدات الضرورية من ملابس وأعتدة اضافة الى اعادة تأهيل المطارات حيث سيتم تشكيل تسع فرق عسكرية ستكون كافية للدفاع عن العراق وحماية حدوده والمساهمة في حفظ الامن .
واوضح الفريق اول زيباري ان الهيكل الاداري في وزارة الدفاع يضم 75% من المدنيين بما فيهم وزير الدفاع نفسه بينما يتمتع العسكريين بنسبة 25% وقال ان الهدف من ذلك هو الحيلولة دون انفراد العسكريين وكبار الضباط بالسيطرة على هذه المؤسسة الحساسة التي سبق ان تدخلت وبشكل سافر في شؤون الحكم وسيطرت على الوزارات العراقية المتعاقبة ونفذت الانقلابات العسكرية الى ان وصلت الى دروة ممارساتها هذه خلال حكم البعث الذي حولها الى اداة لقمع الشعب والاعتداء على الجيران . واشارالى انه يتم حاليا تاهيل كوادر الوزارة بزجها في دورات تاهيلية مكثفة خارج البلد سواء في اميريكا او بريطانيا او دول اوربية اخرى quot;بهدف ايجاد جيش وطني يكون ولاؤه خالصاً للوطن وليس لحزب معين او دكتاتور ويكون جيشا رحيما بالشعب ساهرا عليه خادما له لا اداة قمع وقسوة بيد السلطان quot;.

وكان رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي اعلن لدى بدء اعادة تشكيل الجيش الجديد العام الماضي ان دولة الامارات قدمت 130 مدرعة و600 سترة واقية من الرصاص مساعدة للجيش ووعدت حكومة الأردن التي قدمت 80 مدرعة بالمساعدة في تدريبه كما وافقت مصر على تقديم مدرعات للجيش الجديد .



وسيكون لدى قوة الدفاع الساحلي العراقية اسطول دوريات واحد مكون من خمس سفن وعشرة قوارب مطاطية، تسندها وحدة صغيرة من المشاة البحري.
كما ستتكون القوة الجوية العراقية من سرب مروحيات واحد من نوع Huey UH-1 وسرب نقل واحد من طائرات C-130 .

دعوات لابقاء الجيش مستقلا
هنأ رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) حاجم الحسني جميع ضباط ومنتسبي القوات المسلحة بمناسبة الذكرى الخامسة والثمانين quot;لتأسيس الجيش العراقي الباسلquot; معربا عن اعتزازه وتقديره العاليين quot;لمواقف وبطولات قواتنا البطلة بمختلف صنوفها وتشكيلاتها والتضحيات الكبيرة التي قدمتها من اجل الدفاع عن سيادة الوطن وحماية اراضيهquot; مشيرا الى ان تاريخ الجيش العراقي زاخر بالمواقف المشرفة منذ تأسيسه ولغاية الان وهي محط اعتزاز وفخر جميع العراقيين والمنصفين في العالم.
وشدد الحسني في تصريح ارسل الى quot;ايلافquot; اليوم اهمية الحفاظ على استقلالية المؤسسة العسكرية وتوجهاتها الوطنية مشيرا الى ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقها في المرحلة الحالية المعقدة والصعبة التي تمر بها البلاد والدور الكبير الذي تضطلع به في حفظ الامن واعادة النظام والاستقرار وحفظ ارواح الابرياء من العراقيين ودحر القوى المعادية للعراق. واكد quot;على ضرورة بناء قواتنا المسحلة بشكل علمي وفقا لاحدث البرامج والاساليب والقيم وتجهيزه بالمعدات والاسلحة المتطورة معبرا عن ثقته باستعادة الجيش العراقي لمكانته المرموقة بين جيوش العالمquot; متمنيا لضباط ومنتسبي quot;جيشنا البطل العز والخير والتقدم والحفظ من كل شر وان تتكلل جهودهم في محاربة الارهاب واعداء الوطن بالنجاح داعيا المولى عز وجل ان يعيد هذه المناسبة العزيزة والعراق يرفل بالحرية والامن والاستقرار والتطورquot;.

