محمد الخامري من صنعاء : وصف الرئيس علي عبدالله صالح شجرة القات بأنها آفة اليمن وقال أنها تستهلك40 % من المياه التي قال أنها المشكلة الوحيدة التي تواجهها اليمن ، داعياً المزارعين إلى إتباع الإرشادات الزراعية لتقنين استخدام المياه من خلال الري المحوري أو التقطير ، لكنه استدرك في حديثه بان القات سلعة متداولة ومن الصعب منعها ، داعياً الآباء والأمهات إلى توعية الشباب بأن القات آفة والمفروض على الشباب الامتناع عنها وارتياد النوادي والمكتبات، والاستفادة من الوسائل الحديثة، منوهاً إلى أن المسألة بحاجة إلى جهد توعوي من قبل إمام الجامع، والمرشدين والعلماء.

يشار إلى أن عدد الآبار التي تم حفرها خلال الفترة 1990م- 1995م في حوض صنعاء فقط (9207) آبار إلى (10388) بئراً، كما تم حفر (2719) بئراً بعد 1995م ، حيث بلغت جملة الآبار (13425) بئراً منها (4937) بئراً، عاملة و (668) بئراً تعمل لفترات متقطعة و(772) بئراً تعمل بشكل مؤقت و(2.429) بئراً مهجورة و(1619) بئراً جفت مياهها.

وان الموارد المائية في اليمن تأتي من ثلاثة مصادر رئيسية وهي مياه الأمطار، والمياه السطحية والمياه الجوفية. أما المصدر الأول فهو متفاوت حيث يتأثر سقوط الأمطار بعدة عمليات ميتيرولوجية وإجمالاً تقول الأرقام إن الأمطار الهاطلة على اليمن حوالي 68 مليار متر مكعب سنوياً بينما متوسط العام السنوي للأمطار لا يتعدى 157 ملم، ويؤدي سقوطها الكثيف على مساحة أرضية محدودة وخلال فترة زمنية قصيرة إلى تحولها إلى فيضانات مباغتة تنحدر بسرعة خاطفة عبر مجاري الوديان حتى تصل إلى السهول المنبسطة المحاذية للسواحل البحرية أو الرسوبيات الصحراوية الواسعة.

ورغم شحتها كون اليمن تقع ضمن الامتداد الشمالي لنطاق الطقس الاستوائي الذي يسوده الجفاف وثلثا المساحة متناهية الجفاف والثلث الأخير يصنف كمنطقة قاحلة تتخللها بعض المناطق شبه القاحلة إلى شبه الرطبة ، فهي تهدر مياهه بشكل كبير ولا يستفاد منها كما يجب، وتذهب غالبيتها إلى البحر أو الصحراء إضافة إلى أن التبخر والناتح كمية الأمطار الهاطلة في معظم المناطق تبعاً لأحوال الطقس ودرجات الحرارة، التوسع في بناء السدود أحد الحلول، ولكن يجب أن تكون وفق خطة مدروسة حتى لا تتحول إلى كارثة بيئية وصحية أخرى ، فهذه السدود والحواجز المائية من شأنها أن تعمل على خزن مياه كثيرة لاستخدامات مختلفة وتسد ولو جزء من حاجة المجتمع من المياه كما أنها ستخفف من قوة المياه المتدفقة عبر الوديان والتي عادة ما تنتهي بكوارث من خلال جرف مدرجات جبلية وأراض زراعية واسعة مما يؤدي إلى تعميق المشكلة بأن تكون هذه الفيضانات أقوى في كل مرة وتجرف من التربة والمدرجات الزراعية المزيد.

المياه الجوفية أحد المصادر الهامة والموارد الأكثر استنزافاً وخطراً ووصلت العديد من الأحواض الجوفية إلى درجة الخطر وشارف بعضها مرحلة النضوب وهو أمر جد خطير فإنه يستنفد هذا المخزون الذي تكون عبر مئات بل وآلاف السنين خلال قرابة ثلاثة عقود فإنه الكارثة لا محالة ولا يستدعي ذلك وضع الاستراتيجيات والخطط الكفيلة بوضع حد لهذا التدهور بل وإعلان المياه الجوفية ثروة وطنية في طريقها للنضوب والاندثار، وبالتالي إعطاءها الوضع الكارثي المستلزم حمايته والحفاظ عليه بقانون يجعل من العابثين به في نطاق الخيانة للوطن وهل هناك أبشع من جريمة تحرِْم الحياة لشعب بكامله.
الغريب في الأمر ان هناك (14) حوضاً جوفياً للمياه تحتضنها الأرض اليمنية يتفرع بعضها إلى مناطق هيدروجولوجية متعددة تشترك في خصائص مائية معينة وتتميز عن بعضها بخصائص مائية أخرى وتوجد لبعضها في طبقة جيولوجية واحدة بينما توجد لبعض المناطق الأخرى في عدة طبقات جيولوجية وتشكل بعض هذه الطبقات خزانات ضيقة وقريبة من السطح بينما تكون الخزانات الأخرى أكثر اتساعاً وأكثر عمقاً تحت السطح.

