أسامة مهدي من لندن : قالت الحكومة العراقية ان الارقام التي اعلنتها دراسة اميركية حول مقتل 665 الف عراقي منذ الحرب في العراق عام 2003 مبالغ فيها وتزيد بصورة غير معقوله عن الواقع .. وهو نفي يتفق مع ماصرح به الرئيس الاميركي جورج بوش وقائد القوات المتعددة الجنسيات في العراق جورج كيسي اللذين اكدا ان هذا الرقم يفتقد الى الكثير من المصداقية مقدرين عدد الضحايا بين 30 و50 الف .
فقد نفى الدكتور علي الدباغ الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية الارقام التي اعلنها تقرير أصدره باحثون أميركيون وعراقيون مستقلون وأفاد بأن 655 ألف عراقي قتلوا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع صدام حسين عام 2003 وقال ان الارقام التي تضمنها التقريرquot;تزيد بصورة غير معقولة عن الواقع وتعطي ارقاما مضخمة بطريقة تخالف أبسط قواعد التحري والدقة المطلوبة من قبل معاهد أبحاث يُفترض فيها ان تكون رصينة وتحترم القراءquot;.
واكد الدباغ في تصريح صحافي وزع على الصحافيين اليوم ان الحكومة تقوم بما هو مطلوب في مواجهة الهجوم الأرهابي والدفاع عن المواطن العراقي قائلاً quot;إننا في الوقت الذي نواجه فيه هجمة ارهابية في العراق تستهدف المواطن العراقي نؤكد بأن هذه الارقام بعيدة كل البعد عن الحقيقة والحكومة العراقية تجهد في ان تحمي المواطن العراقي من قوى الارهاب التي تستهدفهquot;. وشدد quot;على ضرورة ان تتحرى المؤسسات والمعاهد معايير من الدقة والشفافية في أبحاثها خصوصا في ما يخص أعداد الضحايا والمدنيين.
وفي واشنطن قال الرئيس الأميركي جورج بوش في تعليق له أعلم أن الكثير من الأبرياء قضوا ويؤلمني ذلك ويحزنني إلا أنه أضاف أنه وكبار مستشاريه يعتقدون أن الطريقة التي أجريت بها الدراسة تفتقر إلى الكثير من المصداقية. وقدّر بوش عدد العراقيين الذين قتلوا بحوالي 30 ألف شخص .
ومن جانبه اعتبر قائد القوات المتعددة الجنسية في العراق الجنرال الأميركي جورج كايسي أن ما جاء في الدراسة الأميركية لا يتمتع بالصدقية. وقال خلال مؤتمر صحافي في واشنطن إن هذا الرقم 650 ألفا يبدو أكبر من الأرقام التي رأيتها لم أر رقما أكبر من خمسين ألفا وكذلك لا أعطي أية صدقية على الإطلاق لهذه الدراسة.
لكن احد المشرفين على الدراسة دافع عن الأرقام الواردة فيها مؤكدا دقة الطرق التي نفذت فيها الدراسة والتي جاءت على وفق الأساليب العلمية التي يعتمدها الباحثون.
وقال الطبيب والباحث جيلبيرت برنام من جامعة جونز هوبكنز في مؤتمر صحفي إن الطريقة التي استندت لها الدراسة في إحصاءاتها هي الطريقة التقليدية التي تعتمد في الدول النامية لمسوح مرض نقص المناعة المكتسب وغيره من القضايا الصحية الملّحة. وأوضح أن 87 في المائة من المقابلات نفذّت في العراق حيث قام الباحثون بطلب وثائق الوفيات كما أن نسبة 92 في المائة من الأشخاص استطاعوا توفير الوثائق المعنية عندما طلب منهم ذلك.
وأضاف أنه خلال المقابلات ظهرت نسبة 13 في المائة من المرات التي نسي فيها الباحثون طلب وثائق وفيات.
وقال الباحث أن فاصل الثقة للمعلومات تعني أن الوفيات تتراوح بين 400 إلى 900 ألف ضحية مضيفا أنه في حال ظهور أن الرقم الحقيقي هو أقل من 650 ألف فإنه لن يتفاجأ إلا أنه حتى لو كان عند مستوى الـ500 ألف قتيل فإنه سيكون مازال عند المستوى الذي تم توقعه.
وألمح إلى أن على وسائل الإعلام عدم التركيز كثيرا على الرقم الموضوع عند 655 ألف قتيل عراقي. وأكد أن 31 في المائة من المقابلات نسبها منفذو المقابلات إلى قوات التحالف كما أن الأرقام التي جاءت في الدراسة لا تشمل إجابات الأسر العراقية المشككة بعامل الوفاة وما إذا كانت نتيجة أعمال عدائية من قوات التحالف. إلا أن الباحث شدد أن معظم الوفيات جاءت نتيجة إطلاق النار كما أن السيارات المفخخة والمواد المتفجرة شكلت عاملا بارزا أيضا.
وحول مسألة رفض وزارة الصحة العراقية نتيجة الدراسة وتشكيكها بالرقم المعطى وان ارقام الضحايا هي أقل من ذلك بكثير قال برنام إن وسائل تجميع المعلومات والبيانات لدى الحكومة العراقية هي غير فعالة في الوقت الراهن.
ودلت الدراسة التي أنجزتها مجموعة من جامعة جونز هوبكنز الأميركية بمساعدة باحثين بجامعة بغداد وتنشرها مجلة لانسيت البريطانية اليوم أن واحدا من بين كل أربعين عراقيا قتلوا نتيجة النزاع بالعراق وذلك بعد دراسة معدل الوفيات منذ فترة ما قبل الغزو في آذار 2003 حتى حزيران 2006.
وكانت التقديرات السابقة لهذه المجلة الطبية ذكرت في تقرير لها نشر في تشرين الأول(اكتوبر) عام 2004 أن مائة ألف مدني من العراقيين قتلوا بمسائل مرتبطة بالحرب بين آذار(مارس) عام 2003 و أيلول (سبتمبر) عام 2004. واوضح معدوا الدراسة أن أعداد الذين قتلوا بالعراق واصلت الارتفاع وأن 601 ألف من أصل 655 ألف قتيل سقطوا في أعمال عنف. كما أدى إطلاق نار إلى سقوط حوالي 56% من القتلى بأعمال عنف وحملت الدراسة قوات التحالف مسؤولية 31% من القتلى بهذه المجموعة.
وارتفع معدل الوفيات من 5.5 لكل ألف نسمة سنويا قبل الغزو الأميركي إلى 13.3 لكل ألف خلال فترة الاحتلال وأكد معدو التقرير أن ارتفاعا كهذا يتطلب مساعدة إنسانية عاجلة.
ويرى معدو التقرير أن معدل الوفيات المذكور قد يبدو عاديا بزمن الحرب لكن مدة هذا النزاع الدولي إلى جانب العدد الكبير للسكان المتضررين (يبلغ عدد سكان العراق 27 مليون نسمة) جعلا منه أحد أخطر النزاعات في القرنين العشرين والحادي والعشرين .
التعليقات