ومن جهته قال رئيس القائمة العراقية رئيس الوزراء اياد علاوي انه quot;تمر علينا في السادس من كانون الثاني 2006 الذكرى الخامسة والثمانون لتاسيس الجيش العراقي الباسل.. هذا الجيش الذي ولد من رحم الشعب ولخدمة الشعب والوطن ، ولم يكن جيشاً لصدام وانما جيشاً للعراقquot;.
واضاف في تصريح ارسل الى quot;ايلافquot; قائلا quot; اننا في هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا وفي هذه المرحلة التاريخية التي يمر بها بلدنا العزيز نتوجه بالتحية والتقدير الكبير لجيش العراق .. ابطال العراق الذين يذودون عن حمى الوطن ويضحون بانفسهم من اجل حماية الشعب وحدود العراق ومؤسسات الدولة العراقية... ونطالب بايجاد الحلول اللازمه والمنصفه وبضمن ذلك تأمين الرواتب للعاطلين والمتقاعدين وضمان اسرهم الكريمةquot;.
وتمنى علاوي للجيش الازدهار قائلا quot;حمى الله العراق وشعبه الصابر المجاهد وجيشه البطل وقواته الامنية الباسلة التي يجب ان تكون درعاً للوطن والشعب وليست لهذه الجهة أو تلك . نسأل الله تعالى ان يسود الامن والامان والازدهار ربوع العراق وان ينعم اهله بالخيرات والطمأنينةquot; .

دبابات الجيش الحديثة بيعت quot; خردة quot;

بعد انتهاء الحرب التي اطاحت بصدام حسين وحل الجيش القديم جرت في مناطق متفرقة من العراق عمليات تفكيك وبيع مئات الدبابات والمدافع والمركبات الحديثة التي تركها الجيش السابق في معسكرات قريبة من المدن بمليون دينار عراقي (700دولار) للواحدة . ومعظم هذه الاسلحة الثقيلة من انواع حديثة ومتطورة روسية الصنع بينها دبابات quot; تي.72quot; الشهيرة بقدرتها على القتال والمناورة ويزيد ثمن الواحدة منها على ربع مليون دولار كانت ضمن كتائب للدبابات هجرها قادتها وجنودها .

وفي منطقة quot; النهروان quot; الصحراوية شرق العاصمة وفي مدينة الصويرة جنوبها حيث توجد معسكرات سابقة ضخمة حشد الجيش العراقي عددا كبيرا من الدبابات قبل الحرب الاخيرة وتركها ضباط وجنود المعسكرات عند انسحابهم منها بعد الفوضى التي اعقبت الحرب ومثل هذا حدث في المئات من المعسكرات السابقة . وتؤكد المعلومات ان هذه الدبابات الروسية والمدافع السويسرية الحديثة بحالة جيدة وصالحة للاستخدام لكن عمليات تفكيكها جرت من خلال قيام مواطنين عاديين يسكنون بالقرب من المعسكرات بتقطيع اجزائها الى قطع صغيرة وبيعها quot; خردة quot; الى تجار الحديد مستخدمين الات القطع بالاوكسجين لتنفيذ مهمتهم التي تبدأ بنزع محركات الدبابات والعجلات وتقطيعها الى اجزاء مختلفة الحجم حيث بيع الطن الواحد من حديدها باربعين الف دينار وذلك في غياب اي رقابة من قبل قوات التحالف او الشرطة العراقية .