الموارد المائية المخزونة في هذه الأحواض تقدر إجمالاً بحوالي (370ر10) مليار متر مكعب منها حوالي 1525 مليون متر مكعب مياه متجددة أي ما نسبته حوالي 02ر% من إجمالي موارد المياه الجوفية وهذا الرقم الأخير الضئيل يؤكد حجم المأساة لأن تجديد ما يتم سحبه سنوياً من المياه الجوفية لا يمكن استعادته بسهولة إذ قدرت كمية المياه الجوفية المستخدمة عام 1994م بنحو 8ر1 مليار متر مكعب مقارنة بتغذية سنوية تقدر بحوالي 1ر1 مليار متر مكعب أي أن السحب فاق التغذية بحوالي 7ر0 مليار متر مكعب ويقدر خبراء أنه في حال استمر هذا السحب من المياه الجوفية بهذا المعدل فسوف تجف هذه الموارد في غضون (50) عاماً.

عشر سنوات مضت على هذه التقديرات أي أنه لم يتبق سوى أربعين عاماً على الرغم من أن البعض يعتبر هذه التقديرات متفائلة بالنظر إلى حجم الاستنزاف والفجوة المائية المتزايدة وغياب الآلية المحكمة لوقف ذلك فإذا كانت الفجوة المائية أي بين الموارد المستنزفة والمتجددة تقدر بـ(700) مليون متر مكعب منتصف التسعينيات وتم تغطيتها من المخزون المائي الاستراتيجية فإن التوسع في حفر الآبار وزيادة الضغوط على المياه الجوفية لا يترك مجالاً للتفاؤل.
ووفقاً لتقرير حالة البيئة لعام 2001م فإن هناك أحواضاً مائية ومناطق هيدوجيولوجية قد وصلت في الوقت الراهن إلى مرحلة حرجة في وضعها المائي استدلالاً على السحب الاستنزافي من هذه المواد ومعدلات انخفاض منسوب المياه الجوفية في هذه الخزانات وفي مقدمتها حوض صنعاء الذي يصل صافي السحب من موارده إلى 182 مليون متر مكعب في العام مقابل تغذية طبيعية لا تتجاوز (52) مليون متر مكعب في العام أي بنسبة (350%) حيث ينخفض منسوب المياه فيه بين (6-8) أمتار في العام ، يليه منطقة صعدة حيث يسحب من مخزونها الاستراتيجي بحدود (65) مليون متر مكعب في العام مقابل تغذية طبيعية لا تتعدى (5ر6) مليون متر مكعب أي بمعدل 1000% وينخفض المنسوب بين (4-6) أمتار في العام ويأتي حوض تعز في المرتبة الثالثة من حيث الوضع الحرج حيث يتم سحب كميات من المياه الجوفية تتجاوز معدل التغذية الطبيعية بمعدل يصل إى (210%) ويتناقص منسوب المياه الجوفية في هذا الحوض بمعدل (2-6) أمتار كل عام.

وبعدها تأتي مناطق رداع التي ينخفض فيها منسوب المياه الجوفية بمعدل (5-7) أمتار في العام ثم تليها منطقتا مور ورماع في زبيد بانخفاض سنوي لمنسوب المياه معدله (1-3) أمتار في العام ومنطقة عمران - عطاف بانخفاض سنوي معدله ثلاثة أمتار في العام.. بينما تشير دراسات حديثة إلى أن حوض ذمار - انضم كذلك خلال السنوات الأخيرة إلى القائمة الحرجة للأحواض المائية بانخفاض يصل إلى مترين في أحسن الأحوال.

هناك مناطق وأحواض مائية أخرى تقف في طابور الاستنزاف والسحب غير المتوازن مع الموارد المائية المتاحة والمتجددة مثل منطقة بيحان ومنطقة مأرب ومنطقة المكلا - فوه ومناطق أخرى لا تزال علامات الاستفهام تحيط بمستقبل الوضع المائي فيها حتى أن حوض حضرموت الممتد على مساحة المحافظة ورملة السبعتين في الجزء الجنوبي الشرقي الذي أشارت الدراسات إلى أنه يمتلك مخزوناً هائلاً يقدر حوالي 10 آلاف مليار متر مكعب أي ما نسبته (4ر96%) من إجمالي المياه الجوفية المخزونة ، هذا الحوض بدأت تتسلل إليه أيدي العبث عبر التوسع في حفر الآبار العشوائية واحتمالات تلوثه من جراء عمليات استــكشاف وإنتاج النفط.