ويقول احد هؤلاء المواطنين quot; ان بيوتنا قريبة من مواقع وجود هذه الدبابات وبما ان الحاجة الى الحديد ماسة الان في العراق فقد سارعنا الى هناك لتقطيعها وبيعها quot; . ويشير الى ان هناك اشخاص يكتبون اسماءهم على الدبابات لحجزها لانفسهم من دون quot; سطو quot; اخرين عليها ريثما ينتهي من تقطيعها حيث كتب البعض اسماءهم على اكثر من عشر دبابات لكل واحد منهم . ويوضح ان الدبابة الواحدة تزن حوالي 30 طنا ولذلك فهي تباع باكثر قليل من مليون دينار ويقول انه كان يتم في البداية تفكيك اجزاء الدبابة بالعدد اليدوية ثم تقطع بالة الاوكسجين حيث يأتي تجار بشاحنات فيشترون هذه القطع ويحملونها الى خارج المعسكرات القديمة . واضاف ان بعض الشركات التركية والايرانية ارسلت شاحنات لشراء quot; خردة quot; هذه الاسلحة الثقيلة المتروكة لنقلها الى البلدين الجارين لاستخدامها في الصناعات الحديدية وقال ان هناك الاف الاطنان من الحديد من بقايا الدبابات والمدافع والعجلات اشتراها تجار وشركات محلية واجنبية .
ومعروف ان الجيش العراقي السابق الذي كان يعتبر الخامس بين جيوش العالم عددا وعتادا ظل يتسلح بالانتاج الروسي العسكري الامر الذي رتب على العراق ديونا لروسيا تبلغ قيمتها سبعة مليارات دولار مازالت موسكو تطالب بالمتبقي منها برغم انها اطفأت جزءا منها .

البعث يعتبر المقاومة وليد الجيش القديم
قال حزب البعث العراقي المنحل ان مقاومة الاحتلال الاميركي هي وليدة الجيش العراقي وستستمر في منازلتها حتى تحرير العراق من الاحتلال .
وقال الحزب في بيان له اليوم لمناسبة الذكرى 85 لتاسيس الجيش quot; هذا يوم الجيش الأغر، السادس من كانون الثاني... يوم العراق المقاوم الموحد ويوم العراقيين الشرفاء الأباة، يوم كان ولا زال مثلما هو للعراق كذلك لفلسطين والأمة العربية، يوم أراد منه البعث أن يكون دائما وأبدا يوم العراقيين العظيم تاريخا وحاضرا ومستقبلاquot; . واضاف quot; كل نشامى القوات المسلحة بمراتبهم وصنوفهم عنوان عزة وشرف وحرية ووحدة العراق، يبقى العنوان، مثلما هم رجال القوات المسلحة، عصيا على الاحتلال وعملائه... ينازلهم ويصول عليهم في معركة تحرير العراق وتدمير السلطة العميلة... لا يحل ولايستثنى... ولا يحل محله، مهما حاول الاحتلال وعملائه، ومهما تمنت quot;إسرائيلquot;، ومهما تآمرت أنظمة الخنوع والتبعية quot; .
وشدد الحزب على ان quot;كل المقاومة العراقية المسلحة هي الوليدة والمتفرعة من جيش العراق البطل، بعناوينه وأطره وصنوفه وأذرعه وتشكيلاته، بتجاربه وخبراته، بمعاركه وصولاته، في فلسطين والجولان وسيناء والقادسية وأم المعارك والصفحة الأولى من الحواسمquot; . وقال ان quot;الحواسم بمنازلتها الممتدة وصفحتها الجهادية المقاومة، يعيشها جيش وشعب العراق تجربة فذة سيؤشر لها العالم كله... هكذا دبرت وهيأت قيادة البعث وقيادة القوات المسلحة... فكان أن بدأت وامتدت وستستمر صفحة المنازلة الحالية حتى دحر الاحتلال وتحرير العراق... كاستهداف ستراتيجي في منهاج البعث المقاوم. هذه الصفحة المتوهجة باقتدار الفعل العراقي المقاوم، حيث جرد الاحتلال من تفوقه التقني والناري واللوجستي والاقتصادي، وحيث رد كيد الكائدين... فكان جيش العراق هو جيش الوطن والشعب وفلسطين والأمة، لا يحله ولا يلغيه ولا يعدل من عقيدته القتالية كائنا من كانquot;.